راية على مقربة من سقف العالم.. هل وصل نسيم حشايشي حقًا إلى قمة إيفرست؟

أثار إعلان المتسلّق الجزائري نسيم حشايشي عن بلوغه قمة جبل إيفرست، أعلى قمة في العالم، موجة من التهاني والاحتفاء في الجزائر، قبل أن تنقلب الرواية إلى جدل واسع، عقب نشر تقارير دولية تشكّك في صحة هذا الإنجاز.

نسيم حشايشي: بالنسبة لي، لقد نجحت لأنني وصلت إلى 99٪ من الهدف

في أوائل شهر جوان، نشر حشايشي مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، مدعيًا أنه التُقط من على ارتفاع 8.850 مترًا، حيث ظهر وهو يرفع العلم الجزائري، في ما بدا أنه توثيق للحظة وصوله إلى "سقف العالم". 

وسرعان ما انتشرت هذه الصور والمقاطع على وسائل الإعلام المحلية، التي تبنّت الرواية دون تدقيق، في أجواء احتفالية وصفت ما حدث بـ"الإنجاز التاريخي".

لكن بعد أيام، نشرت منصة Everest Chronicle، وهي وسيلة إعلامية مختصة في متابعة أخبار التسلق بمنطقة الهيمالايا، تقريرًا يُفنّد ما جاء في إعلان المتسلق الجزائري، مستندة إلى شهادات المنظم الرسمي للبعثة، شركة 8K Expeditions، وإلى خبراء تسلق جبال أكدوا أن حشايشي لم يصل إلى القمة.

توقف عند ممر هيلاري

وفقًا لما نقله التقرير عن لاكبا شيربا، صاحب الشركة المنظمة للبعثة، فإن نسيم حشايشي توقف على ارتفاع 8.790 مترًا، وتحديدًا عند نقطة تُعرف باسم "ممر هيلاري"، أي على بُعد نحو 60 مترًا عموديًا فقط من القمة، وذلك بسبب تدهور مفاجئ في الأحوال الجوية.

وأكد شيربا أن حشايشي "متسلق ممتاز، لكنه لم يبلغ القمة"، مشيرًا إلى أنه لا يُدرج ضمن القائمة الرسمية للمتسلقين الذين بلغوا قمة إيفرست هذا الموسم.

من جهته، قال يوجيندرا تامانغ، المدير العام لشركة Peak 15 Adventure، إن الفيديو الذي نشره المتسلّق الجزائري "لا يبدو أنه من القمة"، مشيرًا إلى غياب العلامات المميزة التي تُثبت الوجود على قمة إيفرست، مثل اللوحة المعدنية أو زاوية التصوير المعهودة.

 حشايشي: بلغت 99٪ من الهدف

في ردّ مقتضب على إنستغرام، أقر نسيم حشايشي بأنه لم يصل إلى القمة النهائية، بل توقف على بُعد 100 متر منها، لكنه اعتبر أن ما حققه يُعد "نجاحًا شخصيًا"، قائلاً: "بالنسبة لي، لقد نجحت لأنني وصلت إلى 99٪ من الهدف".

وألقى حشايشي باللوم على المرشد المحلي (الشيربا)، معتبرًا أن فشل الصعود يعود إلى "قنينة أكسجين معطوبة"، رغم تأكيده أنه كان في "لياقة بدنية جيدة" حتى في ظل الظروف الجوية الصعبة.

إنجاز ناقص.. ولكن؟

بصرف النظر عن حقيقة الوصول الكامل إلى القمة من عدمه، يبقى ما حققه المتسلّق الجزائري محاولة شجاعة في ظروف قاسية، تستحق التقدير من حيث الجهد والمخاطرة، لكنها لا تبرر، وفق كثير من المتابعين، تقديم الأمر على أنه "نجاح تام".

ويفتح هذا الجدل الباب أمام تساؤلات أوسع:هل نحن، في الإعلام والمجتمع، نميل إلى تصديق "الرواية الجميلة" أكثر من سعينا للتحقق من الوقائع؟ وهل باتت الإنجازات تُقاس بعدد المشاهدات واللايكات، لا بخطوات التسلّق الحقيقية؟