ربيع الفول في الجزائر.. مُتعة المذاق وحسابات غذائية صحية

مع فصل الربيع؛ يستقبِل الجزائريون طبق الفُول بحفاوة، فهو يتربّع على الموائد كأهمّ مٌكوّنات الأطباق التقليدية الشهية، إذ يجمع بين لذّة المذاق وفوائد غذائية، فماهي أبرز العناصر التي تجعل الفُول مُفيداً للصحة؟ 

الفول يدخل في تكوين العديد من الأطباق التقليدية مما يُعزّز حضوره في الثقافة الغذائية الجزائرية على مدار السنة

يحتلّ الفُول مكانة مرمُوقة في المطبخ الجزائري، خاصة خلال فصل الربيع، حيث يزداد الإقبال عليه لمذاقه الشهي وسعره المُناسب لمختلف الشرائح الاجتماعية. 

ويُستخدم الفول في تحضير أطباق تقليدية شهيرة مثل "المسفوف" و"التبيخة"، بالإضافة إلى استهلاكه طازجًا أو مطبوخًا بطرق متنوعة.

يُعتبر الفول من المحاصيل الزراعية الهامة في الجزائر، خاصة في المناطق الريفية، حيث يساهم في تحقيق الأمن الغذائي. 

ويُوضّح الأستاذ المتقاعد دحدوح عبد الحفيظ، الفلاح الهاوي، أنّ زراعة الفول سهلة ومردودها جيد، كما أنّها جزء من التراث الفلاحي والعادات المحلية. فالفول يدخل في تركيب العديد من الأطباق التقليدية المستهلكة على مدار العام، مما يُعزّز حضوره في الثقافة الغذائية الجزائرية، بالإضافة إلى دوره في التنوع الزراعي وتحسين خصوبة التربة، نظراً لقدرته على تثبيت الآزوت، وهو ما يجعله خياراً مفضلاً لدى الكثير من الفلاحين.

وعلى الصعيد الاجتماعي، يشير الأستاذ إلى أنّ زراعة الفول تعزز الروابط بين سكان الريف من خلال تبادل البذور والمعارف والتعاون في مراحل الإنتاج. كما أن توفره بأسعار معقولة في الأسواق الشعبية يجعله مصدرًا بروتينيًا نباتيًا في متناول الجميع.

نظرة عامة على الفوائد والأضرار

يُنظر إلى الفول عمومًا كغذاء مفيد لغناه بالبروتينات النباتية، والألياف، والفيتامينات، والمعادن الأساسية. 

ومع ذلك، يحمل استهلاكه جوانب صحية سلبية، خاصة بالنسبة لبعض الفئات. وعلى الرّغم من قيمته الغذائية، قد يكون الفول سببًا في ظهور أو تفاقم مشكلات صحية متنوعة.

يؤكد الدكتور جلواجي بلقاسم، المختص في الصحة العامة، لـ" الترا جزائر" أنّ الفول يعتبر من أبرز البقوليات الغنية بالعناصر الغذائية الضرورية لصحة الإنسان، فهو ليس مُجرّد مُكوّن تقليدي في المطبخ الجزائري، بل غذاء متكامل يمكن إدراجه في نظام غذائي صحي ومتوازن.

يحتوي الفول على نسبة عالية من الألياف التي تساهم في خفض الكولسترول الضار، وبالتالي الوقاية من أمراض القلب وتصلب الشرايين، كما يوضّح الدكتور بلقاسم. 

كما يُساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم بفضل مؤشره الغلايسيمي المنخفض والألياف القابلة للذوبان التي تبطئ امتصاص السكر.

وفي السياق؛ يُشير الدكتور إلى أنّ الفول يساعد في الوقاية من السمنة لأنه يمنح شعورًا بالشبع لفترة طويلة. كما أنه مصدر هام لحمض الفوليك الضروري لصحة القلب والأوعية الدموية والوقاية من العيوب الخلقية لدى الأجنة، مما يجعله خيارًا ممتازًا للحوامل.

يلفت الطبيب إلى أنّ الفول يتميز بخصائص تطهيرية للجهاز الهضمي، حيث يحسن الهضم ويعزز صحة الأمعاء بفضل الألياف غير القابلة للذوبان. 

كما يدعم الجهاز المناعي ويحافظ على صحة الكلى لخواصه المدرة للبول ومحتواه المعدني المتوازن.

بالرغم من فوائده الغذائية، يحذّر المختص من أن استهلاك الفول قد ينطوي على بعض الأضرار والمخاطر الصحية، حيث يعتبر ثقيلاً على الجهاز الهضمي، خاصة عند تناوله بكميات كبيرة أو غير مطبوخ جيدًا، مما يسبب عسر الهضم والغازات والانتفاخ.

غير مناسب في هذه الحالات

يؤكد الدكتور أنّ الفول غير مناسب للأشخاص الذين يعانون من النحافة لأنه يسبب الشبع السريع، كما يُنصح مرضى النقرس بتجنبه أو الحد منه لاحتوائه على مركبات قد ترفع حمض اليوريك في الدم وتفاقم نوبات المرض.

التحذير الأهم يتعلق بمرض "الفوال"، وهو حساسية وراثية ناتجة عن نقص إنزيم G6PD. تناول الفول في هذه الحالة قد يؤدي إلى تحلل خطير في خلايا الدم الحمراء وفقر دم حاد يستدعي تدخلًا طبيًا عاجلاً.

كما أضاف أنّ الفول يساهم في تنظيم مستويات السكر في الدم، ما يجعله خيارًا غذائيًا آمناً وفعالاً لمرضى السكري أو أولئك المعرضين للإصابة به، نظراً لانخفاض مؤشره الغلايسيمي. ويؤدي احتواؤه على الألياف القابلة للذوبان إلى إبطاء امتصاص السكر في الأمعاء، مما يساعد على الحفاظ على مستويات مستقرة للغلوكوز.

الفلاح دحدوح عبد الحفيظ لـ" الترا جزائر": يساهم الفول في التنوع الزراعي وتحسين خصوبة التربة، نظراً لقدرته على تثبيت الآزوت، وهو ما يجعله خياراً مفضلاً لدى الكثير من الفلاحين

ورغم ما سبق، أشار الدكتور إلى أنّ الفول يُساعد على الوقاية من السمنة، كونه طعاماً مشبعاً يمنح الإحساس بالامتلاء والشبع لفترة طويلة، مما يقلّل من الحاجة إلى تناول كميات كبيرة من الطعام أو اللجوء إلى وجبات خفيفة غير صحية بين الوجبات الرئيسية.

ويُعدّ حمض الفوليك من أبرز المركبات الحيوية المتوفرة في الفول، وهو ضروري لصحة الجهاز القلبي الوعائي، كما يلعب دورًا أساسيًا في الوقاية من العيوب الخلقية لدى الأجنة، مما يجعله خياراً ممتازاً ضمن النظام الغذائي للنساء الحوامل، لا سيما خلال الأشهر الأولى من الحمل.

 ولفت الطبيب إلى أن الفول يتميز بخصائص تطهيرية مفيدة للجهاز الهضمي، إذ يُسهم في تحسين عملية الهضم وتعزيز صحة الأمعاء بفضل احتوائه على ألياف غير قابلة للذوبان. كما يوفّر دعماً مهماً للجهاز المناعي، ويساعد في الحفاظ على صحة الكلى نظراً لخواصه المدرة للبول ومحتواه المعدني المتوازن.

أضرار الفول و مخاطره الصحية المحتملة

رغم ما يحمله الفول من فوائد غذائية هامة، إلا أنّ استهلاكه لا يخلو من بعض الأضرار والمخاطر الصحية.

وفي هذا السياق، أوضح المختص أنّ الفول يمكن أن يكون سببًا في ظهور اضطرابات صحية متفاوتة الخطورة.  الفول يُعد من الأطعمة الثقيلة على الجهاز الهضمي، وخاصة عند تناوله بكميات كبيرة أو من دون طهو جيد،

الدكتور جلواجي بلقاسم لـ" الترا جزائر": الفول يعتبر من أبرز البقوليات الغنية بالعناصر الغذائية الضرورية لصحة الإنسان، وغذاء متكامل يمكن إدراجه في نظام غذائي صحي ومتوازن

 ويتسبّب في عُسر الهضم، الشعور بالثقل، الغازات، والانتفاخات، وهي أعراض تزداد حدتها لدى الأشخاص الذين يعانون من القولون العصبي أو حساسية الجهاز الهضمي. 

وفيما يتعلق بحالات التغذية الخاصة، أكد الدكتور أنّ الفول ليس غذاءً مناسبًا للأشخاص الذين يعانون من النحافة، حيث يُسبب الشبع بسرعة بسبب محتواه العالي من الألياف والبروتينات، حتى عند تناوله بكميات صغيرة، مما قد يُعيق تحقيق التوازن الغذائي الضروري لزيادة الوزن.

ولمرضى النّقرس، يُمثّل الفول أحد الأطعمة التي يُنصح بتجنبها أو الحد منها، نظراً لاحتوائه على كميات معتبرة من الحديد وحمض الفوليك، مما قد يرفع من نسبة حمض اليوريك في الدم، ويُفاقم من نوبات الألم والتورم المرتبطة بهذا المرض المزمن.

أما التحذير الأهم، فيتعلق بالأشخاص المصابين بمرض يُعرف بـ"الفوال"،  وهو نوع من التحسس الوراثي المرتبط بنقص إنزيم G6PD(الجلوكوز-6-فوسفات ديهيدروجيناز). وفي هذه الحالة، يمكن أن يؤدي تناول الفول إلى تحلل مفاجئ وخطير في كريات الدم الحمراء، ممّا يتسبب في فقر دم حاد قد يصاحبه شحوب، اصفرار، ضيق في التنفس، وتسارع في ضربات القلب، وهي أعراض تستوجب تدخلاً طبياً عاجلاً قد يصل إلى ضرورة نقل الدم.

توصيات غذائية للاستفادة من الفول 

يُشدّد الدكتور جلاوجي على أهمية الاعتدال في تناول الفول ودمجه مع خضروات متنوعة لتسهيل الهضم وتعزيز القيمة الغذائية، مشيراً إلى أن التغذية المتوازنة تقوم على التنويع والكميات المدروسة. 

يحتوي الفول على نسبة عالية من الألياف التي تساهم في خفض الكولسترول الضار، وبالتالي الوقاية من أمراض القلب وتصلب الشرايين

فالفول، وإن كان يُعدّ غذاءً غنيًا بالعناصر المفيدة، إلا أنّ تناوله بكميات مفرطة قد يُؤدي إلى مشاكل صحية خاصة لدى الفئات الحساسة.

كما نصح بضرورة دمج الفول ضمن وجبات تحتوي على خضروات متنوعة مثل الجزر، السبانخ، الطماطم أو السلطة الخضراء، وذلك لتعزيز القيمة الغذائية للوجبة من جهة، وتسهيل عملية الهضم من جهة أخرى.

وبالإضافة إلى تقليل تأثيراته السلبية مثل الانتفاخ وعسر الهضم؛ يُفضل القيام بطهي الفُول جيداً، مع تفادي استهلاكه بشكل مُفرط في وجبة واحدة، خاصة في المواسم التي يكثر فيها تحضيره كوجبة رئيسية.