05-نوفمبر-2020

نا علجية خلال مظاهرة بباريس (أ.ف.ب)

توقّع كثيرون أن ترحل مهاري علجيّة المعروفة بنّا علجيّة (1931 _ 2020)، مفجوعةً على وحيدها المغنّي معطوب الونّاس الذّي اغتيل عام 1998؛ فقد كان يمثّل لها بصيص أمل مع شقيقته مليكة، بعد رحيل أبيهما مبكّرًا، وقبله استشهاد والدها وجدّها في ثورة التّحرير، لكنّها استطاعت أن تقاوم الفقد، وتتماسك اثنتين وعشرين سنةً أخرى.

كانت جنازة معطوب واحدةً من أكبر الجنائز التّي عرفتها الجزائر

كانت جنازة معطوب واحدةً من أكبر الجنائز التّي عرفتها الجزائر. وبقي معجبوه وحاملو أفكاره القائمة على دمقرطة الحياة السّياسيّة الجزائريّة، في إطار الوحدة الوطنيّة، يتوافدون على قبره، فكانت تستمدّ من ذلك القوّة والصّبر والعزاء. هي التّي كبرت على التّصالح مع واقع أنّ والدها الشّهيد تحوّل إلى فكرة، وكذلك أصبح ولدها.

اقرأ/ي أيضًا: ملعب تيزي وزو الجديد.. هل سيحمل اسم معطوب الوناس؟

جعلت هذه القناعة نّا علجيّة لا تلجأ إلى الدّموع في رثاء وحيدها المغدور، بل إلى الغناء لنفسها. وهو ذاته اعترف في كتابه "المتمرّد" أنّها تملك صوتًا أفضل من صوته. وقد أظهرتها بعض الصّور تشاركه بعض المقاطع.

باتت نّا علجيّة ترى في كلّ شابّ جزائريّ يزورها ولدَها الونّاس، وفي كلّ فتاةٍ ابنتَها مليكة خرّيجة الحقوق التّي تولّت الحفاظ على إرث شقيقها، من خلال إطلاقها مؤسّسةً تحمل اسمه.

تؤكّد القاصّة والإعلاميّة فايزة مصطفى هذه الحقيقة بالقول إنّها شعرت بأمومة طافحة؛ حين انحنت لتقبّل رأس نّا علجيّة؛ "إذ رأيت فيها أيقونةً للصّبر والمقاومة والصّمود والوفاء للمبادئ والأصول".

وينسب الإعلاميّ إدير دحماني هذه الرّوح إلى كون نّا علجيّة ابنة الجبل، التّي أدركت منذ صباها وبالسليقة أنّ الحياة ليست يسيرةً، "وأنّها في جبال القبائل هي أصعب من أيّ مكان آخر. لقد كانت قريتها مثل منطقة القبائل برمّتها ساحةً للثّورة. ففقدت شهداء من عائلتها في مقتبل العمر وصبرت".

فرحت نّا علجيّة مرّتين، يقول محدّث "الترا جزائر"، عندما زوّجت نجلها. إذ  كان العرس بهيجًا، وكان الزّواج بجميلة ثمرة قصّة حبٍّ تناقلها سكّان القبائل، مثل حكاية عنترة وعبلة، وقد غنّاها الونّاس في أكثر من قصيدة. وفرحت عندما تخرّجت ابنتها مليكة من جامعة الحقوق".

من جهته، يقول النّاشط الثّقافيّ والطّالب الجامعيّ ياسين بن مجدوب، إنّ نّا علجيّة كانت ستبقى في الظّل، مثل ملايين النّساء الجزائريّات، لولا كونها والدة ورفيقة أسطورة الغناء والنّضال الأمازيغيّ معطوب الونّاس؛ "لكنّها أحسنت تسيير صورتها بذكاء وانسجام، بعده، بحيث باتت أمًّا لكلّ الأحرار في الجزائر".

ويسأل محدّث "الترا جزائر": "لقد رافقت عمليّةَ اغتيال معطوب محاولات للمتاجرة بدمه، قصد ضرب الاستقرار العامّ، وتعزيز النّبرة الانفصاليّة. فهل أعطت نّا علجيّة فرصة لتلك الأصوات، وهي الأمّ المفجوعة في وحيدها؟". يجيب: "كلّ ما فعلته وأصرّت عليه هو معرفة حقيقة اغتياله وهذا من حقّها".

ظهر الاحترام الجمّ الذّي يكنّه الجزائريّون لنّا علجيّة من خلال تفاعلهم مع خبر وفاتها 

ظهر الاحترام الجمّ الذّي يكنّه الجزائريّون لنّا علجيّة، من خلال تفاعلهم مع خبر وفاتها الذّي تناقلته عدّة مواقع، الخميس، منها صفحة فريق شبيبة القبائل، عن عمر ناهز 89 عامًا، واصفين إياها بالمرأة القويّة التّي يساوي وزنها بارودًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في ذكرى اغتياله الـ 22.. من قتل معطوب الوناس؟

أمزيك.. ثلاثي الأغنية القبائلية المعاصرة