تباينت ردود الفعل الخارجية التي أعقبت إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وفوز عبد المجيد تبون بكرسي الرجل الأوّل في الجزائر، بين رؤساء دول غربية يطالبون الوافد الجديد إلى قصر المرادية، بالاستماع للحراك الشعبي والعمل على ضمان المصالح المشتركة بين الطرفين، وبين عرب يهنئون ويتطلّعون لتعزيز العلاقات مع الجزائر.
ركّزت روسيا في تعليقها على فوز تبون على دعم علاقات الصداقة مع أبرز زبائنها في مجال السلاح
ورغم عدم استلامه مهام رئيس الجمهورية رسميًا، إلا أن التفاعل الدولي مع فوز تبون كان سريعًا، وجاء فور الكشف عن النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع.
اقرأ/ي أيضًا: هل سيكون عبد المجيد تبون الرئيس القادم؟
تدخل فرنسي؟
أوّل ردود الفعل الدولية التي أثارت الجدل، كانت من طرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لطالما اتسمت علاقات بلاده بالجزائر بالتقلّب والتوتّر.
وامتنع ماكرون في مؤتمر صحافي ببروكسل، عن تهنئة الرئيس الجديد للجزائر، واكتفى بالقول: "أخذت علمًا بالإعلان الرسمي عن فوز السيد تبون بالانتخابات الرئاسية في الجزائر من الجولة الأولى، مثلما تعلمون أتابع بانتباهٍ كبير الوضع في الجزائر وتطلعات الشعب الجزائري التي يعبّر عنها بمسؤولية كبيرة وبطريقة حضارية وباحترام منذ أشهر".
وأضاف ماكرون "لا أستطيع من موقعي هذا أن أعلق عمّا يجري أو أن أوزّع نقاطًا سلبية أو إيجابية أو أن أقدّم تكهنات، كل ما أتمنّاه أن تلقى تطلعات الجزائريين جوابًا في الحوار الذي يجب أن يفتح بين السلطات والمواطنين، ويعود ذلك للجزائريين في إيجاد طرق ضمن حوار ديمقراطي". وتابع ماكرون قائلًا، إن بلاده تقف إلى جانب الجزائريين في هذه "المرحلة الحاسمة" من تاريخهم.
ورغم حرصها على عدم التعليق عمّا يحدث في الجزائر من حراك، لم تسلم باريس من انتقادات لاذعة خلال مسيرات الحراك الجزائري يومي الجمعة والثلاثاء، بالنظر إلى علاقاتها الوطيدة بنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
كما سوّق صانع القرار الجديد في الجزائر، على الأقلّ ظاهريًا، في خطاباته لمحاولة محو التمدّد الفرنسي في مستعمراته السابقة، وذلك بالتلميحات المتكرّرة لرئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح، حول علاقة باريس بدعم النظام السابق وبقاياه، وكذا دعم فريق تغلغل في الحراك الشعبي ومحاولة تحريضه ضدّ السلطة الحالية.
وفي أوّل ردّ له على تصريحات ماكرون، رفض عبد المجيد تبون التعليق عليها، واكتفى بالقول للصحافة "لن أجيبه، هو حرّ في تسويق البضاعة التي يريد في بلاده، أنا انتخبني الشعب الجزائري ولن أعترف إلا بالشعب الجزائري".
مطالب أمريكية
أما الولايات المتحدة الأميركية، فلم تسر على خطى باريس، وقالت وزارة الخارجية في بيان: "تهنئ الولايات المتحدة الأمريكية الجزائر على إجراء الانتخابات الرئاسية". وأضافت "تجمع واشنطن والجزائر شراكة، تتسم بالاحترام، مفيدة لكلا البلدين".
ووصفت الخارجية الأمريكية عبد المجيد تبون بـ"الرئيس المنتخب" الذي تتطلّع إلى العمل معه "لتعزيز الأمن والازدهار في المنطقة". لكن هذا الدعم والتهنئة، لم يمنع الخارجية الأمريكية من ممارسة هوايتها المفضلة وهي التدخّل في الشؤون الداخلية للدول صراحة، فقد أضاف بيانها سابق الذكر أنه "خلال العام الماضي، عبّر الشعب الجزائري عن تطلعاته ليس فقط من خلال صناديق الاقتراع بل في الشوارع كذلك. تدعم الولايات المتحدة الأمريكية حقّ الجزائريين في التعبير عن آرائهم بسلمية". غير أن الموقف الأمريكي لم يلق تفاعلًا واهتمامًا مثل تصريح الرئيس الفرنسي.
دعم روسي
على عكس الموقفين الأمريكي والفرنسي، ركّزت روسيا في تعليقها بعد فوز تبون على دعم علاقات "الصداقة" التي تجمعها مع أحد أبرز زبائنها في مجال السلاح.
وجاء في بيانٍ للخارجية الروسية، عقب الإعلان عن النتائج، أنه "جرت في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، يوم 12 كانون الأوّل/ديسمبر، انتخابات رئاسية. وفاز فيها وبحسب المعطيات التي أعلنتها سلطة الانتخابات المستقلة الجزائرية، المرشّح المستقل والوزير الأوّل الأسبق للبلاد، عبد المجيد تبون، بحصده 58.15% من الأصوات". واعتبرت موسكو، أن "إجراء هذه الفعالية السياسية الداخلية المهمة خطوة كبيرة في ضمان تقدّم الجزائر الصديقة".
كما أعربت روسيا عن أملها "في أن يؤدّي انتخاب رئيس جديد للدولة الجزائرية، إلى استمرار تعزيز وتوسيع العلاقات متعدّدة الجوانب بين روسيا والجزائر بصورة ممنهجة".
تهنئة عربية
على خلاف المواقف الغربية، فقد اتسمت التصريحات العربية التي أعقبت فوز تبون في غالبها بتهنئته لوصوله إلى قصر المرادية، وبالتأكيد على العمل معه لدعم العلاقات بين الأشقاء.
وجاءت التهاني من أغلب القيادات في الدول العربية، فقد أبرق ملك الأردن عبد الله الثاني رسالة تهنئة إلى عبد المجيد تبون شدّد فيها على "الاستمرار في تعزيز وتمتين العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين والشعبين الشقيقين وتوسيع التعاون في المجالات كافة، ومواصلة التنسيق والتشاور حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك".
وتلقى تبون تهنئة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تمنّى له فيها "التوفيق والسداد، وللشعب الجزائري مزيدًا من التطوّر والنماء".
ووجهت حركة النهضة التونسية التي يقودها رئيس البرلمان في البلاد راشد الغنوشي رسالة تهنئة لتبون بعد فوزه جاء فيها: "بعد إعلان السلطة الوطنية المستقلّة للانتخابات في الجزائر فوز المرشّح عبد المجيد تبون في الانتخابات الرئاسية التي جرت الخميس، فإن حركة النهضة تهنئ الرئيس عبد المجيد تبون بهذا الفوز كما تهنئ الشعب الجزائري بنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي الديمقراطي".
وأكدت النهضة على "رسوخ العلاقات بين البلدين، ومزيد من التعاون والتضامن لما يخدم مصالح الشعبين التونسي والجزائري، ويحقّق الاستقرار والرقي في المنطقة".
وجهت حركة النهضة التونسية بقيادة راشد الغنوشي رسالة تهنئة لتبون بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية
رغم أهميّة التبريكات الدولية بالفوز لدى أيّ رئيس، ورمزيتها التي تتغير بتغير المصالح والظروف، إلا أنه يبدو أنها لا تشكّل في الوقت الحالي أولوية بالنسبة للرئيس الجديد عبد المجيد تبون، الذي قال إن خرجاته الأولى ستكون داخلية، إلا في حال وجود رزنامة دولية تستدعي حضور رئيس البلاد.
اقرأ/ي أيضًا:
العاهل المغربي يهنئ الرئيس تبون ويدعوه لفتح صفحة جديدة
مُرشح السلطة.. حرب بين المترشحين عبد المجيد تبون وعز الدين ميهوبي