06-أكتوبر-2017

جزء من مشروع خط أنابيب المغرب العربي ـ أوروبا (Gas Natural Fenosa)

على عكس التوتر السياسي الحاد بين الجزائر والمغرب، تشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين نموًا متزايدًا، ساهم كثيرًا في تقليص هوة "العداء" بينهما، بفضل مراعاة المصالح المشتركة التي تجمع الدولتين الشقيقتين، وإن كانت هذه العلاقات التجارية بينهما لا ترقى للتعاون الاقتصادي الكامل ما دامت الحدود مغلقة.

أنبوب الغاز الممتد من الجزائر إلى إسبانيا عبر المغرب كان من أبرز العوامل التي ساهمت في تحسين العلاقات بين الخصوم رغم خلاف الصحراء

أنبوب الغاز

أنبوب الغاز الذي يربط الجزائر بإسبانيا عبر المغرب، هو واحد من المصالح الاستراتيجية التي تجمع البلدين المتجاورين، حيث لم تجد الجزائر طريقًا أفضل لتصدير صادراتها الطاقية نحو أوروبا سوى تدشين أنبوب غاز يمر عبر التراب المغربي، وقد تم إنجاز هذا المشروع منذ سنة 1997، بتكلفة استثمارية تبلغ 2,3 مليار دولار أمريكي، خصص منها قرابة 900 مليون دولار للشطر البري الممتد في المغرب ومضيق جبل طارق.

ويصل طول أنبوب الغاز المعلوم إلى 2136 كلم، انطلاقًا من الصحراء الشرقية بالتراب الجزائري مرورًا بشمال المغرب وجبل طارق ليعبر قعر البحر في مضيق جبل طارق حتى  يصل إسبانيا، تديره شركة "متراكاز للعمليات" المستقرة بطنجة، مشغلة في عملها أطرًا مغربية وجزائرية وأوروبية، وهو ما جعل هذا الأنبوب أحد المشاريع المتوسطية الناجحة.

وبموجب الاتفاق المبرم بين كل من إسبانيا والجزائر والبنك الأوروبي للاستثمار، تحصل الرباط بدل الرسوم الضريبية على %10 من عائدات الغاز الجزائري المُسال في الأنبوب العابر في التراب المغربي، وتقدر كمية الغاز الجارية به حوالي 20 مليار متر مكعب سنويًا، أي أن نصيب المغرب يقارب مليار ونصف دولار سنويًا، باعتبار أن معدل سعر الغالون الواحد من الغاز يساوي حاليًا 2.75 دولارًا.

واعتبر معهد بروكينغز الأمريكي في دراسة له أن أنبوب الغاز الممتد من الجزائر إلى إسبانيا عبر المغرب، كان "من أبرز العوامل الهامة التي ساهمت في تحسين العلاقات بين الخصوم الثلاثة، بالرغم من التوتر الدائم الذي يطبع العلاقات بين المغرب والجزائر خاصة"، حيث دفعت فرنسا بهذا المشروع منذ ستينيات القرن الماضي، الفترة التي كانت تعرف فيها أوروبا طلباً متزايدًا للغاز، إلا أن الخلافات الحادة بين الجزائر والرباط، على خلفية حرب الرمال والصحراء، أجلت إنجاز المشروع حتى حدود التسعينات.

اقرأ/ي أيضًا:  مناكفة جديدة بين المغرب والجزائر.. اللاجئون السوريون هم الضحية

التبادل التجاري

رغم فتور العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، إلا أن هذا لم يمنع من عقد مبادلات تجارية بشكل رسمي، حتى أن الجزائر تصنف بكونها الشريك التجاري الأول للمغرب في القارة الإفريقية.

وحسب إحصائيات لمكتب الصرف المغربي نقلها موقع هسبريس المغربي، فإن حجم المبادلات التجارية بين المملكة والجزائر بلغت ما يناهز 9.19 مليار درهم خلال الفصول الثلاثة الأولى من سنة 2013، شكلت المنتجات الطاقية من بترول وغاز، المستوردة من الجزائر، ما يقارب %75 من مجموع هذه المبادلات، وذكر المكتب أن الرباط تستورد من الجزائر أيضًا منتجات الآزوت والأسمدة المخصبة والتمور.

وبالمقابل قام المغرب بتصدير أكثر من 371 مليون درهم من منتجات مختلفة، أبرزها الصلب المحوّل والحامض الفوسفوري والإسمنت والجبس، بالإضافة إلى القهوة والذرة ومواد أخرى، وقد عرفت هذه التبادلات التجارية بين البلدين المتجاورين نموًا واضحًا خلال السنوات الأخيرة.

يرى مراقبون أن المبادلات الاقتصادية بين المغرب والجزائر، رغم أهميتها، تبقى هزيلة مقارنة بحجم فرص نموها في حال فتح الحدود

ورغم ذلك، يرى مراقبون أن المبادلات الاقتصادية بين المغرب والجزائر تبقى هزيلة بالمقارنة بحجم فرص نموها إذا ما تم فتح الحدود البرية بينهما، حيث يحرم البلدان من آلاف المشاريع الاستثمارية، التي من شأنها رفع التنمية وإنقاذ عشرات الآلاف من مستنقع البطالة.

وفي هذا الصدد، يقول الباحث في مركز برشلونة للدراسات الدولية، فرانسيس غيليس، "تعد منطقة المغرب العربي إحدى أقل المناطق اندماجًا في العالم، رغم توافر شروط التكامل الاقتصادي والروابط التاريخية والثقافية واللغوية المشتركة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الحدود المغلقة بين المغرب والجزائر" مضيفًا أن بإمكان المغرب تزويد جارته الجزائر بحاجياتها من الفلاحة والفوسفات، مثل ما يمكن للأخيرة تلبية حاجة الرباط للمنتجات الطاقية.

اقرأ/ي أيضًا: "طنجة تيك".. ماذا وراء تدفق الاستثمارات الصينية نحو المغرب؟

تجارة التهريب

يتصدر الوقود الجزائري الرخيص الثمن، السلع المهربة في المغرب وقد تسبب في إغلاق العديد من محطات البنزين بمدينة وجدة

قاد إغلاق الحدود المغربية الجزائرية منذ ما يربو عن ربع قرن إلى انتشار ظاهرة تهريب السلع بشكل مكثف، حيث تروج السلع المهربة في الأسواق بالمناطق الحدودية، من ملابس ومواد غذائية وسجائر وأدوية، علاوة على العملات الصعبة وأشياء أخرى كثيرة، ويتصدر الوقود الجزائري الرخيص الثمن، السلع المهربة في المغرب، إذ تسبب في إغلاق العديد من محطات البنزين بمدينة وجدة.

ويتكفل وسطاء يزاولون هذه الحرفة بتهريب البضائع بين الحدود المغربية والجزائرية، عبر سيارات بدون وثائق تدعى "المقاتلات"، وأحيانًا عن طريق الحمير، عابرين في طرق ملتوية ليلًا، حيث لا تخلو المهمَّة من مخاطر جراء الوجود الأمني المسلح من الجهتين على طول خط الحدود.

ويقدر حجم هذا السوق الموازي بملايين الدولارات، كما تفيد يومية "المساء" المغربية في هذا الشأن، إذ يسهم في تشغيل آلاف الأفراد العاطلين عن العمل، ويوفر للمستهلكين منتوجات أقل سعرًا، وإذا ما تم تقنين نشاط التهريب وفتح الحدود البرية بشكل رسمي، فإن ذلك سيجلب ضرائب مهمة لميزانية الدولتين. وباتت تعرف السوق السرية للسلع المهربة تراجعًا كبيرًا في السنتين الأخيرتين، بعدما تم تشديد الحراسة الأمنية على الحدود، وإعلان كل من المغرب والجزائر "حربًا على المهربين".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الفوسفات.. الثروة المهدورة في المغرب

هل يحيي قطار تونس-الجزائر مشروع قطار "الوحدة"؟