12-أغسطس-2020

رياض محرز رفقة صديقته تايلور (الصورة: ذا الصن)

هيمنت القبلة التّي تبادلها لاعب الفريق الوطنيّ الجزائريّ رياض محرز (29 عامًا)، مع صديقته البريطانيّة المشتغلة في عالم عروض الأزياء تايلور وارد (22 عامًا)، في عطلة جمعتهما في مدينة سان تروبيه الفرنسيّة، على موقع التواصل الاجتماعيّ فيسبوك، حيث غطّت على أحداث مفصليّة عرفها الجزائريّون، خلال الأيّام القليلة الماضية؛ منها الزّلزال الذّي عرفته منطقة ميلة في الشّرق الجزائريّ، والحكم بسنتين إلى ثلاث سنوات سجنًا على نخبة من الصّحفيّين والنّشطاء.

كان الرّأي المهيمن يتّجه إلى أنّ اللّعب لصالح الفريق الوطنيّ الجزائري هو تمثيل لألوان العلم

بين رافض لمشهد القبلة بحجّة أنّها تسيئ لرياض محرز الذّي يقود فريقًا يمثّل شعبًا ووطنّا، ومدافع عنها بحجّة أنّها تدخل في الحرّيّة الشّخصيّة وتعبّر عن شعور نبيل، اختلف الجزائريّون في الواقع والمواقع، "وهو اختلاف ليس بسيطًا كما يبدو من خلال بساطة الصّورة، بل يؤشّر على أنّ ثمّة نسيجًا اجتماعيًا ليس متشابهًا في التّفكير والسّلوك والنّظر إلى الأشياء. وليس أمامنا سوى حمايته بجعله يؤمن باختلافاته وتبايناته، وإلّا بلغنا مرحلة يمكن لسبب بسيط مثل قبلة محرز أن يفجّر قنبلة تهدّد هذا النّسيج".

كان هذا كلامًا للشّاعر والنّاشط الثّقافيّ رشيد بلمومن. يضيف: "على النّخب المختلفة أن تتجاوز التّفاعل مع الأمور من زاوية الرّفض أو القبول إلى محاولة اقتراح برامج وسياسات حقيقيّة تدخل بالمجتمع الجزائريّ إلى خيار التّعايش عوضًا عن التّطاحن، وإلى الإيمان بالحرّيات الشّخصيّة عوضًا عن ثقافة فرض النّظرة الأحادية".

اقرأ/ي أيضًا: متقدّمًا على ماجر وبلومي.. محرز أحسن لاعب جزائري في التاريخ



في مدينة المسيلة، 250 كيلومترًا إلى الجنوب من الجزائر العاصمة، وقف  "الترا جزائر" على مجموعة من الشّباب في حالة تناول لقبلة رياض محرز بالنّقاش. وكان الرّأي المهيمن فيها يتّجه إلى أنّ اللّعب لصالح الفريق الوطنيّ الجزائري هو تمثيل لألوان العلم؛ فلا ينبغي الخروج عن الخطّ السّياديّ للدّولة الجزائريّة، وتمثيل للقيم الأخلاقيّة والثقافيّة للشّعب الجزائريّ؛ فلا ينبغي التّصرّف في العلن بما يتناقض معها.

يقول الشّاب ياسين، وهو طالب جامعيّ في العلوم السّياسيّة: "لا ننكر جزائريّة لاعبينا. ولا ننكر عليهم الأخلاق العالية، لكنّ معظمهم تربّى ونشأ في الأوساط الغربيّة، فهم يتصرّفون وفق ما كبروا عليه، لا وفق منطق الشّعب الذّي باتوا يمثّلونه من خلال فريقه الوطنيّ". ويسأل الطّالب الجزائريّ: "ماذا ننتظر من شابٍّ يرى قائد فريقه الوطنيّ يطبع قبلة على فم صديقته في الشّارع؟ على الأقل كان عليه أن يخفّفها فيجعلها على الجبين. هكذا يضمن التّعبير عن الحب لشريكته واحترام عادات شعبه في الوقت نفسه".

وفي موقف مضادّ، يقول الفكاهيّ أمين خثير لـ "الترا جزائر"، إنّ المنتظر من لاعب كرة القدم في أيّ فريق هو تسجيل الأهداف لرفع أسهمه، "ومحاولة برمجة سلوكه وفق المعمول به شعبيًّا هو انحراف عن وظيفة اللّاعب". ثمّ يسأل: "هل المعمول به شعبيًّا في الجزائر، على الحقيقة، منسجم مع العادات الشّعبيّة العامّة؟ علينا أن نتصدّى لحوادث اغتصاب النّساء والأطفال التّي باتت ثقافة عامّة في يومياتنا، بدلًا عن إدانة قبلة محرز التّي كانت ثمرة لحبّ نحتاج إلى أن يُزرع فينا".

وورد في تدوينة للنّاشط سفيان بن يونس أنّه في الواقع، بالنّسبة للكثيرين منّا، الحبّ جريمة لدرجة أنّنا أصبحنا هؤلاء الأشخاص المعاقين غير القادرين على الرّقة والكلمات اللّطيفة". "انفجرت الإهانات والإدانات والفتاوى، فأصبحنا فجأة أربعين مليون إمام وقاضٍ كما لو كانت الأشياء الخاصّة مدينة للحكم العام. كما لو كانت البرهنة على الحبّ مخلّة بالنّظام العامّ. الحبّ وإحباطاته الاجتماعيّة. إليكم موضوعًا قلّما تناولناه لأنّ الشّعبويّة والطّموحات السّياسيّة دفنت التّطلّعات الدّيمقراطيّة".

ولم تخلُ منشورات الفسابكة الجزائريّرين من الإشارة إلى أنّ إثارة قبلة رياض محرز؛ في هذه الظّروف بالذّات، هي محاولة للتّغطية على قضايا تتعلّق بمصير الشّعب، بما يسمح للحكومة بالتهّرّب من تحمّل تبعاتها.

ورد في صفحة النّاشطة ليلى بورصاص أنّه تمّ تحويل الأنظار والاهتمام عن زلزال ميلة بنجاح. "فتركتم الكارثة والضحايا. وبدل العمل على جمع التّبرّعات مثلما حدث في ولايات عدّة في بداية الوباء والتّضامن مع الولاية المنكوبة وتوصيل صوتها الذّي تجاهله الإعلام. لقد مشيتم في خطّتهم لإلهائكم وخضتم في التّفاهات مع الخائضين كما أرادوا لكم".

هل خيبة الجزائريّين في مآلات الحراك هي التّي أدّت بهم إلى الجدل في قضايا عابرة تتعلّق بالأشخاص

هنا نجد أنفسنا أمام سؤال مفاده هل خيبة الجزائريّين في مآلات الحراك هي التّي أدّت بهم إلى الجدل في قضايا عابرة تتعلّق بالأشخاص؛ أم كان عليهم أولًا أن يفصلوا في النّموذج الاجتماعيّ الذّي يرونه أصلح لهم، قبل أن يقوموا بايّ حراك أصلًا؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد طلاقه مع زوجته ريتا.. محرز يختار ابنة المليونيرة داون وورد

فرانس فوتبول: رياض محرز مرشّح لنيل الكرة الذهبية