27-ديسمبر-2024
مطار الجزائر الدولي (صورة: أرشيف)

مطار الجزائر الدولي (صورة: أرشيف)

مع حلول عطلة الشتاء ونهاية العام، يطرح الكثيرون تساؤلات حول تفاصيل المنحة السياحية التي تمّ الإعلان عنها مؤخرًا، والتي تشمل زيادة قيمتها إلى 750 يورو للبالغين و300 يورو للقصر.

المنحة السياحية من أكثر المواضيع تداولًا بين الجزائريين في الآونة الأخيرة لمعرفة تفاصيلها وتأثيرها على رحلاتهم القادمة

من الناحية التقنية، لم يتمّ بعد تنفيذ القرار، إذ يُنتظر أن يتمّ تطبيقه في عام 2025 بعد اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لذلك. ومع ذلك، أصبح هذا الموضوع يحظى باهتمام كبير، حيث تزايدت استفسارات المواطنين حول موعد تطبيقه.

استفسار

يُلاحظ العاملون في قطاع السياحة أن مسألة المنحة السياحية أصبحت من أكثر المواضيع تداولًا بين المسافرين الذين يتوقون لمعرفة تفاصيل القرار وتأثيره على رحلاتهم القادمة.

وقالت مونية، العاملة في وكالة "سيبال للأسفار"، لـ "الترا جزائر" إن المسافرين يترقبون تطبيق هذا القرار، ويطرحون تساؤلات حول ما إذا كان حقيقيًا أم مجرد شائعات، ويستفسرون عن موعد بدء تنفيذه.

ورغم أن زيادة قيمة المنحة السياحية تُعتبر تطورًا إيجابيًا، فإن العاملين في القطاع يرون أن تأثيرها على حركة السفر قد يكون محدودًا في البداية. ففي الوقت الذي يُعتبر فيه هذا القرار دعمًا إضافيًا للمسافرين، تظل الميزانية الشخصية للأفراد العامل الحاسم في اتخاذ قرار السفر.

وفي هذا السياق، يُشير محمد سوامي لـ "الترا جزائر" إلى أن تكاليف السفر تشمل جوانب أخرى كثيرة مثل تذاكر الطيران، الإقامة، والمصاريف اليومية، وهي أمور قد تتجاوز في بعض الأحيان قيمة المنحة المقررة. ومن المتوقع أيضًا أن يظل السفر إلى الخارج محصورًا على شريحة معينة من المجتمع، خاصة أولئك الذين يتمتعون بدخل مرتفع أو الذين يخططون للقيام برحلات طويلة.

رفع المنحة السياحية سيكلف الخزينة العامة أكثر من مليار دولار

سبق لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن أقرّ  رفع المنحة السياحية، التي ظلت ثابتة منذ عام 1997 عند 15 ألف دينار، رغم التراجع الكبير في قيمة العملة الجزائرية أمام العملات الأجنبية.
وبالرغم من أنّ رفع المنحة السياحية سيكلف الخزينة العامة أكثر من مليار دولار، إلا أنّه يمثل في المقابل رسالة من الجزائر بأنها تسعى لتبني سياسة جديدة في مجال السياحة وتنقل الأشخاص. فإضافة إلى تسهيل دخول الأجانب إلى البلاد، يجب أن يُرافقه تسهيل تنقل مواطنيها. ويأتي هذا التوجه في إطار السعي لتحقيق هدف استقبال أكثر من 10 ملايين سائح بحلول عام 2030.

واعتبرت  لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني قرار رفع المنحة السياحية بداية لمرحلة جديدة في دعم السياحة الجزائرية، وخطوة هامة نحو تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين المسافرين. ومن المتوقع ترسيم القرار عبر مرسوم تنظيمي يُحدد كيفية تطبيقه، ويشمل العديد من المزايا التي تهدف إلى تحسين ظروف السفر للمواطنين الجزائريين، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.

من المتوقّع أن يُسهِم هذا القرار في توفير دعم ملموس للأفراد الذين يخططون للسفر، مما قد يساعد في تحفيز حركة السياحة بشكل أكبر. من جانب آخر، أكدت اللجنة المكلفة بالمتابعة أن الجهود ستستمرّ لضمان تنفيذ القرار في أقرب وقت ممكن. وأشارت إلى أن العمل جارٍ بالتعاون مع الهيئة التنفيذية لتسهيل الإجراءات اللازمة وتطبيق القرار بطريقة منظمة وفعّالة.

وترمي هذه الخطوات إلى ضمان أن يكون القرار مؤثراً على أرض الواقع، وأن يُساهم في تحفيز حركة السفر دون مواجهة تحديات إدارية أو لوجستية.

كما شدّدت عدة أطراف على أن استحداث الوكالة الوطنية للتوازنات الكبرى للميزانية والاستشراف والتخطيط سيكون له دور أساسي في ضمان تنفيذ القرار بشكل سليم، حيث ستعمل هذه الهيئة على مراقبة سير عملية تطبيق القرار والتأكد من تحقيق الأهداف التي تم وضعها، سواء في تحسين تجربة المسافرين أو في تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال دعم قطاع السياحة.

مطار الجزائر الدولي

ظروف

بينما يبقى السفر بالنسبة للبعض بعيد المنال بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة والقيود المالية التي تعيقهم، حتى مع وجود الدعم المالي من خلال زيادة المنحة، يظل القرار ذا تأثير محدود على الطبقات ذات الدخل المحدود. هؤلاء قد يفضلون تخصيص ميزانيتهم للاحتياجات الأساسية بدلاً من السفر.

ومن اللاّفت أن العديد من الجزائريين يفضّلون السفر إلى وجهات سياحية قريبة أو داخلية، حيث لا تتطلب تكاليف مرتفعة مقارنة بالسفر إلى دول أخرى.

ومع ذلك، يُواجه القطاع السياحي في الجزائر تحديات أخرى تتعلق بتحسين الخدمات السياحية وتطوير البنية التحتية، إذ تدفع هذه التحدّيات الكثيرين إلى خيار الانتظار لتحسن الأوضاع قبل اتخاذ قرار السفر إلى الخارج.

وكالة السياحة والسفر

انتعاش السياحة

تشهد وكالات السياحة والسفر في الجزائر  إقبالًا ملحوظًا على عروضها الخاصة بعطلات نهاية السنة، التي أصبحت جزءًا من الأجندة السنوية للعائلات. ويعكس هذا الإقبال، بحسب العاملين في القطاع، عودة النشاط الاقتصادي لهذا المجال الذي عانى كثيرًا خلال فترة جائحة كورونا.

كما يُعتبر هذا بمثابة بداية حقيقية للانتعاش في هذا القطاع، خصوصًا بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لدعمه، آخرها زيادة المنحة السياحية. وساهم تنوع العروض التي تقدّمها وكالات السياحة للمستهلكين هذا العام، بين قضاء عطلة الشتاء ونهاية العام داخل الجزائر أو خارجها، في تحقيق رضا كبير لدى أغلب العاملين في هذا القطاع عن النتائج المحققة حتى الآن. ويُعد هذا الهدف جزءًا من استراتيجية الحكومة لجعل السياحة أحد القطاعات التي تساهم في إدخال العملة الصعبة، حتى وإن كان جزء من نشاط الوكالات مرتبطًا بسفر الجزائريين إلى الخارج.

وجهات سياحية

تزايد الإقبال

لا يتردّد مدير وكالة "نوتيكا" للأسفار والسياحة، عادل درّاجي، في التعبير عن رضاه حيال الانتعاش الذي يشهده النشاط السياحي في الجزائر هذه الأيام، حيث صرح لـ"الترا جزائر" بأن جميع العروض التي قدمتها وكالته لعطلة نهاية السنة، سواء تلك المتعلقة بالرحلات الداخلية أو الخارجية، قد تم حجزها بالكامل. وأوضح درّاجي أن الطلب على الرحلات عاد إلى مستوياته الطبيعية التي كانت سائدة قبل جائحة كورونا، رغم الارتفاع في أسعار خدمات النقل الجوي بعد الجائحة التي فرضت إغلاقًا عالميًا لعدة سنوات.

من جانبها، عبّرت مونية، الموظفة بوكالة "سيبال" للأسفار، عن نفس الانطباع في حديثها لـ"الترا جزائر"، حيث أكدت أن جميع التذاكر المعروضة من قبل الوكالة لعطلات نهاية السنة قد تم حجزها بالكامل هذا العام، وهو انتعاش لم يكن موجودًا خلال السنة الماضية أو فترة الجائحة. وأشارت مونية إلى أن الإقبال على قضاء عطلة نهاية السنة خارج المنزل يأتي من فئات عمرية متنوعة، تشمل الشباب الذين يُفضلون الذهاب في نزهات جماعية، وكذلك العائلات التي تفضل قضاء ليلة رأس السنة الميلادية في أجواء احتفالية.

ورغم الإقرار بالانتعاش الذي يشهده القطاع السياحي هذا العام، أوضحت مديرة وكالة "أني وير"، ليلى عبادو، في حديثها مع "الترا جزائر"، أنّ ذلك لم يصل بعد إلى المستوى الذي كان عليه في عام 2019، قبل جائحة كورونا.

ومع ذلك، يبقى هذا الانتعاش ملحوظًا وهو ما يأمل الكثيرون لتحقيقه بعد تنفيذ قرار رفع المنحة السياحية مقارنة بالركود الذي شهدته السنوات الماضية.

كما أشارت عبادو إلى أن هناك طلبًا متزايدًا على السياحة الداخلية، وخاصة إلى الجنوب الكبير، خلال عطلة نهاية السنة، وهو ما يعكس تغييرًا في تفضيلات الجزائريين بعد الجائحة، حيث ساعدت تلك الفترة الكثيرين على اكتشاف العديد من المناطق السياحية في بلادهم بسبب الإغلاق بسبب الوباء الذي فرض في تلك الفترة.

وتظلّ الوجهة التونسية خيارًا اقتصاديًا مقارنة ببعض المناطق، في مقابل البحث عن وجهات جديدة مثل إسطنبول وشرم الشيخ، إضافة إلى ماليزيا التي تستمر في كونها وجهة مفضلة للاستمتاع بالطبيعة الآسيوية.

من ناحية أخرى، تظلّ الوجهات الأوروبية بعيدة عن اهتمامات السياح الجزائريين في السنوات الأخيرة، نظرًا لصعوبة الحصول على تأشيرات الدخول بسبب القيود الأوروبية.