07-أكتوبر-2019

تأتي زيارة وفد البنك العالمي في خضم أزمة اقتصادية تواجهها الجزائر (Getty)

استقبل وزير المالية، محمد لوكال، بحر هذ الأسبوع، وفدًا من مجموعة عمل تابعة للبنك الدولي، برئاسة مدير العمليات الجديد بالمغرب العربي ومالطا، جيسو هانتشل، الذي يزور الجزائر لأول مرة.

يتخوف جزائريون من الشروط التي سيمليها تدخل البنك العالمي أيضَا، معتبرين أنه لا يمكن أن يكون تدخلًا بدون تداعيات

وخلال الزيارة التي استغرقت يومين، تبادل الطرفان سبل التعاون بين الجزائر والبنك العالمي، ووضع آليات جديدة في دعم لتطوير الاقتصاد، وبرنامج التعاون بين مجموعة البنك والحكومة الجزائرية.

اقرأ/ي أيضًا: إلغاء قاعدة (49-51).. انفتاح اقتصادي أم مقايضة سياسية؟

وفي تصريح إعلامي، قال رئيس الوفد إن "البنك العالمي جاء ليؤكد استعداده لتلبية الاحتياجات التي يمكن أن تعرب عنها الجزائر في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية". ويشار إلى أن السيد هانتشل، كان مرفوقًا خلال هذه الزيارة، بمسؤول مكتب المؤسسة المالية العالمية معهد بريتون وودز، وهي أحد المؤسسات الخمس التابعة لمجموعة البنك الدولي، وصندوق النقد العالمي، ومعهد استشاري يرافق المنظمة الدولية للتجارة، من أجل وضع مخطط وقوانين التجارة العالمية.

تداعيات الزيارة

وفي السياق نفسه، تعتبر الزيارة التي يقوم بها وفد البنك العالمي، روتينية في إطار سلسلة اللقاءات التي يقوم بها لمختلف الدول، قصد إعداد تقارير سنوية حول الصحة المالية، ومرافقة الدول في عصرنة نظامها المصرفي والبنكي، ومصاحبة الدول في تحديث النظام الجبائي، ومتابعة المشاريع التنموية للبلاد، وبحث سبل تمويلها. ويعتبر البنك العالمي، مؤسسة عالمية بنكية، استشارية، تخضع لقرارات سياسية، تسعى للإنفاق على برامج التعليم والبيئة، أو الانتقال الطاقوي والصناعة الاستخراجية، وتشجيع الاقتصاد الرقمي، ومحاربة الفقر، وسوء التنمية.

وعلى عكس صندوق النقد الدولي، يشجع البنك العالمي سياسة الإنفاق الحكومي، وتدخل الدولة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بينما تتمثل مهام صندوق النقد العالمي في إقراض أموال كبيرة، مقابل المطالبة بإصلاحات هيكلية وقطاعية، تتعلق غالبًا بالتقشف ورفع الدعم. غير أن جزائريين ما زالوا متخوفين من الشروط التي سيمليها تدخل البنك أيضَا، معتبرين أنه لا يمكن أن يكون تدخلًا بدون تداعيات.

تجدر الإشارة، إلى أن محفظة مجموعة البنك الدولي في الجزائر، تتألف من 9 مشروعات للمساعدة الفنية في قطاعات الفلاحة، والتمويل، ومناخ الاستثمار، والحماية الاجتماعية، والصادرات، والإدارة المتكاملة للمناطق الصحراوية. وتسعى هذه البرامج إلى تعزيز النمو من خلال تنويع الأنشطة الاقتصادية، وتشجيع التنمية المستدامة، ورفع مستوى نجاعة البرامج الاجتماعية، وتقوية التخطيط والإدارة في المجال الاقتصادي، فضلًا عن تقييم المؤسسات.

بمقابل ذلك، تكمن أهمية هذه الزيارة في تزامنها مع مؤشرات مقلقة للوضع المالي للجزائر، التي تعرف تراجع في المداخيل بالعملة الصعبة، وعجز في الموازنة يصل إلى 7.72، وتآكل احتياط الصرف الذي يتوقع، أن يختتم  بـ64 مليار دولار نهاية سنة 2019، ويصل إلى حدود 34 مليار دولار سنة 2020، بحسب بعض الخبراء.

مراجعة الحسابات البنكية والمالية

وفي سياق مرتبط، تجدر الاشارة أن من بين أهداف زيارة البنك العالمي، هي مراجعة الحسابات المصرفية والمالية للبلاد، وتشريح الوضع المالي والإطار الاقتصادي والاجتماعي العام، وهي الدراسة التي تساهم في إعداد قاعدة بيانات، تكون بمثابة مرجع لجميع الهيئات المالية التي ستلجأ إليها المؤسسات الوطنية لطلب القروض، وتحتاج الجزائر إلى تقرير البنك العالمي السنوي، كضمان استدانة لدى هيئات ومنظمات مالية عالمية، علمًا أن الحكومة قررت ضمن قانون المالية لسنة 2020 ، اللجوء إلى الاستدانة الخارجية الانتقائية، قصد تمويل مشاريع هيكلية، وتتخوف بعض الأوساط المالية، أن تتعدى الاستدانة لدى البنوك العالمية المشاريع التنموية فقط، بل يتوقع البعض الذهاب إلى الاقتراض، قصد ضمان توفير الواردات من المواد الغذائية الأساسية، والتجهيزات ومختلف السلع والخدمات، وهذا نظرًا لتقديرات عن تراجع صرف الاحتياط إلى 34 مليار دولار لسنة 2021، وهو احتياط يغطي فترة 6 أشهر من حجم الواردات.

تقرير البنك العالمي 2019

وأشار تقرير البنك العالمي لسنة 2019، أن انخفاضًا في إنتاج وتسقيف المنتجات البترولية، أدى إلى تراجع النمو إلى 1.5 بالمئة لسنة 2018، وأفاد التقرير إلى زيادة الإنفاق الحكومي بـ11.8، مع ارتفاع حجم الواردات، رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة قصد ترشيد وعقلنة الواردات.

وذكر التقرير أن نسبة جمع الأموال المتراكمة في إطار التمويل غير التقليدي، بلغت 6556 مليار دينار، ما يمثل 31.1  بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، ولم ينعكس هذا الإجراء التمويلي في ارتفاع نسبة التضخم، كون أغلب المواد الأكثر استهلاكًا مدعمة. وبلغ معدل البطالة 11.7 بالمئة، وفي غياب إحصائيات رسمية جديدة، أشار التقرير أن معدلات الفقر الرسمية لفترة 2011 تصل 5.5 بالمئة.

أشار تقرير البنك العالمي لسنة 2019، أن انخفاضًا في إنتاج وتسقيف المنتجات البترولية في الجزائر، أدى إلى تراجع النمو إلى 1.5 بالمئة لسنة 2018

وفي هذا الصدد، أبدى الكثير من المتابعين، ملاحظات حول الخطوات التي تتخذها الحكومة الحالية، المرفوضة شعبيًا، قبيل انتخابات رئاسية مزمع إجراؤها، خاصة المصادقة على قانون المحروقات، وقرار الاستدانة الخارجية، وهي اجراءات سيادية، تحتاج إلى توافق سياسي واجتماعي، نظير الانعكاسات والتداعيات على الأجيال القادمة، على مستوى الأمن الطاقوي والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.    

 

اقرأ/ي أيضًا:

تراجع احتياطي الصرف.. الجزائر على أبواب الاستدانة الخارجية؟

الأزمة الجزائرية وأولوية الحلّ الاقتصادي على السياسي!