"زُناة التاريخ" لرشيد بوجدرة.. جدل الطبعة المنقّحة وإشكالية تناول الإعلام
5 يونيو 2025
أثار صدور الطبعة المنقّحة من كتاب "زناة التاريخ" للروائي رشيد بوجدرة جدلًا في الوسط الإعلامي والثقافي ليس فقط بسبب محتوى الكتاب، بل للطريقة التي روّجت بها بعض وسائل الإعلام،حيث قدمته كأنه إصدار جديد تمامًا، رغم أن طبعته الأولى تعود إلى سنة 2017.
تنقيح الأعمال الأدبية وإعادة نشرها ممارسة معروفة ومشروعة، إلا أنّ هذا اللغط الإعلامي طرح تساؤلات حول دقة المعالجة الثقافية وجدّية المتابعة الإعلامية
يقدّم الروائي رشيد بوجدرة في كتابه "زناة التاريخ" نقدًا لاذعًا لعدد من المثقفين الجزائريين، الذين يرى أنهم ساهموا من خلال "مواقفهم وأعمالهم في تشويه الذاكرة الوطنية وتلميع صورة الاستعمار الفرنسي".
ورغم أنّ إعادة تنقيح ونشر الأعمال الأدبية أمرٌ مشروع ومتعارف عليه، إلا أنه فتح نقاشًا حول جدّية التغطية الثقافية.
وذكر الإعلامي عبد العالي مزغيش أنّ الكاتب رشيد بوجدرة يكشف في مؤلفه عن "أسماء عدة من المثقفين الجزائريين الذين يراهم خونة، ويصفهم بأنهم تابعون للنّظام الفرنسي".
ما الجديد في هذه الطبعة؟
بحسب المعلومات المتاحة، أجرى بوجدرة بعض التنقيحات على النسخة الأصلية وأضاف فصلين جديدين، أحدهما حول للكاتب والروائي الفرنكو جزائري كمال داود، والآخر للكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال. لكن هذين الاسمين كانا حاضرين بقوة في الطبعة الأولى، بل وكان نقد بوجدرة لهما حادًا منذ البداية.
وتُظهر الطبعة الجديدة أنّ بوجدرة لم يغير لهجته الحادة، بل أضاف فصلين جديدين، أحدهما حول الكاتب كمال داود، والآخر حول بوعلام صنصال.
ولفتت الناشطة آمال بن عية إلى أنّ هذه الإضافات "ليست جديدة من حيث المضمون"، مضيفة في منشور لها أن "بوجدرة لم يُغيّر نبرته الجريئة والصريحة، فهو معروف بمواقفه القوية التي تتحدى الخطاب الرسمي".
ووفقاً لما أثارته بن عية، في منشور لها على الفيسبوك، يبدو أنّ إضافة صنصال وداود للطبعة المنقحة لم تكن جديدة على الكتاب، من حيث المضمون، فذلك كان موجوداً نذ النسخة الأولى.
هكذا، يبدو أنّ الطبعة الجديدة من الكتاب تؤكد على المواقف ذاتها والتحديات التي طرحها بوجدرة سابقًا، مع الحفاظ على رؤيته النقدية تجاه التاريخ الوطني.
تجاهل الجوهر
رغم احتواء الكتاب على مواضيع عميقة، مثل خلافات قادة الثورة، والتصفيات السياسية، وتشويه الذاكرة الجماعية، ركزت معظم وسائل الإعلام على الأسماء المثيرة للجدل، متجاهلة الجوانب الفكرية والتاريخية الأهم.
وكتب الناشط حبيب مودود على فيسبوك أن الكتاب يعالج قضايا جوهرية مثل "تناقضات الثورة، إشكالات الهوية الوطنية، والعنف الرمزي في مرحلة ما بعد الاستقلال"، متسائلًا عن سبب إهمال هذه المحاور في التغطية الإعلامية
يميل جزء من الإعلام إلى التركيز على العناوين المثيرة والجدل السريع، بدل الخوض في قراءة نقدية معمقة للكتب. في هذا السياق، تساءل كثيرون إن كانت التغطيات الحالية تعكس فعلًا وعيًا ثقافيًا حقيقيًا أم مجرّد سباق لاصطياد التفاعل اللحظي.
وتساءلت منشورات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي: هل أصبحت تغطية الكتب تشبه التفاعل مع المنشورات السطحية؟ وأين هو دور الإعلام في بناء وعي ثقافي حقيقي؟
في تدوينة له، كتب الناشط عمار بن طوبال أن الذاكرة الثقافية في الجزائر تقوم على "المحو والنسيان"، في إشارة إلى طمس النقاشات العميقة لصالح السجالات السطحية.
مواجهة
في نسخته الجديدة، يعود بوجدرة ليُهاجم بعض المثقفين الذين، حسب رأيه، "شوّهوا الذاكرة الوطنية وساهموا في تلميع صورة الاستعمار الفرنسي".
الناشط هامل أشرف عطية قال في منشور له: "بوجدرة يدعو إلى الدفاع عن السردية الثورية، رافضًا ما يعتبره تواطؤًا ثقافيًا مع الرواية الكولونيالية".
حرية التعبير أم تصادم مع المزاج العام؟
منذ صدور الطبعة الأولى من زناة التاريخ عام 2017، بدا واضحًا أن كتاب رشيد بوجدرة فتح الباب أمام قراءة مختلفة لتاريخ ما بعد الاستقلال، مليئة بالأسئلة وبالتناقضات، يجرّ عدة فئات إلى التفكير.
يتقاطع طرح الكتاب مع قضية أوسع تتعلّق بكيفية تعامل المجتمع مع المثقفين المختلفين، ومع الرؤى التي لا تساير السائد، وفي كل مرة يظهر فيها صوت يُغرّد خارج عن السرب
منذ نشر الطبعة الأولى في 2017، وُضع كتاب زناة التاريخ في قلب جدل دائم، بسبب قراءته المختلفة لتاريخ ما بعد الاستقلال. ومع الطبعة المنقحة، عاد النقاش حول حدود حرية التعبير، والتعامل المجتمعي مع الأصوات التي "تغرّد خارج السرب".
الجدل المحيط ببوجدرة يعكس حالة من التوتر بين التعبير الحر والمزاج الجمعي، ويطرح سؤالًا جوهريًا: هل نحن مستعدون فعلًا لنقاش ثقافي حقيقي يتجاوز السطحيات؟
الكلمات المفتاحية

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين
في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

بعد التتويج الـ 9 .. اتحاد الجزائر يلحق بشباب بلوزداد في سجّل الأبطال
عَادَل اتحاد العاصمة الرقم القياسي لشباب بلوزداد بتتويجه بكأس الجمهورية للمرة التاسعة، في يوم رمزي يصادف عيد الاستقلال والذكرى الـ 88 لتأسيس النادي، ليُشعل بذلك من جديد فتيل المنافسة التاريخية بين الناديين ويفتح فصلًا جديدًا في سباق الألقاب.

ليسوا أرقامًا... بل قصصًا: 374 ألف راسب في "البيام" بالجزائر
أكثر من 300 ألف تلميذ رسبوا في امتحانات شهادة التعليم المتوسط بالجزائر، رقم ثقيل وذو دلالة، لا يمكن المرور عليه مرور الكرام. لكنه، بحسب أبجديات المهنة الصحفية، لا يُقرأ كرقم مُجرّد فقط، بل كمدخل إلى قصص فردية وجماعية، قد نصل إلى تفاصيل بعض أسبابها، أو نكشِف جانبًا واحدًا منها على الأقلّ في منظُومة تهمّ المجتمع.

أزمة الدكتوراه المُعلّقة بالجامعات.. هل شطب الأطروحات هو الحل؟
في أيار/ ماي 2024، أُتيحت فرصة ثمينة لعدد من الباحثين للمشاركة في دورة تدريبية تناولت تحديات البحث العلمي وظروف إنجاز أطروحات الدكتوراه. طُرحت خلالها، قضايا جوهرية تتعلق بتأخر إنجاز البحوث الأكاديمية، وتكشّفت أبعاد متعددة لهذه الظاهرة التي لم تعد تُختزل في تقصير الطلبة فقط.

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين
في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية: لا نقدم أي مساعدات للجزائر التي ترفض الاقتراض
وضع المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، ريمي ريو، حداً لما وصفه بـ"الجدل المفتعل" حول مزاعم المساعدات الفرنسية السنوية للجزائر، في ظل ترويج اليمين المتطرف المتكرر لهذه الفكرة داخل فرنسا.

مُفجّر قطارات باريس.. من هو بوعلام بن سعيد الذي ستُسلّمه فرنسا للجزائر؟
ينتظر أن تتسلم الجزائر، مطلع شهر آب/أوت المقبل، الإرهابي بوعلام بن سعيد، أحد أبرز عناصر الجماعة الإسلامية المسلحة (GIA)، بعد أن قضى قرابة ثلاثين عاماً في السجون الفرنسية، عقب إدانته بتفجيرات دامية هزت باريس صيف عام 1995.

تزامنًا مع إدراجها ضمن الدول عالية المخاطر المالية.. الجزائر تطلب تفعيل مجلس الشراكة مع الاتحاد الأوروبي
طلبت الجزائر رسمياً من الاتحاد الأوروبي تفعيل مجلس الشراكة بين الجانبين، باعتباره الإطار الأنسب لمعالجة الملفات السياسية والاقتصادية ذات الاهتمام المشترك، ولإعادة التوازن إلى اتفاق الشراكة الموقع عام 2005، والذي تعتبره الجزائر منحازاً للطرف الأوروبي.