سجن المؤرخ بلغيث يقسم الساحة السياسية.. أحزاب تجرّم تصريحاته وأخرى تدعو للإفراج عنه
4 مايو 2025
في سياق الجدل الواسع الذي أثارته تصريحات الباحث في التاريخ محمد الأمين بلغيث حول الأمازيغية، والتي تسببت في إيداعه السجن المؤقت، تفاعلت عدة أحزاب وشخصيات سياسية جزائرية مع القضية، بقراءات متعددة تعكس تباين المواقف حول مسائل الهوية الوطنية، وحدود حرية التعبير، ومقاربات الوحدة الوطنية.
عثمان معزوز: الرد على الآراء المتطرفة يجب أن يكون بالعقل، لا بالزج في السجون
وفي أول موقف لها، هاجمت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، بشدة تصريحات بلغيث، واصفة إياها بأنها "عمل تحريفي وعدمي" يُخالف أبسط المعايير الأكاديمية.
واعتبرت زعيمة الحزب اليساري في تجمع لها، أن ما قام به بلغيث يمثل شكلاً من أشكال "التحريف"، أي إعادة كتابة التاريخ وفق أيديولوجيا معينة، وهو أمر يُعد حسبها جريمة في كل دول العالم، معتبرة أن التشكيك في وجود الأمازيغية يطعن في جوهر الهوية الجزائرية.
وجدّدت القول بأن "الشعب الجزائري أمازيغي الأصل عرّبه الإسلام، وأن هذا المعطى التاريخي والعلمي لا يمكن إنكاره أو تحريفه". وذهبت أبعد من ذلك في الدعوة لانسحاب الجزائر من جامعة الدول العربية، ووصفتها بأنها "أداة بيد الصهاينة" لا تعكس واقع الشعوب المغاربية.
وفي نفس الاتجاه، عبّر يوسف أوشيش السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس)، عن استنكاره الشديد لما وصفه بـ"الانحرافات الخطيرة" التي تستهدف ثوابت الأمة الجزائرية.
واعتبر أوشيش الذي تعد منطقة القبائل ذات اللسان الأمازيغي أهم معاقل حزبه، أن الطعن في مكونات الهوية الوطنية ليس مجرد رأي، بل جريمة وخيانة عظمى، خصوصاً في ظل ما تمر به البلاد من تحديات إقليمية ودولية دقيقة.
وأكد مسؤول الأفافاس، أن التصريحات التي تشكك في الشخصية الجزائرية تسعى إلى زعزعة استقرار البلاد وتغذية خطاب الفرقة والكراهية، مؤكدا أن احترام الثوابت الوطنية لا يتنافى مع التعددية، بل يتطلب إطاراً وطنياً جامعاً يثمّن كل مكونات الهوية الجزائرية ويقطع الطريق أمام المشاريع التخريبية، سواء أكانت مشرقية أم غربية، على حد قوله.
نداءات للرئيس تبون
عكس ذلك، ظهرت مساعي للإفراج عن بلغيث، عبر مناشدات موجهة للرئيس عبد المجيد تبون، مثل ما ورد في الرسالة التي كتبها عبد رئيس حركة البناء الوطني.
وقال عبد القادر بن قرينة، وهو من أبرز شخصيات الموالاة، في رسالته المفتوحة التي شاركها المئات، إنه يلتمس من الرئيس التدخل في قضية الدكتور محمد الأمين بلغيث، داعيًا إلى معالجة الملف بروح العدالة والإنصاف.
وأشار إلى أن الدكتور بلغيث شخصية أكاديمية معروفة بمواقفها الوطنية، وأن خلفيته النضالية وعطاؤه الفكري يجب أن يؤخذا بعين الاعتبار في أي معالجة قانونية لقضيته.
وأوضح رئيس حركة البناء المحسبوة على التيار الإسلامي العروبي المحافظ، أن التماس التدخل لا يمس باستقلالية القضاء، بل يعكس الثقة في دور رئيس الجمهورية كضامن للحقوق والحريات وكحكم أعلى بين السلطات.
وفي خضم هذا الجدل، اختارت حركة مجتمع السلم موقفا وسطا، عبر توجيه نداء للحفاظ على وحدة الصف الوطني والدعوة إلى التعامل مع القضايا الهوياتية بقدر كبير من المسؤولية والوعي الوطني.
واعتبرت الحركة ذات التوجه الإسلامي، في بيان لها أن الهوية الجزائرية قائمة على ثلاثية الإسلام والعروبة والأمازيغية، داعية إلى حماية هذا التوازن من أي انحراف قد يهدد تماسك المجتمع.
وشددت على أن الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد تستدعي الابتعاد عن الخطابات الإقصائية، والتمسك بالثوابت الوطنية الجامعة التي كرسها الدستور.
كما دعت الحركة النخب والإعلاميين إلى تغليب منطق الوحدة والابتعاد عن التصريحات المستفزة التي قد تضعف الجبهة الداخلية وتخدم أجندات خارجية تستهدف استقرار البلاد.
ورغم أن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) يعد من أكثر الأحزاب دفاعا عن الهوية الأمازيغية، إلا أن رئيسه عثمان معزوز اتخذ موقفا معارضا لسجن بلغيث، مع استنكاره الشديد لتصريحاته.
وقال رئيس الحزب إن سجن أي شخص بسبب رأي أو فكرة يُعد مؤشراً على فشل المجتمع في ممارسة النقاش والإقناع، مشيرا إلى أن المجتمعات الديمقراطية لا تخاف من الأفكار، بل تواجهها بالحوار والعقل.
واعتبر أن السماح لأصوات معينة بالهيمنة على المشهد الإعلامي والأكاديمي دون إتاحة مساحة للرد والتصحيح يشكل خطراً على التعددية، محذراً من أن القمع يؤدي إلى فرض فكر واحد قائم على الخوف لا على الحقيقة.
ودافع معزوز عن حق كل جزائري في التعبير الحر، مؤكداً أن الرد على الآراء المتطرفة يجب أن يكون بالعقل، لا بالزج في السجون.
خلفية سجن بلغيث
وكان بلغيث وهو باحث مثير للجدل بآرائه ومواقفه، قد أودع السجن المؤقت، بقرار من قاضي التحقيق لمحكمة الدار البيضاء بالعاصمة، عن جناية المساس بالوحدة الوطنية وجنحة التحريض على خطاب الكراهية.
وجاء قرار النيابة بالتحقيق معه، إثر تصريحاته لقناة سكاي نيوز عربية (إماراتية)، والتي قال فيها إن الأمازيغية “مشروع أيديولوجي فرنسي-صهيوني”، وإن البربر هم “عرب فينيقيون”، منكرا وجود "شيء اسمه أمازيغية"، وفق ما قال.
وأثارت هذه التصريحات جدلا كبيرا، حيث اعتبرها البعض مساسا مباشرا بأحد مكونات الهوية الوطنية المنصوص عليها في الدستور.
الكلمات المفتاحية

البرلمان الجزائري سلطة تشريعية بمِطرقة المُصادقة.. أين الرقابة؟
مدّد البرلمان دورته العادية لمدّة أسبوع إضافي، في خُطوة تهدف إلى استكمال التصديق على حزمة من مشاريع القوانين المهمة.

كتاب "زمن العسكر... القلاع والبوصلة".. قراءة في التحولات السياسية في الجزائر
تُعتبر العلاقة بين المؤسسة العسكرية والفضاء السياسي في الجزائر من أكثر القضايا تعقيدًا وحساسية، إذ غالبًا ما يتمّ التعاطي مع هذا الموضوع ضمن أطر تحليلية تقليدية.

العلاقات الجزائرية الروسية.. تقاطع وتباين وتعاون في الأفق
في ظلّ التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي تشهدها منطقة الساحل الأفريقي، تتداخل العلاقات الجزائرية- الروسية ضمن شبكة معقدة من التقاطعات والتعاون.

خط بحري جديد للمسافرين بين بجاية وميناء فرنسي.. هل تنخفض الأسعار؟
دخل خط بحري جديد حيز الخدمة بين ميناء بجاية وميناء سات الفرنسي، بعد أن أشرفت الشركة الإيطالية "غراندي نافي فيلوتشي" على التدشين الرسمي له اليوم الاثنين، تزامنا مع وصول السفينة "إكسلنت" إلى ميناء بجاية وعلى متنها 257 مسافرا و181 مركبة.

6 أشخاص في قبضة العدالة بشبهة الاعتداء على السيدة المتهمة ظلما بالسحر
عرفت قضية سيدة العلمة المتهمة ظلمًا بممارسة السحر تطورات جديدة، حيث أعلن عن توقيف ستة أشخاص يُشتبه في تورطهم المباشر في حادثة الاعتداء التي تعرّضت لها، بعد تحليل محتوى الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وثّقت لحظة محاصرة السيدة وتوجيه اتهامات علنية لها، من دون أي دليل مادي أو قانوني.

لجنة الدفاع عن بوعلام صنصال تنتقد "تقاعس" مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الدفاع عنه
يُكمل الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، في 16 جوان الجاري، شهره السابع خلف القضبان في سجن القليعة، حيث أعلنت لجنة دعمه عن خطوة جديدة للضغط من أجل إطلاق سراحه.

تزايد لافت لاستعمال السلاح في تهريب المخدرات.. هل نتجّه لعسكرة الجريمة؟
تأتي العملية التي أعلنت عنها وزارة الدفاع بتوقيف ثلاثة أجانب مسلحين يوم الجمعة 13 حزيران/جوان الجاري في منطقة عين أمناس الحدودية مع ليبيا، في سياق تحول واضح في سلوك الجماعات الإجرامية التي باتت تلجأ لاستعمال العنف المسلح في تنفيذ عملياتها، بعد أن كانت تعتمد لسنوات على شبكات تهريب سرية محدودة الإمكانيات.