24-أكتوبر-2021

تحضيرات عرض "رمادة 19" لشوقي بوزيد (فيسبوك/الترا جزائر)

فريق التحرير - الترا جزائر

كانت رواية "ليليات رمادة" لواسيني الأعرج (1954)، قبل صدورها في طبعتين عربيّة وجزائريّة، تحظى باهتمام نقديّ وأكاديميّ وإعلاميّ كبير، واحدةً من الأعمال الرّوائيّة السّبّاقة عربيًّا إلى الاستثمار إبداعيًّا في وباء كورونا، وما ترتّب عنه من تحوّلات في النّفسيات والذّهنيات والسّلوكات، على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والعالم. ذلك أنّ وسيني بادر إلى نشرها في سلسلة على حسابه الفيسبوكيّ، فكان الفارق الزّمنيّ بين كتابة الفصل منها وتلقّيه من طرف القرّاء لا يتعدّى السّاعات.

شوقي بوزيد: الوفاء لروح وطبيعة وأصول وأدوات العمليّة التياتراليّة في طرح القضايا ورسم الوجوه أولى من الوفاء الحرفي والجافّ للرّواية الأصل

ولا شكّ في أنّ هذا التّلقّي الإلكتروني، وحاجة الكاتب إلى التّطهر من مخاوف الوباء بالكتابة، إذ كتبها خلال الموجة الأولى منه، جعلها روايةً مطوّلة وثريّة بالشّخوص والأحداث، غير أنّ شخصية الطّبيبة "رمادة" التّي سمّاها أبوها ذو النّزعة التّراثيّة استحضارًا لعام الرّمادة الذّي جاع فيه المسلمون في صدر الإسلام بسبب الجفاف؛ تظلّ مدارَ السّرد والأحداث، بمحاولتها التحرّر من ربقة الأبوّة المتعسّفة والقائمة على القولبة والتّنميط، بالانخراط في علاقة حبّ جارفة.

لم يلبث الوباء أن حال بما فرضه من إجراءات وقائيّة منها قطع خطوط السّفر بين رمادة وحبيبها شادي الموسيقي الحالم، فبقي عالقًا في فيينّا رفقة تلميذته ميشا، فتحوّلت حياة رمادة إلى جحيم من العواطف المتداخلة. الغيرة والحبّ والخوف والشّوق والانطواء.

وفي محاولة منه للقبض على مناخات الرّواية من منظور مسرحيّ؛ بادر المخرج المسرحي شوقي بوزيد إلى مسرحرتها تحت عنوان "رمادة 19"، نحت جزئي بين اسم البطلة و"كوفيد-19"، معتمدًا الاقتباس الذّي قام به الكاتب عبد الرزّاق بوكبّة، ومقترحًا رؤية بصريّة للعرض الذّي ينتجه المسرح الوطنيّ الجزائريّ وسيشرع في تقديمه خلال الثّلث الأوّل من شهر نوفمبر الدّاخل، رفقة نخبة من الممثلين الشّباب هم أسماء شيخ ووائل بوزيدة وخليل جبراني وبلال بلمداني وأيمن بن صالح ومنيرة فيسة روبحي.

يقول شوقي بوزيد، إنّ الدّرس الأوّل الذّي أملاه علينا الوباء الدّاهم هو ضرورة الالتفات إلى بناء الفرد، "فقد أوغلنا في الاهتمام بالجماعة وقضاياها وهواجسها وغفلنا عن قضايا الفرد وهواجسه، فلمّا احتجنا إلى حماية الجماعة من مخاطر العدوى كان علينا التّوجّه إلى مخاطبة الفرد، فلا سلامة للجماعة من دون التزامه بالإجراءات. وهو بهذا أثبت كونه محورًا وليس هامشًا. وعلى المنظومات المختلفة، خاصّة السّياسيّة والتّربويّة والثّقافيّة، أن تبني على هذا المعطى برامجها المستقبليّة".

من هنا، فرضت عليّ طبيعة الرّؤية الإخراجيّة المستمدّة أساسًا من روح الرّواية؛ يقول محدّث "ألترا جزائر"، التّناولَ البصريّ للأحداث، من خلال اللّغة المستعملة ومن خلال تقنيات الإضاءة ومن خلال نقل بعض الأحداث إلى شاشة داخلة ضمن سينوغرافيا العرض العائدة للفنان رياض سقني. بل إنّ الموسيقى نفسَها التّي اقترحها الفنان سنوسي فيصل الحبيب ذات روح سينيمائية.

وعن مدى وفاء العرض المقتبس من رواية "ليليات رمادة" لواسيني الأعرج الذّي بارك العمليّة في أكثر من تدوينة له، لمناخات الرّواية، قال شوقي بوزيد إنّ الوفاء لروح وطبيعة وأصول وأدوات العمليّة التياتراليّة في طرح القضايا ورسم الوجوه والتّوجّهات والمسارات أولى من الوفاء الحرفي والجافّ للرّواية الأصل. وإنّ الرّواية ذات الرّوح الإنسانيّة تملك القدرة على الذّهاب إلى المسرح بشروطه من غير أيّ مشكل؛ "لم نستدعِ جميع الشّخوص؛ لكنّنا لم نهمل جميع الأسئلة والهواجس والمسارات".

يشار إلى أنّ شوقي بوزيد بصدد بعث "حركة التياتراليّين الجزائريّين"، رفقة نخبة من المسرحيّين، في مسعى المساهمة في تأطير المشهد المسرحي الوطني، وربطه بمقولات وطموحات جديدة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

دون مبررات.. الجزائر تسحب فيلم "هيليوبوليس" من الأوسكار

فيلم "هيليوبوليس" للمخرج جعفر قاسم في قاعات العرض هذا الشهر