19-ديسمبر-2016

من غرفة معيشة أسرة جزائرية (فايز نور الدين/ أ.ف.ب)

احتدم صراع خفي وظاهر بين القنوات الإعلامية الخاصة في الجزائر، هو صراع أشعلت فتيله شبكات التواصل الاجتماعي وبخاصة "الفيس بوك" وهو برأي الكثيرين منافسة ذات بعدين، بعد ذاتي تدخل تحت مظلته عوامل كثيرة أولها الخط الافتتاحي لكل قناة، وأدوات وآليات تعاطيها لعديد الموضوعات ذات الشأن الداخلي في صورة قضايا (عودة وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل وقضية الإضرابات المرتبطة أساسًا بحراك الفئات العمالية تحت لواء النقابات المستقلة ومؤتمر الاستثمار الأفريقي، وكذلك تداعيات ظهور المنتج الصيدلاني "رحمة ربي ").

أما البعد المهني، وبالعودة للتجربة الإعلامية في الجزائر، فإن إطلاق السمعي البصري في الجزائر، برز جليًا قبيل الانتخابات التشريعية في 2012، لهذا فإن 4 سنوات كتجربة في هذا القطاع الجماهيري "الثقيل" و"الساخن" هي فترة قصيرة جدًا وغير كافية لتأسيس مدرسة إعلامية في الجزائر مقارنة بقطاع الصحافة المكتوبة الخاصة التي برزت في بداية سنة 1990.

بحسب وزارة الاتصال الجزائرية فإنه هناك 43 قناة تلفزيونية محلية، وهو أمر يجعلنا ننظر بشيء من الدقة للمعطى المهني لهذه القنوات

تلك الفترة ليست كافية أيضًا في تدريب الكوادر الإعلامية وصناعة ما يسمى في عالم السمعي البصري "النجوم"، وتحسين الجانب التقني والفني وإنتاج برامج تستقطب المشاهد على برنامج ضخم. فضلًا عن تفهم طبيعة احتياجات المجتمع والانشغالات الرئيسة للمواطن، رغم أنها فتحت نوافذ على بعض المسائل دون وضع إصبعها على العمق المجتمعي الجزائري، الذي بات نقطته السوداء أوضح من البياض الذي يحيط به.

اقرأ/ي أيضًا: وفاة الصحفي تامالت.. عودة لجدل الحريات في الجزائر

بحسب أرقام وزارة الاتصال الجزائرية، فإنه هناك 43 قناة تلفزيونية محلية تزين المشهد الإعلامي، وهو أمر يفرض علينا أن ننظر بشيء من الدقة للمعطى المهني في القنوات التي تنشط حاليًا، ففي النهاية نحن أمام تجربة يمكنها أن تتطور مع مرور الوقت ولكن بشروط علمية ومهنية بحتة أهمها، توفير التأطير الأكاديمي للآلاف من الصحفيين، فحيازة شهادة جامعية غير كافية لممارسة المهنة، رغم أنها في المقابل استقطبت عشرات المتخرجين من الجامعات، لكن هناك نقص فادح في التكوين الميداني بحسب الإعلاميين أنفسهم، والتكوين أو التدريب المستمر، وهو الذي يفتح للصحفي آفاق كبرى ويوسع الرؤية الإعلامية للقنوات، لتضع استراتيجية على المدى المتوسط والطويل من أجل استمرارها في استقطاب الرأي العام وتقديم خدمة عمومية حقيقية.

القنوات التلفزيونية الجزائرية لا يمكنها الاعتماد على السلطة، فهناك تشوش في رؤية الأخيرة للقطاع وارتباك كبير في التعامل معه

القنوات لا يمكنها الاعتماد على السلطة في تنظيم نفسها لأن هناك تشوش في رؤية الأخيرة للقطاع ونتلمس ارتباك كبير في التعامل معه، لهذا فإن وضع السمعي البصري في الجزائر برأي أصحاب المهنة "غير مقلق" بل إن وضعها يشبه الميزان القديم الذي يتمايل كثيرًا يمينًا ويسارًا إلى أن يستوي.

وهذا ما يمكن ضبطه في بعض القنوات التي بدأت تعدل من مخرجاتها الإعلامية، وبدأت مع مرور الوقت تستشعر حساسية التعاطي مع الموضوعات ذات الطابع الديني والإثني والأخلاقي كما حصل في قضية الحراك بمنطقة غرداية وغيرها من القضايا المرتبطة بالموروث الثقافي والحضاري والتاريخي للجزائر، وهذه مؤشرات تبعث الأمل في القطاع الذي يحتاج إلى فترة أطول لتتوضح له الرؤية، وتمنح له نفَس طويل لترتيب أولوياته.

اقرأ/ي أيضًا:
"رحمة ربي" الجزائري.. جدل وتصعيد متواصل
شهادة وفاة الصحفي