18-أبريل-2022
صلاح الدين عبد السلام (فيسبوك/الترا جزائر)

كان من المفروض أن تكون يوميات الفنّان المسرحيّ والمهندس صلاح الدين عبد السلام؛ 1998، خلال شهر رمضان، بين الآلات في الصّحراء، ذلك أنّه متخصّص في الهندسة الميكانيكيّة الطّاقويّة؛ لكنّه قرّر منذ 2018، أن تكون بين الصّحون والملاعق والأواني في مطعم الرّحمة التّابع لفرع الهلال الأحمر الجزائريّ في أدرار.

يقول صلاح الدين إنّه لم يغادر روح الصّحراء المرتبطة عنده بالكرم والعطاء والإيثار والرضا

يقول إنّه لم يغادر روح الصّحراء المرتبطة عنده بالكرم والعطاء والإيثار والرضا؛ "لكنّني غادرت روح الهندسة الميكانيكيّة الطّاقويّة المرتبطة بالحسابات الماديّة؛ أي أنّني أفضّل خلال "سيدنا رمضان" الطّاقة الإنسانيّة والرّوحيّة على الطّاقة الميكانيكيّة".

وبروح التّصوّف التّي تُعرف بها منطقة أدرار بحواضرها الأربع؛ تنزروفت، تيديكلت، قورارة وتوات، يقارن محدّث "الترا جزائر" بين تخصّصه وتطوّعه بالقول: "الهندسة الميكانيكيّة الطّاقويّة تتقصّد خيرات الأرض، بينما تتقصّد الأعمال الخيريّة والتّطوّعيّة خيرات السّماء. رمضان في نظري معطًى سماويّ وليس معطًى أرضيًّا".

مركز إفطار الصائمين

من هنا، يقول صلاح الدّين عبد السّلام الذّي شارك في العديد من العروض المسرحيّة منها "شهقة الوجود"، للمخرج غانم إلياس بوعجّاج، و"سمر" للمخرج عبد القادر روّاحي، "لا يهمّني أن أتعب، حين أساعد في طهي الوجبات وتوزيعها وتنظيف ثمّ توزيع أواني الأكل واستقبال وتنظيم الوافدين إلى مطعم الرّحمة، بل إنّ تعبي يتحوّل إلى راحة عميقة أثناء شغلي وبعده".

 يشرح فكرته بالقول: "لقد انتبهت مبكّرًا من خلال البيئة الرّوحيّة التّي نشأت فيها إلى أنّ شهر رمضان هو في جوهره درس يهدف إلى أن يُعلّمنا كيف نحوّل الأتعاب إلى راحات. إنّ الصوم جنّة الرّوح من خلال تطويع الجسد".

ويتساءل: "من منظور إنسانيٍّ وإيمانيٍّ؛ هل هناك أفضل من مساهمتنا في زرع الابتسامة على شفاه ووجوه الفقراء والمحتاجين؟ كلّما رأيت تلك الابتسامات تمنّيت أن تكون البشريّة كلّها حاضرةً لتُشاركني وزملائي في المطعم الاستمتاع بها. وما قبولي أن أظهر في وسائل الإعلام ومواقع التّواصل الاجتماعيّ بصفتي متطوّعًا إلّا لأوصل تلك المتعة لغيري من الشّباب، حتّى ينخرطوا في المساعي التّطوّعيّة والخيريّة والإنسانيّة".

مركز إفطار الصائمين

وعن طبيعة قاصدي مطعم الرّحمة؛ يقول محدّثنا المنخرط في صفوف الكشّافة الإسلاميّة الجزائريّة منذ 2010، إنّهم من عابري السّبيل؛ "فأدرار منطقة عبور بين الجنوب الجزائريّ ودولتي مالي والنّيجر؛ حيث يوجد طريق تجاريّ شغّال على مدار العام؛ وطريق آخر للمهاجرين الأفارقة الذّين يصلون إلى المدينة منهكين ولا يملكون شيئًا؛ بالإضافة إلى بعض من يعمل في عاصمة الولاية ويقيم خارجها، أو قدم إليها من ولايات الشّمال، وبعض الأسر التّي لا تجد ما تطبخه".

وعند مقارنته بين وتيرة العمل التّطوّعيّ بين هذا الموسم الرّمضانيّ والمواسم السّابقة؛ يقول صلاح الدّين إنّه لاحظ تراجعًا في التّبرّعات الشّعبيّة؛ بالنّظر إلى الأزمة المالية التّي تعرفها الجزائر والعالم مؤخّرًا بما أدّى إلى ارتفاع الأسعار؛ "لكنّ هذا الموسم الرّمضانيّ أفضل ممّا سبقه من زاوية الانفراج الصّحّيّ بتراجع عدد الإصابات بكورونا، إذ وجدنا صعوبةً بالغةً في تنظيم مطعم الرّحمة خلال الموسمين السّابقين". 

ينتمي صلاح الدّين عبد السّلام إلى جيل جزائريّ بات شغوفًا بالأعمال الخيريّة

وينتمي صلاح الدّين عبد السّلام إلى جيل جزائريّ بات شغوفًا بالأعمال الخيريّة؛ حيث ظهرت منظّمات شبابيّة في الواقع ومنصّات افتراضيّة في مواقع التّواصل الاجتماعيّ تقوم بجهود لافتة للانتباه؛ وتحظى بثقة وتفاعل المواطنين أكثر من بعض المنظّمات الحكوميّة