بدأت جامعة "سعد دحلب" بولاية البليدة، غرب العاصمة دراسة علمية موسّعة حول طائر المينا الهندي لتحديد تأثيره على النّظام البيئي في الجزائر، وذلك بهدف فهم مدى خطورته وتقديم حلول علمية للتّعامل معه.
في حالة طائر المينا الهندي فإنّ أي دراسة حوله قد تتناول عدّة شٌعب علمية خاصة منها تأثير هذه الكائنات على النّظام البيئي المحلي
وشهِدت الجزائر نهاية السنة الماضية، حملة لمتابعة طائر المينا الهندي الخطير ومُحاصرة انتشاره، بوصفه من الطيور الدّخيلة.
وقال أستاذ في كلية العلوم الطبيعية والحياة بجامعة، الدكتور جمال بن جودي، بأنّ الكثير من المعلومات المتداولة حول طائر المينا الهندي تحتاج البحث، موضّحاً في تصريحات صحفية بأنها " لا تعكس الواقع، خصوصًا فيما يتعلق بتأثيره السلبي على البيئة".
وأشار إلى أن الجامعة باشرت هذه الدراسة متعددة المحاور منها: "تقديم معلومات دقيقة حول كيفية تكاثر طائر المينا وطرق انتقاله، وتأثيره المحتمل على البيئة في الجزائر".
ولفت إلى أنّ الجزائر "شهِدت دخول العديد من الطيور غير المهاجرة التي استوطنت في البيئة الجزائرية، ممّا أثر على التوازن البيئي".
وفي إطار متّصل، قال الباحث بأنه على سبيل المِثال، فإنّ طائر اليمامة الذي دخل إلى ولاية عنابة شرق البلاد، في تسعينيات القرن الماضي، شهد أعدادًا متزايدة في السنوات الأخيرة، ما دفع الباحثين إلى دراسة تأثيراته على البيئة.
وكذلك الحال مع طائر "البلشون الأبيض" الذي أصبح مستوطناً، مما يُثير تساؤلات حول تأثيره على النظام البيئي المحلي.
وقال في هذا الصدد إنّ أسباب دخول هذه الطيور إلى الجزائر متعددة؛ غير أنّ "العامِل البشري يُعدّ الأكثر تأثيرًا، خصوصا وأنها قد تُنقل عبر الموانئ مع سفن الشّحن، أو عن طريق التّجارة غير القانونية التي تهدف إلى بيعها كطيور زينة."
وأشار بن جودي إلى أنّه "بعد جلب هذه الطيور، يُترك بعضها ليعيش في البيئة، ما قد يؤثر سلبًا على التوازن الإيكولوجي".
وأضاف أنّ بعض الطيور المهاجرة، مثل البلشون الأبيض، لم تعد تغادر الجزائر بل أصبحت مستوطنة، وهو أمر يُهدّد التوازن البيئي، خاصة في ظلّ التغيرات المناخية وتدخّل الإنسان.
وأكد على أنّ الدراسات توصلت إلى أنّ "الطيور التي كانت في السابق مهاجِرة وأصبحت مستوطِنة قد تؤدي إلى تغييرات غير متوقعة في النظام البيئي".
هذا الأمر جذب انتباه الباحثين خاصة في سلك الدكتوراه في تخصص العلوم الطبيعية والحياة، مثلما قالت الأستاذة كريمة مصمودي في تصريحات لـ "الترا جزائر".
وشدّدت على أنّ أي ظاهرة أو أي تغيّر يحصل على مستوى التنوع البيئي وأشكال الحياة وجب أن يُوضع على لائحة اهتمامات الباحثين بوجه عام في فضاءات البحث والمخابر الجامعية.
وأكدت الأستاذة مصمودي على أنّه في حالة طائر مينا الهندي، فإنّ الدراسة حوله قد تتناول عدة شعب علمية خاصة منها تأثير هذه الكائنات على النّظام البيئي المحلي.
وأضافت أنّ طائر المينا الهندي يأتي في مُقدّمة الطيور التي تُثير الفُضول والاهتمام العلمي خلال الفترة الأخيرة، حيث بدأ الباحثون في إجراء دراسات شاملة لفهم تبِعاته على مختلف مجالات البيئة.
وقالت بأنّ الأهم هو تصحيح بعض المفاهيم المتعلقة بالطائر على أكثر من مستوى، وهو ما يستدعي مزيدًا من البحث لفهم انعكاساته على البيئة في الجزائر.
ومن دون التّأثير السلبي على البيئة أو على هذه الطيور نفسها؛ تهدِف هذه البُحوث ضمن دراسة متعددة التخصصات في مجال علوم الطبيعة إلى إيجاد حلول علمية تضمن التوازن البيئي، ومعرفة الأسباب التي أدّت إلى استيطانها في الجزائر وكيفية تأثيرها على البيئة.
ويُعدُّ فتح المجال لبحث طائر المينا الهندي هو جُزء من جملة الأبحاث التي يستوجب إطلاقها على مُستوى المخابِر العِلمية في الجامعات الجزائرية بمختلف تخصّصاتها، إذ ألحًّ المهتمون بهذا القطاع العلمي الأكاديمي على أهمية محاولة فهم البيئة الجزائرية وحمايتها من أي خطر قد يؤثّر على التكوين البيئي، والذي ينعكس على المجال الغذائي والاقتصادي أيضاً.