23-مايو-2019

وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي (أ.ف.ب)

وجه وزير الخارجية الأسبق، أحمد طالب الإبراهيمي، دعوة للجيش الجزائري لإيجاد "حل سياسي للأزمة وعدم التقيد حرفيًا بالدستور"، في ثانِ بيان يصدره خلال أقل من أسبوع، تعليقًا على الأزمة السياسية للبلاد، غير أن هذا البيان، جاء موقعًا باسمه فقط.

وجه وزير الخارجية الأسبق، أحمد طالب الإبراهيمي، دعوة للجيش الجزائري لإيجاد "حل سياسي للأزمة وعدم التقيد حرفيًا بالدستور"

وقال الإبراهيمي في بيانه الصادر يوم أمس الأربعاء، 22 أيار/مايو 2019، إن "المؤسسة العسكرية تتسم بالانضباط وتفادي التدخل المباشر في الشأن العام، لكنها في هذا الظرف الخاص يجب أن تُصغي إلى اقتراحات النخب وعقلاء القوم، وألا تكون سندًا لمؤسسات لا تحظى بالرضى الشعبي، حتى وإن كانت في وضع دستوري ثابت كان مبرمجًا لحالات عادية، وليست استثنائية كالتي نمر بها اليوم".

اقرأ/ي أيضًا: مبادرة الإبراهيمي وزميلاه.. حوار سياسي بين الجيش والحراك بلا آليات واضحة!

وحذر الإبراهيمي، وهو من بين المرشحين في انتخابات سنة 1999، من سيطرة الجيش على الساحة السياسية، قائلًا: "لا يجب أن تكون مشروعية تدخل المؤسسة العسكرية بديلًا عن الشرعية الشعبية، بل عليها أن تكون قناة لتحقيق هذه الشرعية عبر الاستجابة الواضحة للمطالب الشعبية وفق قراءة واعية ومسؤولة للواقع السياسي وضغوطات المرحلة، بحيث لا تنحرف هذه المشروعية إلى إعادة إنتاج وسائل وآليات الحكم السابق عبر عناوين جديدة يلتبس فيها مبدأ الاستقرار المؤسساتي والدستوري بريبة المطامع السلطوية التي لا تخلو منها أي نفس بشرية".

قبل أيام أصدر الثلاثي الإبرهيمي وعبدالنور وبن يلس مبادرة لحل الأزمة السياسية

ويأتي بين وزير الخارجية الأسبق بعد ثلاثة أيام من نشر مبادرة أطلقها الإبراهيمي رفقة كل من الحقوقي علي يحي عبد النور والجنرال السابق في الجيش رشيد بن يلس، دعوا فيها القيادة العليا في الجيش الجزائري إلى "فتح باب الحوار مباشر مع رموز الحراك الشعبي والقوى السياسية لإيجاد حل للأزمة الراهنة ووضع خطة انتقالية" .

حلول ولو من خارج الدستور

واقترح وزير الخارجية الأسبق، إيجاد حلول للأزمة من خارج الدستور الذي لا يحتوي مضمونًا لعلاج الأزمة الحالية، قائلًا: "النقاش الدائر حول الدستور تحول إلى جدل مجتمعي، من إيجابياته أنه جعل الشباب ينتقل من موقع العزوف عن العمل السياسي إلى موقع المهتم بالعمل السياسي، ولكنه أيضًا بيّن أن النص الدستوري وُضع ليوافق هوى السلطة الحاكمة دون مراعاة للتفاعلات الاجتماعية والتوازنات الحقيقية للقوى". 

وأرجع الإبراهيمي "هوائية" الدستور إلى "غياب ثقافة الدولة لدى السلطة التي تعاملت مع الدستور كوسيلة للحكم وليس مرجعا يُحتكم إليه"، مستطردًا: "كان من نتاج ذلك أن كثيرًا من الجزائريين لا يرون حرجًا في تجاوز هذا العقد الاجتماعي، غير مبالين بالمخاطر ومن بينها الفراغ الدستوري".

كما وصف الإبراهيمي الحراك الشعبي الذي يدخل اليوم شهره الرابع بـ"الاستفتاء"، داعيًا إلى ضرورة إيجاد حل يضم الأساس الدستوري من خلال المادتين السابعة والثامنة، وبين بعض المواد الإجرائية التي وصفها بالمساهمة في نقل السلطة دستوريًا.

وشدد  الإبراهيمي على ضرورة "تغليب المشروعية الموضوعية على المشروعية الشكلية، انطلاقًا من حق الشعب في التغيير المستمر، فالدستور هو من وضْع البشر، ولا يجب أن يكون متخلفًا عن حركة الواقع، ولا ينبغي أن يكون مُعوقًا لحركة المستقبل".

وبخصوص ما جاء في خطاب قائد الأركان الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، عن غياب المقترحات في حلحلة الأزمة من طرف الشخصيات الوطنية، قال الإبراهيمي، دون أن يشير مباشرة لخطاب قايد صالح: "هناك مبادرات عديدة طرحتها أحزاب ونقابات وشخصيات وأفراد، والتي أستغرب كيف غابت كلها عن أصحاب القرار".

الإبراهيمي
خرجت العديد من الدعوات تطالب بأن يترأس الإبراهيمي الفترة الانتقالية

 ولم ينس الإبراهيمي في بيانه، أن يثمن دور المؤسسة العسكرية في "الحفاظ على سلمية الحراك الشعبي، بحرصها على تجنب استعمال العنف"، كما ثمن في الجهة الأخر "حرص المحتجين على سلمية المسيرات الشعبية".

الحراك خطوة الشباب وقوة البلاد

وفي نفس البيان، نفى الإبراهيمي أن تكون لديه طموحات شخصية سياسية، مبررًا ذلك بتقدمه في السن (87 عامًا)، قائلًا: "لقد تقدم بي السن، وألغى كل طموح في نفسي، بيد أنه لم يستطع منعي من التفاعل مع قضايا وطني. لم أعد بتلك الفتوة التي تمنحني القوة لأكون معكم في مسيراتكم المباركة التي تدكّون بها في كل يوم يمر منذ 22 شباط/فبراير الماضي، ركائز نظام فاسد، وتؤسسون لبناء دولة القانون وتحترم فيها الحريات وحقوق الإنسان، وتكون فيها العدالة مستقلة والعدالة الاجتماعية". 

وأكد الإبراهيمي إلى أن التأسيس للجمهورية الجديدة "لن يتأتى إلا إذا انتهينا من الخلط بين السلطة والمال الفاسد، وأخلقنا الحياة العامة ودفعنا إلى الصفوف الأمامية برجال مسؤولية وليس برجال تنفيذ".

وحول دعوات لترؤسه الفترة الانتقالية، قال الإبراهيمي أنه تحاشى إصدار مواقف في الأيام الأولى للحراك لتجنب أية تفسيرات عن محاولة ركوب الحرك أو محاولة خلق زعامة للحراك. 

دعا الإبراهيمي المؤسسة العسكرية إلى البحث عن الحلول خارج الدستور الذي قال إنه وضع "ليوافق هوى السلطة الحاكمة"

وأخيرًا، قال الإبراهيمي عن مسيرات الحراك كل جمعة، إنها "باتت تشكل بالإضافة لقيمتها الروحية، قيمة رمزية خاصة"، موضحًا: "صار (الحراك) جامعًا لكل أطياف المجتمع من وطنيين وإسلاميين وعلمانيين، يتقدمهم شباب متحمس لم تتبلور قناعاته السياسية بعد، لكنها لن تكون جانحة أمام هذه الوسطية الفائقة". 

 

اقرأ/ي أيضًا:

خطاب قايد صالح.. تجديد القطيعة مع مطالب الحراك الشعبي

بعد الجمعة الـ13.. هل يضم الحراك الشعبي قايد صالح لـ"العصابة"؟