25-ديسمبر-2019

الأرصاد الجوية فسّرت الظاهرة بارتفاع الحرارة (الصورة: إيناتيراليست)

غصّت مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر خلال الأيّام الماضية، بتنبيهاتٍ تحذّر من انتشار كبير للثعابين على أشجار الزيتون خلال هذه الفترة من العام، وتعدّدت بشأنها التعليقات والتفسيرات والتأويلات. فما هي أسباب هذه الظاهرة التي لم يلحظها الجزائريون في السنوات الماضية؟

رصدّ فلاحون انتشارًا كبيرًا للثعابين على أشجار الزيتون في عدة ولايات من البلاد

في العادة، لا يتمّ رصد الثعابين في الجزائر في فصل الشتاء، خاصّة في منطقة الهضاب العليا، بسبب البرودة الشديدة التي تدفع هذه الزواحف إلى الغرق في سبات شتوي يمتد لأشهر، بهدف توفير الطاقة لتدفئة أجسامها، غير أن هذه الصورة تغيّرت هذا العام خلال عملية جني الزيتون.

اقرأ/ي أيضًا: منطقة القبائل والانتخابات.. تاريخ من المقاطعة

تفسيرات مختلفة

في الآونة الأخيرة، رصدّ فلاحون انتشارًا كبيرًا للثعابين على أشجار الزيتون في عدة ولايات، مثل تيزي وزو وسطيف والبويرة وبجاية، وهي المناطق المعروفة بإنتاجها الوفير للزيتون، وكذا بطقسها القارس شتاءً.

من جهتهم، حذّر العديد من المواطنين من هذه الظاهرة غير المسبوقة في الجزائر في هذا الفصل، حيث لم يسبق خلاله تسجيل ظهور الثعابين أو غيرها من الزواحف سواءً على أشجار الزيتون أو غيرها من النباتات.

اختلفت التفسيرات حول ظهور الثعابين في هذه الفترة من قبل روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، إذ ربطها كثيرون بالوضع السياسي الذي تعيشه البلاد في الوقت الحالي، بل وذهبوا بعيدًا في تفسيراتهم للظاهرة حدّ اتهام السلطات برمي هذه الثعابين في منطقة القبائل التي قاطعت الانتخابات، رغم أن الظاهرة سُجّلت في مناطق عدّة من البلاد خارج منطقة القبائل.

غير أن لمؤيدي القرارات التي اتخذتها السلطة رأيًا آخر، حيث اعتبروا هذه الظاهرة من تدبير "حركة الماك" الانفصالية الهادفة إلى تهديد أمن الجزائر واستقرارها، بنشر أكاذيب حول وقوف السلطات وراء انتشار هذه الثعابين، وانحصرت التأويلات السياسية في تقاذف التهم بين الطرفين.

ضحايا الظاهرة

من جهتها، لم تقدّم وزارة الصحّة الجزائرية لحد الآن أرقامًا شاملة حول المواطنين الذين تعرّضوا للدغات ثعابين في جميع الولايات التي رصدت بها هذه الظاهرة، وحالة الوفاة الوحيدة المسجّلة حتى الآن بسبب لدغات الثعابين، راحت ضحيّتها سيدة ببلدية ماكودة بولاية تيزي وزو وسط البلاد.

نقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن أولعمارة إسماعيل من مصلحة الوقاية بمديرية الصحّة لولاية تيزي وزو، قوله إنه باستثناء حالة وفاة سيدة في بداية الشهر الجاري بماكودة "لم يُسجّل أيّ ضحايا آخرين بسبب لدغة ثعبان على مستوى الولاية"، مضيفًا أن هذه السيّدة "كانت مصابة بمرض السكري وتأخّرت في الوصول للمؤسّسة الاستشفائية". ويعتقد أولعمارة أيضًا أن ظهور هذه الزواحف ناجمٌ عن الظروف المناخية في المنطقة.

السلطات ترد

صنف مدير المصالح الفلاحية بولاية تيزي وزو مخلوف العايب، في تصريح لإذاعة تيزي وزو المحلية انتشار الثعابين على مستوى بعض القرى بولاية تيزي وزو خلال هذه الفترة ضمن "الظواهر الطبيعية".

 وقال مخلوف إنّ "الطقس المعتدل الذي شهدته المنطقة خلال الأيّام الأخيرة، يعد السبب الرئيسي في ظهور هذه الزواحف خصوصًا الثعابين، التي تحبّذ الحرارة للانتقال وتغيير الأماكن".

وبحسب لعايب مخلوف، فإن ظهور الزواحف خلال هذه الفترة "ظاهرة طبيعية وهي لا تعدّ بالضرورة خطيرة"، غير أنه شدّد على ضرورة "التحلّي بالحذر".

ودعا مخلوف إلى "إزالة الأعشاب الضارة وتنظيف الحقول ومحيط الأشجار قبل الشروع في جني الزيتون"، لتفادي حالات التعرّض للدغات الثعابين.

يبدو أن هذه الظاهرة ستستمر خلال فصل الشتاء الحالي، بسبب قلّة الأمطار وارتفاع الحرارة مقارنة بالمعدل الفصلي المعتاد، حسب توقعات مصالح الديوان الوطني للأرصاد الجوية.

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية، عن مدير المركز الوطني للمناخ، التابع للديوان الوطني للأرصاد الجوية صالح صحابي عابد، قوله إنّ التوقّعات تشير إلى أن معدّل درجات الحرارة الفصلية سيكون خلال الفترة الممتدة من كانون الأوّل/ديسمبر 2019 إلى غاية شباط/فيفري 2020 عاديًا إلى مرتفعًا عن المعدل الفصلي، في جل منطقة شمال إفريقيا بما فيها الجزائر.

وأضاف عابد، أنه يرجّح أن يكون معدّل درجات الحرارة عاديًا إلى مرتفعًا عن المعدل الفصلي بنسبة 90 في المائة. مردفًا بالقول "ينتظر في هذا الشتاء أن تكون درجات الحرارة عادية إلى ساخنة تقريبًا في كل الجزائر".

من جهته، يوضّح البروفيسور فريد حرواد في حديث إلى "الترا جزائر" أن التغيرات المناخية التي تعرفها معظم مناطق العالم لم تستثن الجزائر، لذلك يتم ملاحظة تغييرات من حين لآخر سواءً لسلوكات الحيوانات أو النباتات، داعيًا الجزائريين إلى "تفسير الظواهر المناخية والطبيعية علميًا والابتعاد عن التأويلات السياسية والخرافية".

مخلوف العايب: الطقس المعتدل الذي شهدته المنطقة خلال الأيّام الأخيرة يعد السبب الرئيسي في ظهور هذه الزواحف

انتشار الثعابين لم يثن الجزائريين عن جني هذا المحصول الذي ينتظر أن يكون هذا العام وفيرًا، حيث تتوقّع وزارة الفلاحة إنتاج 100 مليون لتر من زيت الزيتون هذه السنة، وربما سيكون أكثر من موسم 2017 حين بلغ محصول الزيتون حوالي سبعة ملايين قنطار.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"أزرو نطهور" في منطقة القبائل.. البركة التي تسكن الجبل منذ قرون

"ثاجماعث" أمازيغ الجزائر .. برلمان القرى