12-مارس-2019

أشاد عزمي بشارة بسلمية الشعب الجزائري (يوتيوب)

الترا صوت - فريق التحرير 

 

 

 أطل المفكر العربي عزمي بشارة، يوم الثلاثاء 12 آذار/مارس الجاري، عبر شاشة الجزيرة، معلقًا على عدد من القضايا العربية والإقليمية والأوضاع الراهنة في أكثر من بلد عربي.

اعتبر بشارة أن ما يحرك الشعوب العربية في هذه المرحلة، هو الحريات ورفض الإذلال بدون سبب، وتطلعهم إلى المشاركة السياسية

ناقش بشارة في حواره ضمن برنامج "لقاء اليوم" مع الإعلامي زين العابدين توفيق، الآفاق المفتوحة أمام الاحتجاجات العربية، التي عادت بشكل واسع للظهور في مناطق عديدة، منطلقًا من التساؤل عن مقولة "انتهاء" الربيع العربي، وعن تجدده، وعن مستقبل التطلعات الشعبية التي لا تزال تثبت حضورها في دول مثل السودان والجزائر والأردن والعراق وفلسطين.

اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة.. تعرية ديمقراطية إسرائيل المتناقضة

في هذا السياق، اعتبر بشارة أن قضايا المواطن العربي لا تزال كما هي، وأن هناك قضيتين رئيسيتين تحركان الشعوب في هذه المرحلة، وهما أولًا حريات الناس ورفضهم للإذلال بدون سبب، وسعيهم إلى صون الكرامة الإنسانية، وثانيًا أن الناس تتطلع إلى المشاركة في تقرير مستقبل المجتمعات. مؤكدًا أن الموجة الجديدة من الاحتجاجات لن تأخذ نفس الأشكال، لأن المجتمعات وطبيعة الأنظمة، رغم المشتركات الكثيرة، تتضمن العديد من التباينات.

الحالة الجزائرية.. مسار تونسي

في تعليقه على الحالة الجزائرية، رجح المفكر العربي عزمي بشارة أن الاحتجاجات التي تشهدها البلاد تتجه إلى نوع من الإصلاح التدريجي، الذي يتضمن عمليات تفاوض مع السلطة القائمة، ومع مؤسسة الجيش، بما يشبه ما آلت إليه الثورة التونسية، وصولًا إلى استبدال السلطة من خلال الانتخابات. مؤكدًا أن الثورات العربية في مجملها كانت ثورات إصلاحية، حيث طالبت أول الأمر بأن يصلح النظام نفسه، دون أن تقدم بديلًا للحكم.

 واستعرض بشارة مجموعة من الأسباب التي تقف وراء اتجاه الجزائر نحو المسار الإصلاحي، أهمها التجربة الدموية التي عاشتها البلاد في التسعينات، والتي يشكل تكرارها خوفًا عامًا عند الجزائريين. بالإضافة إلى وجود مؤسسات ومجتمع مدني راسخ، وحريات صحافة وغيرها. بالإضافة إلى محاولة بوتفليقة خلال العهدة الثالثة، إخضاع المؤسسة الأمنية لسلطة الرئاسة.

وحول ما وعد به بوتفليقة، من تأجيل للانتخابات وانسحاب من الترشح، فإن انتهاءه إلى تحول ديمقراطي، أو توظيفه من قبل ما يسمى بالدولة العميقة مرتبط بالنسبة لبشارة بعاملين، هما وعي الحركة الجماهيرية وعدم ترك الشارع، وإخراج قيادات قادرة على التفاوض.  يجب أن تخرج قيادة وطنية وأن تبدأ عملية مفاوضات، بما في ذلك عدم مقاطعة الندوة الوطنية. معتبرًا أن استمرار الحراك في الشارع، هو الضمان حتى لا يتكرر نموذج 11 شباط/فبراير في مصر، وإنجاح عملية التحول الديمقراطية.

وأشاد عزمي بشارة بسلمية ومدنية الشعب الجزائري التي رفعت رأس المواطن العربي على حد تعبيره، مؤكدًا أنه عندما لا يواجه النظام الناس بالبطش والنار، فإنهم يتصرفون بهذه الطريقة، فـ"المطلوب أن يكون النظام حضاريًا، لأن الشعوب حضارية".

ما ينقص الحالة السودانية

معلقًا على الحالة السودانية، اعتبر بشارة أن النظام السوداني لا يتصرف بحكمة، وأنه لم يفتح أي خط حوار مع المعارضة، مضيفًأ أن الأمر الذي يجب على صاحب السلطة، عمر البشير، أن يقتنع به، هو أنه لا يستطيع الحكم إلى الأبد، وأن عليه البحث عن إمكانية للخروج بشكل مشرف. مشيرًا إلى حاجته إلى ضمانات دولية، من ناحية عدم تعرضه للمحاسبة مستقبلًا.

 أشار عزمي بشارة إلى أن الحراك الشعبي السوداني يجب أن يحتوي كل الجهات المستاءة من النظام، وهو ما لم ينجح فيه بعد

موضحًا الخطوات الإجرائية لذلك، بين مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن على البشير الإعلان بشكل قاطع أنه لن يترشح مرة أخرى، والإشارة بوضوح إلى نيته القيام بسلسلة إجراءات، بالإضافة إلى ضرورة تقديمه ضمانات للشعب، حتى بالنسبة للمستفيدين منه وفي داخل الأوساط المؤيدة له.

وفي إجابة على تساؤل مقدم البرنامج عن الفرق بين الحراكين السوداني والجزائري، أشار بشارة أن الحراك الشعبي السوداني يجب أن يحتوي كل الجهات المستاءة من النظام، وهو ما لم ينجح فيه بعد. ثم إن على الحراك أن يحاول الوصول إلى نوع من التسوية، مع المؤسسة الأكبر في السودان وهي الجيش، مشبهًا طبيعة الظرف بحالة مصر.

عطفًا على ذلك، فإنه من المهم عندما يكون هناك قطاعات واسعة حول النظام، سواء كان ذلك لأسباب إثنية، أو حتى لأسباب معيشية، أن يكون المطالبون بإسقاط النظام حذرين من الدخول في صراعات معهم، كما يؤكد بشارة، فهناك من تحتاج إلى استمالته، وتعزيز ثقته بأن النظام الديمقراطي المطلوب يضمن حق الجميع. بيد أن المشكلة في بعض النماذج من المعارضة أنها لا تستطيع تحقيق ذلك.

ماذا عن التطبيع؟

أما فيما يتعلق بطبيعة التحالفات في الإقليم العربي حاليًا، مع تزايد التوجهات نحو التطبيع، فإن صاحب "في الثورة والقابلية للثورة"، يؤكد أن التقسيم التقليدي بين محوري ممانعة واعتدال لم يعد موجودًا. "اليوم هناك فوضى محاور". مضيفًا: "لا توجد محاور الآن، ولكن هناك صراع عارٍ على السلطة والبقاء".  

وتابع المفكر العربي، أن الخلاف بين دول عديدة في الوطن العربي، جعل هناك صراعًا على العلاقات مع الدول الغربية الكبرى، وهو ما أصبح العامل الأساسي وراء تشكيل المحاور الموجودة الآن، فيما لم تعد فلسطين هي البوصلة، التي تصطف على أساسها هذه الدول. "البوصلة هي مخاوف الأنظمة".

 وفي سياق قراءة التطبيع الجاري بين دول عربية عديدة وإسرائيل، وضح بشارة أن موجات التطبيع منذ حرب عام 1973، وصولًا إلى اتفاقيات أوسلو التي جعلت أنظمة عربية تبرر تطبيعها، لم يكن لها أي مردود. "لم يحدث أي تغير في الموقف الإسرائيلي. لم تقدم تل أبيب أي تنازلات، بل تزداد تطرفًا كلما قُدمت تنازلات لها".

بينما وضح أن إسرائيل توهم الأنظمة العربية أنها تسيطر على صناعة القرار في واشنطن، وهو تحليل تبسيطي للسياسة الأمريكية، بالإضافة إلى أن الأنظمة مع دخولها في هذه المعادلة، تصبح تحت عديد من الإملاءات، ولا تحظى بقوة أكبر أمام واشنطن. وحتى لو كانت هذه التنازلات في مصلحة رؤساء الأنظمة، فإنها تساهم في انهيار الدول.

يضرب بشارة مثالًا على ذلك من خلال حالة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث إنه مدعومًا باللوبي الإماراتي الإسرائيلي في واشنطن، حظي بشرعية وموثوقية، رغم ملف حقوق الإنسان بالغ السوء، ورغم ما يتسبب به لمصر من انهيار على عدة أصعدة.

مع ذلك، ورغم موجات التطبيع الكبيرة، فإن إسرائيل كما يرى عزمي بشارة، لم ولن تغير موقفها من المحيط العربي، حيث إنها تنظر إلى العالم العربي كدول وحواضن شعبية كبيرة، وتدرك أن السيسي وابن سلمان غير دائمين، ولذلك فإنها لا تقدم أية تنازلات، خاصة في مجال التسليح وتقوية الدول. فيما كرر عزمي بشارة موقفه من أن عام 2011 كان أسوأ عام على إسرائيل.

صفقة القرن: إضاعة وقت وهدايا لنتنياهو

فيما يتعلق بصفقة القرن ومستقبلها، يؤكد صاحب "في المسألة العربية" أن هذه التسوية التي تقوم عليها الإدارة الأمريكية، صفت كل الثوابت الوطنية، ليس ذلك وحسب، ولكنها حتى صفت محور "الاعتدال الفلسطيني"، ورفضت التعامل مع السلطة الفلسطينية. بينما بين أنها بالمجمل، مجرد إضاعة وقت، بالإضافة إلى مجموعة هدايا لا نهائية لنتنياهو.

وتابع مستمرًا في التعليق على هذا الشأن، أن قضية فلسطين هي قضية الشعب العربي جميعه، مستشهدًا برفع أعلام فلسطين في الاحتجاجات الجزائرية.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا يزعج عزمي بشارة إعلام السيسي.. إلى هذا الحد؟

واستبعد بشارة أن يتم قبول صفقة القرن فلسطينيًا، حيث إن هناك مراجعة متصاعدة لأوسلو داخل المجتمع الفلسطيني ومؤسسات المجتمع المدني، حيث يشعر الفلسطينيون بفراغ سياسي كبير.

أشاد عزمي بشارة بسلمية ومدنية الشعب الجزائري التي رفعت رأس المواطن العربي، وفق تعبيره

أما التغيير الحكومي المحتمل بتعيين محمد شتية رئيسًا للوزراء، فهو لا يمثل إلا زيادة لقوة فتح في السلطة الفلسطينية، وبحث عن دور للحركة بعد عهد محمود عباس. أما المركب الأمني فهو الأقوى، لأنه عمدة الاتفاقات التي تقوم عليها السلطة الفلسطينية، وهو أساس أوسلو.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عزمي بشارة مشخصًا حال الخيار الديمقراطي العربي

عزمي بشارة في كتاب حواريّ.. في نفي المنفى