12-فبراير-2020

قضية النائب العام لدى محكمة سيدي امحمد لاقت تفاعلًا كبيرًا (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

أحالت وزارة العدل، مساعد وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد، محمد بلهادي، بعد مثوله أمام المفتشيّة العامّة، منذ يومين، في تهمة "ارتكاب خطأ مهني جسيم"، بعد تصريحٍ يرفض فيه "التعليمات التي تأتيه من أية جهة تنفيذية، بخصوص معالجة ملفات المتظاهرين".

وأكّدت مصادر "الترا جزائر"، أن مساعد وكيل الجمهورية، محمد بلهادي، نُقل بقرار من الوزير بلقاسم زغماتي

وأكّدت مصادر "الترا جزائر"، أن مساعد وكيل الجمهورية، محمد بلهادي، نُقل بقرار من الوزير بلقاسم زغماتي، إلى محكمة قمار، بولاية الوادي (620 كلم جنوب العاصمة)، تطبيقًا للنصوص القانونية التي وقعت عليه بعد مثوله أمام المفتشية العامة.

في هذا السياق، علّق الحقوقي صالح دبوز، على الحادثة في حسابه عبر فيسبوك، قائلًا: "نَقلُ أحمد بلهادي، وكيل الجمهورية من الجزائر العاصمة إلى قمار، يُثبت التسلط التام لنظام الظلّ على أجهزة القضاء"، في إشارة واضحة إلى تجاوزات وزارة العدل في القضية التي لاقت تضامنًا واسعًا في الساعات الأخيرة.

كما تساءل، خبير القانون الدستوري، رضا دغبار، عن تطبيق المادة 166 من الدستور، التي تنصّ صراحة على أن "القاضي محميٌّ، من كلّ أشكال الضّغوط والتّدخّلات والمناورات، الّتي قد تضرّ بأداء مهمّته، أو تمسّ نزاهة حكمه".

وتابع الحقوقي دغبار، في فيديو نشره على حسابه بموقع فيسبوك أن "الكل يعلم بأن سبب البلاء في الجزائر، هو تحكّم وزارة العدل في المسار المهني للقاضي، خاصّة قضاة النيابة، الذين أخضعهم القانون الأساسي للقضاء  04-11 للسلطة المباشرة لوزير العدل".

ووصف دغبار، المادة 26 من القانون العضوي للقضاء رقم 04-11، التي  تمنح وزير العدل سلطة تقديرية في تحويل قضاة النيابة، وكذلك محافظي الدولة لدى المحاكم الإدارية، دون المرور على المجلس الأعلى للقضاء، بـ "العقابية لكل قضاة النيابة"، كونها تُملي عليهم التحويلات تحت طائلة ضرورة المصلحة.

وفي السياق، قال دغبار إن "سيطرة وزارة العدل على قضاة النيابة، حرمهم من تحريك عديد ملفات الفساد مدّة طويلة من الزمن.."، موضحًا: "وزارة العدل تعاقب وكيل الجمهورية المساعد لدى محكمة سيدي امحمد، لا لشيئ سوى لما رآه مناسبًا وقدّم طلباتٍ في إطار احترام القانون".

"تغنّي النظام باستقلالية القضاء وبناء دولة الحقّ والقانون، هو أبعد ما يكون عن الحقيقة"، مشيرًا إلى أن "السلطة مستعدّة للتخلّي عن كل شيئ إلًا استقلالية القضاء، لا يمكن للسلطة التنفيذية  منح استقلالية للقضاء لأنّها تفقد كل مبّبرات وجودها وأدوات ضغطها على المجتمع والسيطرة عليه وقمعه".

"القضاة إذا حصلوا عن استقلاليتهم لن يتمكّن النظام من خلال الأجهزة الأمنية، التي تصبح خاضعة لقضاة النيابة من فرض سيطرته بطريقة غير دستورية على المجتمع".

وختم الحقوقي دغبار "تصرّف وزارة العدل مع وكيل الجمهورية مُشين، لأنه تعدٍ ليس فقط على القواعد الدستورية، ولكنّه تعدٍ على حقوق وحرية القضاة، التي من أهمها تحكيم الضمير فيما يبدوه من أحكام".

ورافع منذ يومين، مساعد وكيل الجمهورية، محمد بلهادي، خلال محاكمة عددٍ من الموقوفين في الجمعة الأخيرة من الحراك، لصالح براءة كلّ المتهمين الـ 19، وقال في كلمته إنّ "التغيير حتمية تاريخية، والقضاة في طريق تحرير القضاء من سجنه النافد"، مضيفًا: "القضاء سيستقل في الجزائر الجديدة، ولن نعود لسنوات التسعينات بفضل هذا الشعب، بفضل هذا الدفاع وبفضل القضاة الذين سيستقلّون".

من جانبه، استنكر  نادي القضاة، حادثة استدعاء مفتشية الوزارة، لمساعد وكيل الجمهورية، محمد بلهادي، موضحًا أنّه: "يشكّل إرباكًا لمسار استقلاليّة القضاء، ويهدّد القضاة النزهاء في أمنهم الدستوري والمهني، كما يمسّ بمقتضيات الدستور"، مشيرًا إلى أن قرار الوزارة يكرّس لترهيب السلطة التنفيذية للقضاة، والإجهاز على حقّهم في التعبير، على حدّ قولهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الوزارة تستدعي قاضي نيابة برّأ شباب الحراك والقضاة يتهمونها بـ "الانحراف"

نقابة القضاة لم تغفر لزغماتي حادثة اقتحام مجلس قضاء وهران