11-ديسمبر-2021

عبد المجيد تبون، قيس سعيّد (الصورة: مونت كارلو)

 

لا يتردّد المسؤولون في الجزائر وتونس في التأكيد في كل مناسبة على متانة العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين البلدين، وحرص الطرفين على تعزيزها وتطويها أكثر فأكثر، لكن رغم وجود هذه النية المشتركة في دفع هذه العلاقات إلى مزيد من التعزيز إلا أن التعاون الاقتصادي يبقى دون المستوى المطلوب.

رغم العلاقات الجيّدة بين تونس والجزائر وكلام المسؤولين المطمئن إلا أن التعاون الاقتصادي بين البلدين يبقى دون مستوى العلاقات السياسية والتاريخية التي تجمع البلدين

إضافة إلى التاريخ المشترك الذي يربط البلدين، والذي تجسد ضد الاستعمار الفرنسي في أحداث ساقية سيدي يوسف عام 1958، فإن البلدين تشاركا على الدوام في نظرة متقاربة بشأن الملفات الإقليمية، وحافظا على علاقات متميزة لم تؤثّر عليها بعض الأصوات النشاز المعزولة.

اقرأ/ي أيضًا: الرئيس تبون يكشف الجديد عن زيارته المرتقبة إلى تونس

تشاور وتنسيق

قبل أيام، شارك وزير الخارجية  التونسي عثمان الجرندي بوهران غرب الجزائر في أشغال الندوة الثامنة رفيعة المستوى حول السلم والأمن في أفريقيا، والتي برز فيها تطابق وجهات النظر بين الجزائر وتونس بأن ملف الأمن الأفريقي.

وشكّل هذا الحدث فرصة لرئيس الدبلوماسية التونسية للتأكيد على ما وصلت إليه العلاقات بين البلدين من تطوّر، فقد قال الجرندي للصحافة إن "العلاقات الجزائرية-التونسية الضاربة في القدم تتطور باستمرار بغض النظر عن التنسيق الكامل والوثيق والدائم بين قائدي البلدين وبيني و بين أخي وزير الخارجية رمطان لعمامرة".

وبين الجرندي أن التنسيق مستمر بين البلدين في كافة قضايا المنطقة والعالم والمسائل الثنائية في إشارة إلى التشاور الدائم والمستمر بين البلدين، وعلّق قائلًا: "نحن حريصون بقوة على العمل معا في كافة المجالات وفي كل الظروف ".

وقبل ذلك، حلت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن في زيارة رسمية في 26 تشرين الثاني/أكتوبر، والتقت بنظيرها أيمن بن عبد الرحمان والرئيس تبون.

والخميس الماضي، حل بن عبد الرحمان بتونس على رأس وفد هام، التقى خلال الزيارة بالرئيس قيس سعيد. وقالت وكالة الأنباء الجزائرية العلاقات البلدين خلال الزيارة التي قام بها بن عبد الرحمان إلى تونس أنه العلاقات بين البلدين"تكتسي طابعا خاصًا واستثنائيًا من حيث عمق روابط الأخوة الصادقة ".

تقييم

وشكّلت هذه الزيارة فرصة  للبلدين لتقييم علاقاتهما، فقد أشار بيان للوزارة الأولى الجزائرية أن المباحثات التي جمعت بن عبد الرحمان بنظيره التونسية "خصّصت لتقييم العلاقات بين البلدين واستكمال المحادثات بشأن ضبط الإطار القانوني الثنائي تحسبا للزيارة المرتقبة للرئيس تبون إلى تونس".

وتم خلال الزيارة عقد لقاءات قطاعية بين الوزراء المكلفين بقطاعات المالية والطاقة والمناجم والصناعة والتجارة والنقل والأشغال العمومية والصحة، وأكد الطرفان أنهما يريدان "الانتقال بالتعاون الثنائي إلى مرحلة جديدة قوامها الاندماج والتكامل بين اقتصاديات البلدين والتنسيق الاستراتيجي بينهما."

وشدّد وفدا البلدين على أهمية تنمية المناطق الحدودية واستكمال المشاريع الاندماجية في البلدين من أجل تعزيز دعائم التنمية المندمجة التي يطمح البلدان إلى تحقيقيها، واتفقا  على تكثيف الاتصالات القطاعية من الجانبين من أجل تنفيذ توصيات هذا اللقاء الثنائي.

وعقب استقباله من طرف الرئيس تبون، أشار الوزير الأول الجزائري إلى أنه تم خلال اللقاء "التأكيد على إستراتيجية العلاقات وضرورة المضي بها نحو آفاق جديدة، حتى ننتقل بالعلاقات إلى الآفاق المسطرة لها بالاندماج والتكاملية، خاصة من إستراتيجية في التعاملات وفي تعميق كل مجالات التبادلات بين البلدين"

عمل كثير

رغم هذا الكلام الوردي الذي يطلقه مسؤولو البلدين في كل مرة إلا أن التعاون الاقتصادي بين البلدين يبقى دون مستوى العلاقات السياسية والتاريخية التي تجمع البلدين، حتى وإن كانت الإحصاءات تشيرإلى أن تونس ثاني شريك اقتصادي للجزائر في إفريقيا.

وقال الصحفي التونسي عائد عميرة لـ"الترا جزائر" إنه بالرغم من أن "تونس والجزائر تربطهما علاقات سياسية قوية مهما كان حكام البلدين، لكن هذه العلاقات السياسية لم تنعكس على العلاقات الاقتصادية بين البلدين نتيجة أسباب عدة".

وأضاف عميرة أن "من بين أسباب هذا الواقع ارتفاع حجم التهريب بين البلدين في ظل غياب منطقة تبادل حر على الحدود، فالتهريب ساهم في تراجع العملات التجارية بين البلدين، وكذا ضعف البنية التحتية بين البلدين، وارتفاع تكاليف نقل البضائع وتأخر وصولها، إلى جانب ضعف التنسيق بين رجال الأعمال والتجار في البلدين".

ويعتقد عائد عميرة أن "من أسباب ضعف التعاون الاقتصادي بين البلدين أيضا غياب الإرادة السياسية الحقيقية لتطوير مستوى التعاون التجاري والاقتصادي بين تونس والجزائر ساهم "، مضيفًا أن "اقتصاد الدولتين يبقى مرهونًا لبعض الشركات الأجنبية"، على حد قوله.

وتخضع العلاقات التجارية بين الجزائر وتونس لاتفاقية التجارة والجمارك الموقعة عام 1981، ومذكّرة التفاهم الإضافية لاتفاقية التجارة والجمارك الموقعة في الجزائر عام 1991، مع نظام تفضيلي ينص على الإعفاء من الرسوم الجمركية والضرائب ذات الأثر المماثل للمنتجات التي يكون منشؤها أحد البلدين.

وبلغ حجم المبادلات التجارية للجزائر مع تونس 1259 مليون دولار أمريكي سنة 2020، فقد توقّفت الواردات الجزائرية من تونس، وفقا لنظام الاتفاقية التفضيلية عند 15.66 مليون دولار، مقابل 24.98 مليون دولار في سنة 2019.

وبلغت الصادرات الجزائرية خارج المحروقات باتجاه تونس، وفق النظام التفضيلي نفسه 80.03 مليون دولار في 2020.

وتظهر إحصاءات الجمارك إلى أن الجزائر قامت بتصدير ما قيمته 1.032 مليار دولار إلى تونس مقابل واردات منها بلغت 228.20 مليون دولار.

ويظل أهم تعاون اقتصادي بين البلدين مرتكزًا على قطاع الطاقة، حيث تستفيد تونس من إمدادات غازية عبر أنبوب الغاز الجزائري - الإيطالي العابر للمتوسط "ترانسماد"، تقدر بـ 3.8 مليار متر مكعب من الغاز، والذي يؤمن عائدات للخزينة التونسية بذلك تقدر بـ 173.34 مليون دولار.

بالنظر إلى التحديات التي تعرفها منطقة شمال أفريقيا، وفي ظل بقاء مشروع الاتحاد المغاربي مجمدًا، فإن البلدين مجبران على تعزيز تعاونهما الاقتصادي أكثر فأكثر وفق منطق برغماتي

وبالنظر إلى التحديات التي تعرفها منطقة شمال أفريقيا، وفي ظل بقاء مشروع الاتحاد المغاربي مجمدًا، فإن البلدين مجبران على تعزيز تعاونهما الاقتصادي أكثر فأكثر وفق منطق برغماتي متبادل بعيدا عن الشعارات التي لن تقدم أو تؤخر في تحسين وضعية اقتصاد البلدين المتهالك.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تونس قد تلجأ إلى الاقتراض من الجزائر

تونس تشكر الجزائر على دعمها في مواجهة الجائحة