"علامة الجودة" في مُواجهة "السّعر المُغري".. من يفوز في سوق أضاحي العيد؟
24 أبريل 2025
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، يتحوّل الحديث في الشارع الجزائري إلى الأضاحي وأسعارها، وسط واقع اقتصادي يفرِض على المواطن حسابات دقيقة واختيارات غير تقليدية هذا العام.
يهدف قرار استيراد الخرفان إلى تلبية الطلب المتزايد خلال المناسبة الدينية وتمكين الأسر من شراء الأضاحي بأسعار معقولة
مع حلول شهر حزيران/ يونيو المقبل، تتزاحم في السوق ثلاثة أنواع من الخراف: المحلي بسلالاته العريقة مثل "أولاد جلال"، "الدمان" و"الرمانة"، والروماني الذي وصلت أولى شحناته إلى موانئ البلاد، والإسباني الذي يُنتظر وصوله قريبًا، بينما تُطلق الجهات الرسمية وعودًا بتوفير الأضاحي بأسعار مقبولة وجودة مضمونة.
القلق في الشارع الجزائري
خلف هذه المعطيات الرسمية، يعيش المواطن البسيط حيرة يومية، تتجسد بوضوح في قصة رياض، أحد الآباء الذين يواجهون هذا التحدي الموسمي بقلق وأسئلة كثيرة.
رياض، تاجر بسيط في الأربعين من عمره وأب لطفلين، يقف هذا العام أمام معضلة تتكرر كل عيد، لكنها هذه المرة تبدو أكثر تعقيدًا.
وبينما يُتابع إعلانات البلديات وتصريحات المسؤولين في الصحف، يتساءل بحيرة: "هل أُسجل للحصول على خروف مستورد بسعر محدد؟ أم أنتظر اقتراب العيد لأساوم أحد الموالين في السوق، على أمل أن تنخفض الأسعار؟ وهل سيلبي لحم الخروف المستورد تطلعات أطفالي وطعمه المألوف؟"
عضو الفيدرالية الوطنية لمربي المواشي محمد بوكارابيلة لـ" الترا جزائر" : "الخروف الجزائري غالبا ما يتجاوز سعره 60 ألف دينار، في حين تم تسقيف أسعار الخرفان المستوردة عند 40 ألف دينار
أسئلة رياض ليست استثناءً، بل تعكس ما يشغل بال كثير من الجزائريين هذه الأيام. فبين اعتبارات اقتصادية وأخرى عاطفية وثقافية، تدور تساؤلات جوهرية: ما الفرق الحقيقي بين الخروف المحلي، والروماني، والإسباني؟ من حيث الشكل، الوزن، جودة اللحم، نسبة الدهون، وحتى ظروف التربية؟، وأي خيار يوازن بين الجودة والسعر دون أن يُثقل كاهل الأسرة الجزائرية في موسم العيد؟
أضحية العيد بين السلالات المحلية والمستوردة
تتميز الجزائر بالعديد من السلالات من الأغنام، حسب عضو الفيدرالية الوطنية لمربي المواشي محمد بوكارابيلة، إذ تختلف حسب المناطق والمناخ والتقاليد المحلية.
وقال في تصريح لـ "الترا جزائر"، إنّ أهمّ هذه السلالات سلالة "أولاد جلال" المنتشرة في الهضاب العليا والتي تعرف بجودة لحمها وقوة بنيتها، وسلالة "الدمان" في الجنوب التي تتميز بالتحمل والخصوبة، إلى جانب "الرمانة" و"تاعزوت" و"الجبلي" في المناطق الشرقية والغربية، هذه السلالات المحلية تمثل عمقا وراثيا ثمينا وتنتج خرفانا ذات طعم مميز ونسبة دسم طبيعية.
هناك اختلافات واضحة في الشكل والوزن والتغذية بين الخروف الجزائري والمستورد، مما يؤثر على جودة اللحم وسعره
يُضيف بوكارابيلة أنّ مقارنة هذه السلالات بالخروف الروماني أو الإسباني تظهر فوارق واضحة من حيث الشكل والمحتوى، فالخروف الروماني عادة ضخم، طويل الأرجل، يغلب عليه اللون الأبيض أو الرمادي، له رأس صغير نسبيا مقارنة بجسمه وصوفه كثيف لكنه خشن، ويتغذى غالبا على الأعلاف المركبة، أما الإسباني فهو أقل وزنا، بجسم متوسط الحجم، صوف ناعم ووجه مدبب، ويعرف بحركته ونشاطه.
كما لفت إلى أنّ الخروف الجزائري وخصوصا "أولاد جلال"، فهو يتميز بتناسق جسمه، ورأسه الواضح المعالم، وجهه الأبيض المحاط بدوائر سوداء أحيانا، وصوفه خفيف نسبيا لكنه ناعم، مما يجعله ملائما أكثر للمناخ الحار. وزنه يتراوح بين 45 إلى 70 كلغ في العادة، ويتغذى على الأعشاب الطبيعية، وهو ما ينعكس على جودة لحمه، حيث يتميز بطراوته ونكهته القوية.
ويختم بوكارابيلة قائلاً: "اللحم الجزائري معروف بدسامته المتوازنة مقارنة بالروماني الجاف والإسباني الخفيف، ولهذا فإن الطلب عليه محليا يبقى مرتفعا خاصة في المواسم الدينية، هدفنا اليوم هو تحسين السلالات المحلية دون التفريط في خصائصها، وتشجيع التربية التقليدية المستدامة".
وبخُصوص الأسعار، أوضح المتحدث أنّ الخروف الجزائري غالبا ما يتجاوز سعره 60 ألف دينار أي نحو 450 دولاراً، بالنظر إلى وزنه الكبير وجودة لحمه العالية، في حين تم تسقيف أسعار الخرفان المستوردة من رومانيا وإسبانيا عند 40 ألف دينار أي حوالي 300 دولار، كون أوزانها لا تتجاوز عادة 25 إلى 45 كلغ، وقال إنّ "السعر مرتبط ارتباطا مباشرا بالجودة، فالخروف المحلي يربى بطرق تقليدية طبيعية، ويتغذى على الأعشاب، مما ينعكس على طعم اللحم ومحتواه من الدسم، وهو ما يبرر هذا الفرق في القيمة".
ضمان الوفرة أم المنافسة؟
تزامنًا مع الجدل الذي أثير حول استيراد الخرفان من رومانيا وإسبانيا، في خضمّ التحضيرات لمناسبة عيد الأضحى، تبرز أسئلة عديدة حول تأثير هذا القرار على السوق المحلي وعلى مكانة الخروف الجزائري.
الخبير الاقتصادي الهواري تيغريسي لـ" الترا جزائر": قرار استيراد مليون رأس من الخرفان لا يُعتبر تقليلاً من قيمة أو جودة الخروف الجزائري، بل هو خطوة اقتصادية مدروسة تهدف إلى ضمان تلبية احتياجات السوق المحلي
لتوضيح الدوافع الاقتصادية وراء هذه الخطوة، قال الخبير الاقتصادي الهواري تيغريسي لـ"الترا جزائر" إنّ قرار استيراد مليون رأس من الخرفان من رومانيا وإسبانيا لا يُعتبر تقليلاً من قيمة أو جودة الخروف الجزائري، بل هو خطوة اقتصادية مدروسة تهدف إلى ضمان تلبية احتياجات السوق المحلي، خصوصًا في المناسبات الدينية التي يشهد فيها الطلب ارتفاعًا حادًا، مثل عيد الأضحى.
وأوضح تيغريسي قائلاً: "يعد الخروف الجزائري من الأفضل في المنطقة المغاربية من حيث الجودة والطعم والدسم، فهو منتج محلي يرتبط بالثقافة والاقتصاد الوطني.
الجودة والأسعار
استيراد الخرفان لا يعني التشكيك في جودته أو محاولات إقصائه من السوق، يتحدث تيغريسي، قائلاً:" بالعكس، فإن السلالات الإسبانية والرومانية المستوردة أيضًا تتمتع بجودة عالية، لكنها لا تشكل تهديدًا لمكانة الخروف المحلي، بل تعد إضافة مكملة له في السوق."
تيغريسي: نحن بحاجة إلى مقاربة مرنة تجمع بين دعم الإنتاج الوطني بالإضافة إلى الحفاظ على السلالة الجزائرية
في السياق أضاف الخبير تيغريسي أنّ الهدف الرئيسي من قرار استيراد الخرفان هو تخفيف الضغط على السوق المحلية ومنع المضاربة، وذلك لضمان تمكين فئات واسعة من المواطنين، خاصة ذوي الدخل المتوسط والمحدود، من اقتناء أضحية بسعر معقول وجودة مضمونة، حيث تم تحديد سقف أسعار الخرفان المستوردة عند 40 ألف دينار، ما يساعد في تحقيق توازن بين العرض والطلب.
وختم حديثه قائلاً: "نحن بحاجة إلى مقاربة مرنة تجمع بين دعم الإنتاج الوطني والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن، بالإضافة إلى الحفاظ على السلالة الجزائرية. هذا هو الهدف الذي تسعى السلطات لتحقيقه في عيد الأضحى، حيث يجب ألاّ تظلّ السوق محتكرة من فئة واحدة، بل يجب أن تكون متنوعة وعادلة، وهذا هو جوهر القرار".
الكلمات المفتاحية

الخطوة الأولى لبشرة صحية في الربيع.. واقي الشّمس ضرورة
بالرّغم من المخاطر الصحية المترتبة على التعرُّض المُفرِط للأشعة فوق البنفسجية، لا يزال الوعي باستخدام واقي الشمس محدُودًا، ممّا يستدعي تعزيز الثقافة الوقائية لتفادي أضرار الشمس المختلفة.

التبليغ وكسر الصّمت عن التحرّش والاغتصاب.. حِماية لا فضيحة
تُرتكب جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب في الخفاء ويُقابلها في كثير من الأحيان صمت ثقيل ومرعب في الآن نفسه؛ يفرِضه الخوف من الفضيحة أو الوصمة " البصمة التي تلتصق بالضحية مدى الحياة".

حماية الأطفال من الاغتصاب.. من الصدمة إلى التعافي.. من المسؤول؟
في الجزائر، حيث عادت جرائم الاغتصاب لتتصدر المشهد، يُواجه الطفل الضحية تحديًا مضاعفًا: كيف يتعافى من صدمة الاعتداء، وكيف يواجه نظرة مجتمع قد يفضّل الصمت على المواجهة؟

تغييرات مصيرية في مسار كيليا نمور تحضيراً لأولمبياد 2028.. وخط الرياضة يسير مع الفن والتأثير
أعلنت البطلة الأولمبية الجزائرية كيليا نمور عن مرحلة جديدة في مسيرتها الرياضية، تتمثل في تغيير ناديها ومدربها استعدادًا لدورة الألعاب الأولمبية المقررة في لوس أنجلوس عام 2028، حيث ستخوض هذا التحدي الكبير تحت الراية الجزائرية.

قضية منع الصحفي رؤوف حرز الله من السفر تتفاعل.. منظمات حقوقية تندد ووزير الاتصال يلجأ للقضاء
أكدت منظمة شعاع الحقوقية أن قرار منع الصحفي الجزائري عبد الرؤوف حرز الله من السفر، دون إشعار رسمي أو إجراءات قضائية معلنة، يعدّ انتهاكاً صارخاً للضمانات القانونية والدستورية التي تكفل حرية التنقل وحقوق المواطنين الأساسية.

دومينيك دوفيلبان يهاجم "الخطاب الحربي" لبرونو روتايو ضد الجزائر.. ويشيد بجورجيا ميلوني
انتقد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، دومينيك دو فيلبان، بشدة الخطاب العدائي تجاه الجزائر الذي تبناه بعض السياسيين الفرنسيين، وعلى رأسهم وزير الداخلية برونو ريتايو، محذرًا من العواقب الخطيرة لهذا النهج الذي وصفه بـ"الخطاب الحربي" وغير الواقعي.

إصلاح نمط تكوين الدكتوراه.. هل هي خُطوة لتصحيح المسار الأكاديمي؟
تنجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إحداث تغيير جوهري في نمط التكوين في طور الدكتوراه، من خلال اعتماد نموذج "مضاف الدكتوراه"، الذي يهدف إلى ربط التكوين بالاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية.