عميد مسجد باريس يدافع في كتاب جديد عن ولاء المسلمين في فرنسا للجمهورية

أصدر عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيز، كتابًا جديدًا بعنوان "فك الظلال: الإسلام، والجمهورية، ومتطلّب الحقيقة"، أثار تفاعلاً واسعًا في الأوساط الإعلامية والسياسية الفرنسية. 

حفيز انتقد غياب التعاطف المجتمعي الواسع مع الجرائم التي تطال المسلمين

وفي هذا العمل الجديد، عبّر حفيز عن قلقه العميق إزاء ما وصفه بتزايد خطاب الكراهية والأحكام المسبقة التي تطال المسلمين في فرنسا، معتبرًا أن المسلمين أصبحوا في كل مرة عرضة للشك والاتهام بصرف النظر عن مواقفهم أو أقوالهم.

وخلال استضافته على إذاعة RTL، أوضح حفيز أن الكتاب يمثل "صرخة إنذار" في وجه ما يراه تدهورًا في التعايش ومكانة المسلمين داخل المجتمع الفرنسي. وأكد أن الهدف من الكتاب ليس الهجوم، بل تذكير الجمهورية بأن المسلمين هم أيضًا من أبنائها. وتوقف عند حالات عنف استهدفت مسلمين في فرنسا، منتقدًا ما اعتبره غيابًا للتعاطف المجتمعي الواسع مع هذه الجرائم.

ولاقى العمل اهتمامًا من وسائل الإعلام الفرنسية التي وصفته بأنه يجمع بين النقد الحاد لواقع المسلمين في فرنسا والدعوة إلى التمسك بقيم الجمهورية واللائكية. وفي تصريحاته، عبّر حفيز عن استيائه من تصنيفه ضمن تيارات متطرفة، قائلاً إنه وُصم في السنوات الأخيرة بصفات مثل "إسلامي" و"إخواني"، رغم أنه كان يُعد سابقًا من الأسماء المقبولة لدى النخبة السياسية والإعلامية.

كما أشار إلى أن الإسلام والمسلمين أصبحوا موضوعًا رئيسيًا في الحملات الانتخابية، متهمًا بعض الساسة باستغلال هذا الملف لتحقيق مكاسب انتخابية، دون أن يُحمّل جهة معينة المسؤولية الكاملة. ودعا إلى التوقف عن استخدام المسلمين كأداة سياسية أو معاملتهم كأوصياء على خياراتهم الانتخابية، مؤكدًا أن لكل مسلم الحق في اتخاذ قراره السياسي بحرية.

ورفض حفيز نتائج استطلاع أشار إلى أن غالبية التلاميذ المسلمين في فرنسا يفضلون الشريعة على قوانين الجمهورية، معتبراً أن هذه الأرقام لا تعكس الواقع. وانتقد الطريقة التي يُنظر بها إلى الشباب المسلم في فرنسا، مؤكدًا أن الكثير منهم يُستبعدون من الانتماء الوطني بسبب أصولهم، ما يؤدي إلى شعورهم بالإقصاء الاجتماعي.

والكتاب طرح لأول مرة في 15 حزيران/جوان 2025، وتلاه تنظيم لقاء مباشر مع المؤلف في نفس المؤسسة بتاريخ 17 جوان 2025، حضره الجمهور لمناقشة مضامين العمل وتوقيعات الكتاب.

ويعكس في مضمونه موقف حفيز كمسلم وجمهوري، موضحًا أن الخلفية الدينية والتزامه بقيم الجمهورية الفرنسية لا يشكّلان تناقضًا، بل وحدة "حرية، مساواة، أخوّة". 

ووفق نص الدعاية الرسمية للكتاب، فإن مضمونه دعوة لوعي مشترك، يطالب المسلمين بالاعتراف بوضعيتهم كأبناء للجمهورية، ويدعو غيرهم لأن يتجاوزوا "الخوف" والاعتقادات المسبقة، وهو نص يبتعد عن الخطابات الافتراعية الضيقة، ويطمح إلى مقاربة موضوعية "بلا ضلال"، في إطار قيم مشتركة تكرّس التعايش والاحترام المتبادل.

ويحمل حفيز الجنسية المزدوجة الجزائرية الفرنسية، وهو من بين الشخصيات المثيرة للجدل بمواقفه سواء في باريس أو الجزائر، خاصة في الفترة الأخيرة التي تمتاز بالتركيز المفرط على الجالية المسلمة في فرنسا.