08-ديسمبر-2020

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

تنتظر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عدّة ملفات سياسية واقتصادية داخلية، واستكمال مشروع خطّته للإصلاح السياسي والدستوري الذي أعلنه منذ الانتخابات الرئاسية العام الماضي في الـ 12 من كانون الأوّل/ديسمبر 2019، وكذا التعهّدات السياسية التي أطلقها منذ تسلّمه السلطة ومباشرة مهامه، إضافة إلى ملفّات خارجية لا تقلّ أهميّة عن الشأن الداخلي للبلاد.

المصادقة على الدستور الجديد أولى الملفات التي تنتظر الرئيس تبون

منذ إلغاء مفاجئ لاجتماع مجلس الوزراء في الـ 13 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، لم يظهر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بعد ذلك بأيّام أعلنت الرئاسة أن الرئيس تبون دخل في فترة حجرٍ صحّيٍ لخمسة أيام، بعد ثبوت إصابة عدد من موظّفي الرئاسة بفيروس كورونا، وبعده بأسبوعين، أي في الـ 27 تشرين الأوّل/أكتوبر نُقل الرئيس إلى المستشفى العسكري بعين النعجة بالعاصمة الجزائرية، على أمل أن يكون جاهزًا لتدشين مسجد الجزائر الكبير عشية الاحتفاء بالمولد النبوي والاستفاء الشعبي حول مسودّة الدستور الجديد، لكن الأقدار ذهبت في اتجاه مغاير تمامًا، عندما أعلن في اليوم الموالي الماضي نُقل الرئيس للعلاج في الخارج وتحديدًا في ألمانيا.

اقرأ/ي أيضًا: الرئاسة: الوضع الصحي للرئيس تبون في تحسّن

في المحصّلة، ما يقارب الشهرين من الغياب، وأكثر من 40 يومًا من رحلته العلاجية في الخارج وبالتحديد في مستشفى ألماني، فترة تبدو طويلة، مقارنة مع الوضع الانتقالي السياسي للبلاد وما كان ينتظرها من تسوية لملفات سياسية حاسمة كان قد وعد بإعادة النظر فيها الرئيس تبون، إضافة إلى تطوّرات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ومخلّفات وتداعيات الأزمة الصحيّة الوبائية، التي لازالت تنهك الخزينة العمومية والمواطن الجزائري على حدٍّ سواء.

أجندة ثقيلة

أربع ملفات سياسية تبدو عالقة بغياب الرئيس تبون، وتنتظر عودته للحسم فيها، إذ ستكون من أولى الأولويات التي ستتم مباشرتها، بغضّ النظر عن مدي تقييم الوضع الصحّي للرئيس ومدى قدرته على مواصلة مهامه، وأوّل هذه الملفّات، المصادقة على الدستور الجديد والذي تم الاستفتاء عليه من قبل الشعب في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي برغم الظروف التي جرى فيها الاستفتاء ونسبة المشاركة الضعيفة في الاستحقاق.

ويتبع توقيع الدستور الجديد ودخوله حيّز التنفيذ، مباشرة الرئيس تبون لثاني الملفات العالقة، وهي إطلاق ورشات لتعديل عدد من القوانين المرتبطة بإعادة تنظيم المشهد السياسي والمؤسّسات الرسمية والسلطات المختلفة وفقًا للمقرّرات الجديدة للدستور، كقانون المجلس الأعلى للقضاء الذي تغيرت تركيبته وفق الدستور، وقانون الجمعيات لتعزيز مشاركة المجتمع المدني في الحياة المدنية، وخطط التنمية وقانون الأحزاب، وقانون البلدية والولاية، إذ نصّ الدستور الجديد على إفراد بعض البلديات الحدودية منها بنظام خاص لمساعدتها تنمويًا وماليًا بحكم ظروفها. وإضافة إلى ذلك، تعديل قانون الانتخابات الذي سيتضمّن إعادة تنظيم العملية الانتخابية وتكريس دور الهيئة المستقلة للانتخابات وتشجيع الشباب على المشاركة السياسية وفصل المال عن السياسة.

ويمثّل تعديل قانون الانتخابات أولوية سياسية للرئيس تبون، بحسب أستاذ العلوم السياسية نذير مجاهري، إذ كان قد استبق تعديل الدستور بتشكيله لجنة من الخبراء بقيادة الخبير الدستوري أحمد لعرابة في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، لصياغة قانون انتخابات جديد، موضحا لـ "الترا جزائر" أن هذا القانون سيأخذ بعين الاعتبار المعطيات والمطالب الجديدة لتطهير العملية الانتخابية وضمان تكريس الإرادة الشعبية، وجعل العملية الانتخابية أكثر شفافية وديمقراطية في كلّ مراحلها، وربما يسهم في انتخاب مؤسّسات أكثر تمثيلًا للشعب وأكثر مصداقية، على حدّ قوله.

أمّا ملف الانتخابات النيابية والمحليّة المسبقة، يُعتبر ثالث الملفات العالقة التي يُنتظر أن يحسمها الرئيس تبون بعد عودته، إذ كان قد وعد في شهر حزيران/جوان الماضي، بإجراء انتخابات برلمانية ومحليّة قبل نهاية السنة الجارية، لكن الظّاهر أن ظروف الأزمة الوبائية ّ"كوفيد-19"، والأزمة الصحية للرئيس تبون، فرضت إرجاءها إلى وقت لاحق.

كما يرى الأستاذ مجاهري أن الرئيس تبون يسعى إلى حلّ البرلمان الحالي الذي تعرّض إلى عدة انتقادات شعبية وسياسية، لكونه من مخرجات المرحلة السياسية السابقة، إذ تشكّل في انتخابات في أيار/ماي 2017، التي توصف من قبل كثير من السياسيين بـ"المزورة"، كما قال إن "إجراء انتخابات مسبقة قصد الحصول على مؤسّسة برلمانية جديدة، تكون أكثر شرعية وتمثيلًا للشعب وتتماشى مع طبيعة المرحلة"، علاوة على حلّ المجالس البلدية والولائية عبر مختلف مناطق الوطن، وتنظيم انتخابات محليّة جديدة.

تداعيات أزمة

يُعتبر الملف الرابع الذي ينتظر الرئيس الجزائري الأكثر حساسية، إذ يتعلّق بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية، نظرًا للظروف التي تعرفها الجزائر على غرار الكثير من الدول بسبب جائحة كورونا، وتداعيات هذه الأزمة الوبائية على تعطيل الحركية الاقتصادية والتجارية في مقابل تراجع أسعار النفط وتآكل احتياطي الصرف.

هنا، يعترف متابعون للشأن العام في الجزائر، أن تفاقم المشكلات الاجتماعية بسبب الرّكود الاقتصادي في الفترة الأخيرة، يستدعي اتخاذ خطوات جديدة ويرجح في هذا السياق أن يقرّر الرئيس تعديلًا حكوميًا يغيّر بموجبه بعض الوزراء في القطاعات الاجتماعية الحساسة لتحسين آداء الحكومة وإنعاش الاقتصاد.

تؤثّر الملفات الخارجية بدورها على الداخل الجزائري وتُنهك الإدارة العليا للبلاد

لكن بغضّ النّظر عن الملفات الأربعة، تؤثّر الملفات الخارجية بدورها على الداخل الجزائري وتُنهك الإدارة العليا للبلاد، منها عودة الجزائر إلى المشهد الإقليمي ومواقفها تجاه بعض التوترات القريبة من الحدود الجزائرية مثل الأزمتين المالية والليبية وقضية الصحراء، والتي تتطّلب خطوات دبلوماسية مهمّة وتحرّكات واسعة على المدى القريب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الرئاسة تُفصح لأول مرة عن مرض تبون

صحّة الرئيس.. ملفّ يعود إلى الواجهة