16-ديسمبر-2019

فاتح ڨرد، خبير القانون الدستوري (فيسبوك/الترا جزائر)

تعهّد الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون، أن يقوم بإصلاحات سياسية عميقة ويفتح ورشة لتعديل الدستور، لإعادة النظر الكلّي في طبيعة النظام السياسي الجزائري "الرئاسي بامتياز"، وصولًا إلى بناء الأسس القاعدية والقانونية التي تضمن التحوّل الديمقراطي، والتوجّه نحو جمهورية جديدة.

فاتح ڨرد: مراجعة الدستور يجب أن تأخذ طابعًا إصلاحيًا عميقًا، يثمر دستورًا يعمر لأجيال ولا يكون عرضة للتعديل 

 في هذا السياق، اعتبر الخبير في القانون الدستوري، فاتح ڨرد، أن من بين أولويات رئيس الجمهورية المنتخب السيّد تبون، والتي أعلنها بنفسه في أوّل ظهور إعلامي له بعد انتخابه، هو محور المراجعة الدستورية، ومراجعة القوانين الناظمة للحياة السياسية، و"مراجعة الدستور يجب أن تأخذ طابع الإصلاح العميق، الذي يثمر دستورًا يعمّر لأجيال ولا يكون عرضة التعديل والتبديل حسب رغبة كل رئيس".

اقرأ/ي أيضًا: المقاطعة تخيّم على أجواء الانتخابات الرئاسية في العاصمة

وعلى هذا الأساس يرى الخبير الدستوري، أن ورشة تعديل الدستور تتضمّن جملة من المحاور الأساسية، والمتمثّلة في تنظيم ديباجة الدستور، وتخفيف الشحنة الأيديولوجية والعاطفية بها، وتضمين هذه الديباجة مرجعية الحراك الشعبي، كمحطّة هامّة مؤثّرة في مستقبل الدولة الجزائرية، على حدّ قوله.

نظام متوازن

يشدّد المتحدّث، على ضرورة تحديد طبيعة نظام الحكم، بشكّل واضح وصريح، وإنهاء حالة الغموض والخلط في هذه النقطة، وذلك بإقرار النظام شبه الرئاسي الحقيقي، الذي يقع وسطًا بين النظام الرئاسي الذي لا يتغوّل فيه رئيس الجمهورية، وبين النظام البرلماني الذي لا يؤدّي إلى ضعف الاستقرار المؤسّساتي في غياب مؤسّسات حزبية قويّة.

توزيع السلطات

 ويمرّ هذا التوازن حسب فاتح ڨرد، عبر توزيع السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أو الوزير الأوّل، توزيعًا متوازنًا، و"تعزيز سلطات البرلمان التشريعية، وجعلها من احتكاره، والرقابية بتمكينه من أدوات فعالة للرقابة على الحكومة، وحتى على أعضائها بتمكينهم من سلطة إسقاط الوزير منفردًا، عندما يقف البرلمان على تقصيره وتقويم مسؤولياته السياسية".

 استقلالية القضاء وإعادة النظر في قانون الأحزاب والجمعيات

 

في الشأن القضائي، يُشير محدثنا إلى ضرورة تعزيز استقلالية السلطة القضائية، والفصل بين المجلس الأعلى للقضاء والسلطة التنفيذية فصلًا واضحًا، وتعزيز الحرّيات والحقوق الفردية والعامّة وتجريم المساس بها.

أما بالنسبة للمحور المتعلّق بمراجعة المنظومة القانونية ذات الصلة بالحياة السياسية وممارستها، والتي تنتظم تحت مجموعة من القوانين العضوية، أهمّها قانون الأحزاب السياسية وقانون الانتخابات، أضاف الخبير أن السيّد تبون أفصح بشكلٍ جلّي عن أولوياته في هذا المجال، والتي هي فصل المال عن السياسة، وتشجيع الشباب على الانخراط في العمل السياسي.

وعن معالم هذه المراجعة، أشار فاتح ڨرد إلى "التوازن في تنظيم الحياة السياسية بين تيسير تأسيس هذه الأحزاب وإخضاعها للرقابة المالية والقضائية فيما يتعلّق بمواردها المالية وبالممارسة الديمقراطية داخلها وانتظام عقد مؤتمراتها، وهيئاتها التنظيمية بشكل يحترم دوريتها".

النظام الانتخابي

يضاف إلى كلّ ذلك بحسب المتحدّث، مراجعة النظام الانتخابي فيما يتعلّق بطريقة الترشّح للبرلمان، باعتماد القائمة الانتخابية المفتوحة التي لا يكون للأحزاب ورؤسائها سلطة في ترتيبها لأنّ هذا كان مدخلًا لشراء المراتب المتقدّمة في القائمات الانتخابية باستعمال المال، وهكذا يصير للناخب الحق في ترتيب القائمة عند إدلائه بصوته يوم الاقتراع، على حدّ قوله.

فاتح ڨرد: يتعيّن مراجعة طريقة انتخاب أعضاء مجلس الأمّة، وجعل انتخابهم يتمّ مباشرة من المواطنين 

مصير مجلس الأمة

وبخصوص الإبقاء على مجلس الأمّة، قال فاتح ڨرد، إنه يتعيّن مراجعة طريقة انتخاب أعضاء مجلس الأمّة، وجعل انتخابهم يتمّ مباشرة من المواطنين عن طريق الاقتراع العام، وليس بواسطة هيئة الناخبين مشكّلة من منتخبي الولاية الواحدة، والذين كان يسهل شراء أصواتهم بسبب محدودية عددهم. ويخلص الخبير إلى أنه بعد هذه الإصلاحات التي يفرضها الاستعجال، تبرز ورشات أخرى لا تقلّ أهميّة مثل تنظيم حقّ التظاهر، والفضاء الإعلامي، وتكريس حرّية الإعلام بشكلٍ لا يقبل المساس به، لا بواسطة ابتزاز الإشهار، ولا بفرض توجّه عليه حسب رغبة الحاكم وتسلطه، على حدّ تعبيره.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الانتخابات الرئاسية.. احتجاجات ومواجهات أمنية وغلق لمراكز انتخابية

مخاوف من تزوير الانتخابات.. هل ستعود السلطة إلى عادتها القديمة؟