22-فبراير-2019

يسعى الجزائريون إلى الحيلولة دون ترشح بوتفليقة من جديد (Getty)

الترا صوت - فريق التحرير

بات ترشّح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مؤكّدًا، بعد أن أعرب عن ذلك صراحة في رسالة إلى الشّعب الجزائريّ، برّره بعزمه "على مواصلة مسيرة الإصلاحات". وبات فوزه مؤكّدًا مسبقًا، من خلال انخراط مختلف الأجهزة الحكوميّة والمدنيّة الموالية لها في هذا المسعى، بما يشبه تمامًا المحطّات الرّئاسيّة السّابقة في سنوات 1999 و2004 و2009 و2014.

بين تخوّف الجزائريين من العودة إلى مربّع العنف، الذّي عاشوه خلال تسعينات القرن العشرين، وحماسهم لتغيير الوضع السّياسيّ والاقتصاديّ المختلّ، يصعب الحكم على ما سيحدث

ما عدا علي بن فليس، الذّي نافس الرّئيس بوتفليقة بشراسة في انتخابات 2004، ثمّ أسّس حزب "طلائع الحرّيات"، وعبد الرزاق مقري رئيس "حركة مجتمع السّلم" الجناح الإخواني في الجزائر، لم تترشح أحزاب المعارضة ذات الامتداد الشّعبي، مثل "جبهة القوى الاشتراكية" و"التّجمّع من أجل الثقافة والديمقراطيّة" و"جبهة العدالة والتّنمية" و"حزب جيل جديد"، وبقيت خياراتها بين التحفّظ والدّعوة إلى المقاطعة.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا فشل بوتفليقة في تحديث الجزائر؟

في ظلّ هذا الواقع، دعت "جبهة العدالة والتّنمية"، التّي يقودها المعارض عبد الله ساعد جاب الله ذو النّزعة الإسلامية، أطراف المعارضة إلى اجتماع موسّع يدرس إمكانية التّوافق على مرشّح واحد "يملك القدرة على إحداث التّغيير وقلب الموازين" بحسب تصريح صحفي للقيادي في الحزب الأخضر بن خلّاف.

تمّ الاجتماع بحضور عدّة شخصيات وأحزاب معارضة، غير أنّها فشلت في التوصّل إلى الاتفاق على وجه معيّن تخوض الانتخابات الرّئاسية المقررة يوم 18 أبريل/ نيسان القادم من خلاله. واكتفت ببيان قالت فيه إنّها ستواصل التّشاور في الموضوع مستقبلًا، رغم أنّه لم يعد يفصلها عن تقديم ملفّ التّرشّح إلا أسبوعان.

 "إنّه اجتماع للأنانيات الصّغيرة، وليس لإنقاذ المسار الدّيمقراطي"، يقول الإعلامي فاروق بن شريف لـ"الترا صوت". ويضيف بن شريف واصفًا محاولات المعارضة توحيد صفها: "كلّ طرف جاء بنيّة أن تتمّ تزكيته من طرف الآخرين. وحين أدرك تعذّر ذلك انسحب في هدوء بنيّة العودة للتّشاور. كلّ ذلك في ظلّ إصرار أحزاب الموالاة على ترشيح الرّئيس عبد العزيز بوتفليقة، وإصرار أطراف مجهولة في الشّارع على الدّعوة إلى مسيرات احتجاج على ذلك يوم 22 شباط/فبراير".

مباشرة بعد التّجمّع الشّعبي، الذّي دعا إليه الحزب الحاكم "جبهة التحرير الوطني" يوم التّاسع من الشهر الجاري في الجزائر العاصمة لمناشدة الرّئيس بوتفليقة للتّرشّح، واستجابة الرّئيس للأمر في اليوم التالي، بما أحدث غضب قطاع واسع من الجزائريين، بسبب مرضه وعجزه عن الحضور والظهور، ظهرت دعوات إلى مسيرات شعبية في الولايات الـ48 يوم الثّاني والعشرين من الشّهر الجاري يتمّ التّعبير فيها عن رفض ترشيح "الكادر"، في إشارة إلى صورة الرّئيس، التّي باتت تنوب عنه في المحافل.

لم تقف خلف هذه الدّعوات جهات واضحة من فعاليات المجتمع المدنيّ، ممّا أعطى لأحزاب الموالاة فرصة لاتهام أطراف أجنبية بالوقوف وراءها. وفي فيديو له قال مغنّي الرّاب المعروف لطفي دوبل كانون إنّ هذه المسيرات ليست للمطالبة بإسقاط النّظام، بل لرفض ما أسماه "ترشيح الجثة". وناشد المتظاهرين بألا يستعملوا العنف ضدّ رجال الأمن حتّى لا يتمّ تمييعها وإعطاء سبب للحكومة لإعادة حالة الطوارئ.

اقرأ/ي أيضًا: مناورة بوتفليقة حول الضمير الديني للجزائريين

في السّياق، أكثر النّشطاء الحقوقيّون والمدنيّون من توجيه النّصائح للمتظاهرين، لحماية المظاهرات من الانزلاقات والتأويلات المختلفة، من ذلك تجنّب حمل صور شخصيات متحزّبة وعلم الحركة الأمازيغية الدّاعية إلى الانفصال وأعلام الفرق الرّياضية وارتداء الزيّ الإسلامي حتّى لا يقال إنّ الحراك "متأسلم"، وتعويض ذلك كلّه بحمل وارتداء العلم الوطني، حتّى تظهر المسيرات حركة مواطنة فعلية.

 أكثر النّشطاء الحقوقيّون والمدنيّون من توجيه النّصائح للمتظاهرين، لحماية التظاهرات من الانزلاقات والتأويلات المختلفة

بين تخوّف الجزائريين من العودة إلى مربّع العنف، الذّي عاشوه خلال تسعينات القرن العشرين، وحماسهم لتغيير الوضع السّياسيّ والاقتصاديّ المختلّ، يجد المراقب صعوبة في الحكم على ما سيحدث، من زاوية مدى استجابة الشّارع الجزائري لدعوة التّظاهر الشّامل ضدّ العهدة الخامسة، التّي يصفها الشّباب بـ"الخانزة" أي الكريهة و"الخامجة" أي الفاسدة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 أجنحة الحكم في الجزائر.. تناقضات مقصودة

هكذا ضربني الرئيس الشاذلي بن جديد