15-مارس-2021

تباينت مواقف الأحزاب السياسية من مشروع قانون الانتخابات (تصوير: باتريك باز/أ.ف.ب)

أفرجت الرئاسة الجزائرية نهاية الأسبوع الماضي عن النصّ النهائي للقانون الانتخابي الجديد، حيث يُنتظر العمل به في تنظيم الانتخابات التشريعية المقبلة في الـ 12 حزيران/جوان المقبل. 

عقوبات بالسجن تصل إلى ثلاث سنوات في حقّ كل من يستخدم المال الفاسد وشراء الأصوات

وبخصوص الترشّح فإن الملفت للنظر، تُبدي النسخة النهائية للقانون، مسعى تحقيق مبدأ التوازن شكلًا فيما تعلق بالترشيحات إذ تضمنت إلزام الأحزاب بجمع لائحة توقيعات تشمل25 ألف توقيع من 23 ولاية على الأقل، من بين 58 ولاية في البلاد، على ألا يقل عدد التوقيعات من كل ولاية عن 300 توقيع.

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات التشريعية المُسبقة.. رهانٌ جديد على تحمّل الجزائريين لوقت إضافي

 

وفيما تعلق بالقوائم المستقلّة فإنها ملزمة مؤقتًا في الانتخابات المقبلة فقط، بجمع 100 توقيع من الناخبين عن كل مقعد تتنافس عليه في الولاية، قبل أن تتم العودة الى آلية جمع 250 توقيع عن كل مقعد في الانتخابات التي تلي ايضا انتخابات حزيران/جوان المقبل.

كما يشترط القانون الجديد على القوائم المرشّحة أن يكون نصفها من النساء، مع إمكانية تلافي هذا الشرط وتجاوزه، في حالة عدم إمكانية العثور على مترشحات، ولكن بترخيص من السلطة المعنية بتسيير الانتخابات، في الوقت ذاته يشترط القانون على أن تتضمّن نصف عدد المرشحين ممن تقل أعمارهم عن 40 عامًا، علاوة إلى أن يكون ثلث المترشحين ذوي مستوى جامعي، وهذا ما يعني أن القانون يستهدف تجويد هيكلة الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري، بعد أن شهدت العهدة النيابية الأخيرة وجود نوّاب دون المستوى الدراسي، وهم من يؤدون دور التشريع للقوانين. 

كما جاء في القانون الجديد، لكل قائمة انتخابية نسبة خمسة في المائة من الأصوات المعبّر عنها في التشريعيات المقبلة، كنسبة إقصاء، بمعنى أن القوائم ستقصى آليا إن تحصلت القائمة على أقل من هذه النسبة.

وكإضافة لذلك، حدّد القانون أنه إذا لم تحصل القوائم على أكثر من نسبة خمسة في المائة، تبدأ عملية الفرز والقرار النهائي على أساس توزيع المقاعد النيابية حسب النتائج لكل قائمة. 

وبالنّسية لعملية تسيير الانتخابات وتنظيمها ومراقبتها، يحدد القانون " حيادية: و" استقلالية" السلطة العليا المستقلة للانتخابات التي تم إقرارها في سبتمبر 2019، كهيئة مستقلة، إذ يفصح القانون الجديد أنها مستقلة ماليا وإداريا، في حين أن رئيس الجمهورية هو من عين 20 من أعضاءها الخمسين، لعهدة ست سنوات، على أن يتم تعييين الرئيس الجزائري لسلطة حديدة في قادم الاستحقاقات. 

أحكام انتقالية

ومن خلال القانون الانتخابي، يجدر تقديم عدّة ملاحظات في قراءة سريعة للقانون، أوّلها أن إلغاء شرط العتبة تضع الأحزاب السياسية التي ستدخل رهان السباق التشريعي على نفس الوتيرة، فلا حزب كبير ولا حزب صغير، كما قال الباحث في العلوم السياسية نور الدين لونيسي لـ "الترا جزائر"، موضحًا في ملاحظة ثانية، أن هذه الخطوة المتعلقة بتعويض العتبة في قوائم الأحزاب بما لا يقلّ عن 25 ألف توقيع، يوحي أن القانون العضوي المتعلّق بنظام الانتخابات الذي يدخل حيز التنفيذ اليوم، أفرز"الأحكام الانتقالية، حيث تطبق فقط في الانتخابات القادمة، على أن يتم اعتماد عتبة جديدة في الانتخابات التي تليها"، كما قال.

ويعتقد الباحث لونيسي في ملاحظة ثالثة أن هذه الاستثناءات "تضمّن المرحلة الانتقالية التي تسبِق انتخاب برلمان جديد، خاصّة بالنّسبة للأحزاب التي لا تتمكّن من تطبيق العتبة، علاوة على إتاحة الفرصة للمنظمات الجماهيرية من منظّمات المجتمع المدني وكذا القوائم الحرّة من الدخول في المنافسة، مشيرًا إلى المشكلات التي شهدتها الانتخابات النيابية في 2017، والتي شككت أولًا في نتائج الانتخابات، وأخرجت لنا برلمانًا مشوهًا، حسب تعبيره. 

ولضمان نزاهة الانتخابات، يجدر التنبيه، أن القانون يشدّد على أهميّة مراقبة عملية الحملة الانتخابية، إذ أكّد على عقوبات بالسجن تصل إلى ثلاث سنوات في حق كل من يستخدم المال الفاسد وشراء الأصوات واستغلال النفوذ والترويج لخطابات الفتنة والكراهية، ولدعاية التجارية للأحزاب في الاستحقاقات القادمة.

والأكثر أهميّة في مسار الانتخابات القادمة أن هناك قواعد تحظر على الموظّفين مخالفة القانون والتلاعب بأوراق الانتخابات والتزوير والتلاعب بالنتائج، واستعمال العنف خلال العملية الانتخابية. 

برلمان مختلف 

وبخصوص العملية التنظيمية، تبقى مخاوف الحساسيات السياسية في الجزائر مرتبطة بعملية الإشراف على الاستحقاقات قائمة، إذ يرى الأستاذ في علم الاجتماع السياسي، نذير قاسمي، من جامعة قسنطينة، أن الجزائر شهدت انتخابات مشكوك في نزاهتها في المرحلة السابقة، كما تحدث لـ "الترا جزائر" عن فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وكان مسار الانتخابات "أكبر مخاوف الأحزاب"، بسبب "صراعات شراء المقاعد وتجاذبات التزوير أيضًا، على اعتبار أن سلطة الإشراف على الانتخابات التي شهدتها الجزائر خلال العقدين الأخيرين، كانت في يد الإدارة، ووزارة الداخلية، ومختلف ولاة الجمهورية، ومن الصعب أن نقضي اليوم على تلك المخلفات في سنة أو سنتين، والقضاء على الذهنيات المتصلة بالانتخابات".

 تُواجه السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات امتحانًا آخر في استحقاقات الهيئة التشريعية القادمة

على النقيض من ذلك، تُواجه السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات مرة أخرى امتحانًا في استحقاقات الهيئة التشريعية القادمة، إذ ستكون ثالث عملية انتخابية ستشرف عليها هيئة مستقلة عن الحكومة، إذ تمتلك تمثيليات على مستوى كل ولايات الجزائر، في سلسلة الخطوات الانتخابية منذ تسجيل الهيئة الناخبة واستقبال ملفات قوائم المترشحين، وتنظيم مكاتب الانتخاب وتحديد مراقبي الانتخابات وتسيير المكتب الاعلامي وقبول ملفات الصحافيين المعتمدين للتغطية الانتخابية، إلى غاية عملية إعلاق مراكز الاقتراع والبدء في عملية الفرز وإعلان النتائج الأولية قبل انتظار مقررات الفرز النهائي والطعون وتسليمها للمجلس الدستوري لاعتماد النتائج الأخيرة، واعتماد أعضاء المجلس الشعبي الوطني.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مشروع قانون الانتخابات.. تغيير نمط الاقتراع وفرض شروط جديدة للترشح

قانون الانتخابات الجديد.. نحو حلّ مشكلة المال الفاسد والعزوف الانتخابي