قانون جديد قيد الدراسة في البرلمان.. آليات بديلة لاسترداد الأموال المنهُوبة
24 أبريل 2025
يتصدّر مشروع قانون حكومي جديد يتعلق بالإجراءات الجزائية جدول أعمال المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان) منذ ثلاثة أيام، مقترحاً آليات بديلة للمتابعة القضائية في جرائم اقتصادية محددة، وعلى رأسها قضايا الفساد التي هزت البلاد ويستهدف استرجاع الأموال العامة المنهُوبة.
تتضمن هذه التدابير إمكانية تأجيل المتابعات القضائية في بعض الجنح المحددة مقابل استرداد الأموال أو الممتلكات المنهُوبة من الخارج
يسعى المشروع، وفقاً للمهتمّين، إلى استعادة الأموال العامة التي استولى عليها مسؤولون ورجال أعمال بطرق غير قانونية، وعادةً ما تمّ ذلك من خلال شبكات الفساد على مدار العشرين عاماً الماضية.
مضمون مشروع قانون الإجراءات الجزائية
وخلال عرضه لمشروع قانون الإجراءات الجزائية أمام نواب الشعب، أعلن وزير العدل لطفي بوجمعة عن "تدابير جديدة" تهدف إلى تسهيل استرجاع الأموال المُختلسة.
وفي سياق عرض نقاط المشروع المعني بالمُناقشة؛ تشمُل هذه التدابير، التي ترمي إلى حماية المال العام والاقتصاد الوطني، إمكانية تأجيل المتابعات القضائية في بعض الجنح المحددة مقابل استرداد الأموال أو الممتلكات المحولة أو المختلسة من الخارج (أو ما يعادل قيمتها)، بالإضافة إلى تسوية الديون المستحقة للخزينة العمومية.
المشروع يقترح آلية جديدة لتنظيم إدارة الممتلكات المحجُوزة عبر السماح بتصفيتها مُبكراً
وكشف الوزير عن ملامح إصلاحية شاملة يتضمنها مشروع قانون الإجراءات الجزائية. فعلى الصعيد الإجرائي، يقترح القانون تعزيز "الوساطة" كبديل للمسار القضائي التقليدي، وتعديل نظام المحلفين في القضايا الجنائية بتقليص عددهم، فضلاً عن تعزيز دور النيابة العامة.
إعادة النّظر في إجراءات مكافحة الفساد
وعلى المستوى المؤسّسي، أشار الوزير إلى أن المشروع يتضمن "آلية جديدة" تهدف إلى تنظيم إدارة الممتلكات المحجوزة من خلال السماح بتصفيتها مبكراً. كما يقترح إنشاء "وكالة وطنية" متخصصة في إدارة الأصول المجمدة والمحجوزة والمصادرة واسترداد الأموال المختلسة من الخارج، وذلك لسد أي ثغرات في الهياكل الحالية وملء أي فراغ تنظيمي في هذا المجال.
كما بيّن وزير العدل أن مشروع القانون يستند إلى ثلاثة محاور أساسية: حماية مسؤولي البلديات والمحافظات، وتحسين إدارة القضايا الجزائية، بالإضافة إلى تعزيز الرقمنة وتبسيط الإجراءات.
وفيما يخص الإجراءات، سيجري تعديل نظام "المثول الفوري" ليقتصر على القضايا الجاهزة للفصل، بهدف تذليل العقبات الميدانية وتمكين المسؤولين من أداء واجباتهم. وعلاوة على ذلك، سيتم توسيع نطاق تطبيق "نظام الأمر الجزائي" ليشمل جميع الجنح بهدف تسريع وتيرة معالجة القضايا البسيطة.
تحوّل قانوني
وفي إطار تطوير الإجراءات الجزائية، أكد أستاذ القانون نورالدين مختاري، في تصريح لـ"الترا جزائر"، أنّ النصّ القانوني الجديد "يولي اهتماماً خاصاً، شكلاً ومضموناً، لتعزيز الحقوق والحريات الفردية".
وأوضح أنه وفقاً للنصوص التي سيناقشها النواب، "ينصّ القانون صراحة على حق الطعن أمام النائب العام، ويكفل ضمانات الدفاع في جميع مراحل الدعوى العمومية".
أستاذ القانون نورالدين مختاري لـ" الترا جزائر": التحقيقات القضائية التي أعقبت تنحية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام 2019، كشفت عن حجم كبير من قضايا الفساد وجب الإسراع في الفصل فيها
ويتضمّن النص القانوني قيد الدراسة والمناقشة أيضاً "إجراءات تهدف إلى إعادة تنظيم الأقطاب القضائية الجزائية وتحديد صلاحياتها بوضوح".
وأوضح أنّ التحقيقات القضائية التي أعقبت تنحية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام 2019 كشفت عن حجم هائل من قضايا الفساد في الجزائر، الأمر الذي يستدعي الإسراع في تسويتها بشكل نهائي. ويرى أن ذلك يعني "ملفات معقدة وثقيلة تتطلب معالجة وإغلاقاً نهائياً لتمكين الحكومة من استرداد الأموال العامة".
أرقام .. ملفات الفساد
ووفقاً للإحصائيات المُتوفرة عن تلك الفترة، أدانت المحاكم عشرات المسؤولين من مدنيين وعسكريين ورجال أعمال، بينهم ثلاثة رؤساء حكومات، بأحكام مشددة في قضايا متنوعة. وهؤلاء الرؤساء، حسب فترة حكمهم، هم: نور الدين بدوي (مارس/آذار - ديسمبر/كانون الأول 2019)، وأحمد أويحيى (2017-2019)، وعبد المالك سلال (2012-2017).
وتضمّنت التهم الموجهة إليهم اختلاس الأموال العامة، والتربح غير المشروع، واستغلال النفوذ، وهي جرائم أدت إلى تهريب ما يقارب 20 مليار دولار من الأموال العامة إلى الخارج.
الباحث عبد الله بومالي لـ" الترا جزائر": هذه الجُهود تتطلب وضع إطار قانوني واضح يسمح بتتبع مواقع الأموال ومصادرتها، خاصة تلك الموجودة في الخارج
وتجدُر الإشارة إلى أنّ السلطات قد فتحت هذا الملف "الشائك"، كما وصفه الباحث في العلوم السياسية (جامعة الجزائر) عبد الله بومالي، مشيراً إلى أنّ الحكومة شرعت منذ أكثر من أربع سنوات في عملية استرداد الأموال المنهوبة.
بيد أنّ المحلل نفسه أكد في تصريحه لـ"الترا جزائر" أنّ هذه الجُهود تتطلب تقنيناً وإطاراً قانونياً واضحاً يسمح بتتبع مواقع الأموال ومصادرتها، خاصة تلك الموجودة في الخارج.
مُعضلة .. المحاسبة
بينما يُواصل المجلس الشعبي الوطني مناقشة مشروع قانون جديد للإجراءات الجزائية يهدف إلى تيسير استرداد الأموال العامة المنهوبة، برزت قضية مدير عام البروتوكول السابق برئاسة الجمهورية محمد بوعكاز، الذي عُزل من منصبه في حزيران/يونيو 2024 إثر توقيفه بشبهة الفساد.
وقد صدر بحقّه يوم 23 نيسان/أبريل الحالي حكم قضائي من محكمة الجنح ببئر مراد رايس يقضي بسجنه خمس سنوات نافذة لإدانته بتهمتي سوء استغلال الوظيفة والإثراء غير المشروع، بالإضافة إلى تغريمه وإلزامه بدفع تعويض للخزينة العمومية. هذه القضية تسلط الضوء على السياق الذي تجري فيه جهود البرلمان لتطوير آليات أكثر فعالية لاستعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة المتورطين في قضايا الفساد.
مكافحة الفساد.. أسئلة تنتظر الإجابة
في نهاية المطاف، تُواجه الجزائر تحدياً كبيراً في استرداد الأموال العامة المنهوبة. فهل ستنجح الآليات الجديدة المقترحة في تجاوز العقبات القانونية واللوجستية المعقدة؟ وهل سيتم تفعيل هذه التدابير بشكل يضمن استعادة أكبر قدر ممكن من هذه الأموال؟
الكلمات المفتاحية

مجلس الأمة وسُلطة التعديل.. كيف تُعيد الغُرفة الثانية صياغة القوانين؟
جاء مِيلاد مجلس الأمة في الجزائر سنة 1996 في سياق سياسي وأمني بالغ الحساسية، حيث لم يكن مجرّد استكمال لبنية البرلمان الجزائري، بل نتاجًا مباشراً لتحولات عميقة فرضتها ظروف تلك المرحلة.

برونو روتايو رئيسًا لحزب "الجمهوريين" على أكتاف "الملف الجزائري".. واحتمالات ترشحه للرئاسة الفرنسية تتعزز
في مشهد سياسي فرنسي سريع التغير، شهدت باريس انتخاب برونو روتايو وزير الداخلية الحالي وصاحب النظرة المتشددة ضد الجزائر، رئيساً لحزب "الجمهوريين"، بنسبة 74.31 بالمائة من الأصوات، في انتصار ساحق على منافسه لوران فوكيي.

مرشحٌ وحيد.. عزوز ناصري في طريقه لخلافة صالح قوجيل على رأس مجلس الأمة
أعلن رئيس كتلة الثلث الرئاسي بمجلس الأمة، ساعد عروس، ترشيح عزوز ناصري لمنصب رئيس مجلس الأمة.

خليفة صالح قوجيل على رأس مجلس الأمة.. أسماء تنتظر "الضوء الأخضر"
على بُعد أقل من 72 ساعة من موعد انتخاب خليفة رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، المقرَّر يوم الاثنين الـ19 من الشهر الجاري، في جلسة علنية عامّة ستعرف تنصيب الأعضاء الجُدد لمجلس الأمة بعنوان التجديد النصفي لسنة 2025، يتواصل الغموض حول هوية خامس رئيس للهيئة التشريعية منذ تأسيسها سنة 1996.

تغييرات مصيرية في مسار كيليا نمور تحضيراً لأولمبياد 2028.. وخط الرياضة يسير مع الفن والتأثير
أعلنت البطلة الأولمبية الجزائرية كيليا نمور عن مرحلة جديدة في مسيرتها الرياضية، تتمثل في تغيير ناديها ومدربها استعدادًا لدورة الألعاب الأولمبية المقررة في لوس أنجلوس عام 2028، حيث ستخوض هذا التحدي الكبير تحت الراية الجزائرية.

قضية منع الصحفي رؤوف حرز الله من السفر تتفاعل.. منظمات حقوقية تندد ووزير الاتصال يلجأ للقضاء
أكدت منظمة شعاع الحقوقية أن قرار منع الصحفي الجزائري عبد الرؤوف حرز الله من السفر، دون إشعار رسمي أو إجراءات قضائية معلنة، يعدّ انتهاكاً صارخاً للضمانات القانونية والدستورية التي تكفل حرية التنقل وحقوق المواطنين الأساسية.

دومينيك دوفيلبان يهاجم "الخطاب الحربي" لبرونو روتايو ضد الجزائر.. ويشيد بجورجيا ميلوني
انتقد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، دومينيك دو فيلبان، بشدة الخطاب العدائي تجاه الجزائر الذي تبناه بعض السياسيين الفرنسيين، وعلى رأسهم وزير الداخلية برونو ريتايو، محذرًا من العواقب الخطيرة لهذا النهج الذي وصفه بـ"الخطاب الحربي" وغير الواقعي.

إصلاح نمط تكوين الدكتوراه.. هل هي خُطوة لتصحيح المسار الأكاديمي؟
تنجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إحداث تغيير جوهري في نمط التكوين في طور الدكتوراه، من خلال اعتماد نموذج "مضاف الدكتوراه"، الذي يهدف إلى ربط التكوين بالاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية.