08-مارس-2022

تسببت العمليات العكسرية الروسية في هروب آلاف اللاجئين إلى دول مجاورة (تصوير: دييغو هيريرا/Getty)

"بدت أجواء بداية الحرب في أوكرانيا أقرب إلى الخيال من الواقع، فعندما رأينا الطائرات الروسية الحربية وهي تتجوّل في سماء كييف، بدت لنا تلك المشاهد وكأنها مهرّبة من فيلم وثائقي حول الحرب العالمية الثانية، خاصّة مع جموع الفارين والهاربين من العاصمة الأوكرانية، إضافة إلى صافرات الإنذار وصوت الانفجارات التي بدت وكأنها لقطات سينمائية دراماتيكية في فيلم تاريخي.. كنا على شفا حفرة من الموت، وما تزال الصور والمشاهد عالقة في الذاكرة بشكل مخيف، إن الهروب من الحرب تجربة مأساوية استثنائية في حياة الانسان".

طالب جزائري: بدت لنا تلك المشاهد في أوكرانيا وكأنها مهرّبة من فيلم وثائقي حول الحرب العالمية الثانية

هكذا يروي  بلال بن السعيد شية، طالب الدكتوراة في جامعة كييف، قصة مغادرته الشاقة للعاصمة الأوكرانية بعد بدء العمليات العسكرية الروسية، في اتصال مع "الترا جزائر "، مع بداية الاجتياح الروسي لتلك المناطق.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر تنسق مع بولندا ورومانيا والمجر لاستقبال مواطنيها الفارين من أوكرانيا

يستطرد الطالب أن الرحلة من العاصمة كييف إلى المعبر الحدودي شيغني البولندية على طول 600 كيلومترًا، استغرقت أكثر من ثلاثة أيام، حيث يقول هنا: "غادرنا كييف يوم الجمعة رفقة طلاب آخرين واتجهنا إلى الحدود البولندية ولم نبلغ الحدود إلى  غاية يوم الإثنين. الطرق كانت مقطوعة، والممرات غير آمنة، وكان هنالك اكتظاظ رهيب للسيارات في الطرقات وسط المعارك التي كانت تدار في بعض المناطق الكبرى".

رحلة على الأقدام

في هذا السياق، ذكر بلال أنه كان رفقة جمع من الطلبة الجزائريين، وقد قطعوا مسافة 50 كيلومترًا مشيًا على الأقدام بغية الوصول إلى المعبر الحدودي مع بولندا، هنا وقف بلال وهو في طريقه إلى الحدود البولندية على مشاهد مؤلمة، وقد كانت هنالك حسبه عشرات القوافل من النساء والأطفال والمسنين تتجه نحو المعابر، أما الشباب الأوكرانيين فالتحقوا بجبهات القتال وجنّدوا في صفوف الجيش.

آلاف العائلات من كل الجنسيات قطعوا مسافات طويلة سيرًا على الأقدام هربًا من القصف نحو التوجه إلى الأماكن الآمنة ومختلف المعابر الحدودية، فقد نفد الوقود من محطّات البنزين في كل المدن الأوكرانية، وبلغت تذاكر الحافلات التي تنقل من كييف إلى حدود بولندا أسعارًا خيالية إذ وصلت إلى حدود 450 أورو للفرد الواحد، يضيف المتحدّث.

بسبب هذا الوضع، ناشد بلال رفقة الطلبة المحتجزين تحت القصف، السلطات الجزائرية للإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة وتوفير وتأمين حافلات للعائلات الجزائرية العالقة بالقرب من معبر رفولوسكي، لتسهيل مرورهم وإجلائهم إلى أرض الوطن بعد رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر.

نحن في أمان

وصل الطالب بلال رفقة عدد من الطلبة الجزائريين يوم الثلاثاء الماضي إلى الأراضي البولندية، بعد انتظار دام ساعات في طوابير طويلة جدًا امتدت إلى خمسة كيلومترات، بسبب الأعداد الهائلة للاجئين، وهذا قصد الحصول على ختم لجواز سفره.

هنا، يتذكّر طالب الدكتوراه دور الجالية الجزائرية والسفارة الجزائرية في بولندا، مشيدًا بالمساعدة التي تلقوها والتكفل بهم إلى غاية وصلوهم إلى العاصمة وارسو، وقد قامت السفارة الجزائرية، حسبه، بتخصيص فنادق للإيواء، في انتظار برمجة رحلات نحو الجزائر.

التمييز ضد الأجانب

يتحدّث الطالب بلال عن وقوفه شخصيًا على سلوكيات تمييزية عند المعبر الحدودي بين أوكرانيا وبولندا، إذ كانت تُعطى الأولوية للأوكرانيين، ثم للأطفال ولكبار السن، وفي الأخير الأجانب من الطلبة أو من دول أخرى، في المقابل يعترف بلال أنهم تلقوا معاملة جيدة، رفقة الفريق الطبّي والجمعيات المدنية المحلية هناك، من حيث توفير الرعاية الصحية والمأكل والملبس والإيواء في الملاجئ.

يُشار هنا، إلى أن الجزائر أعلنت عن وفاة إحدى رعاياها في خاركيف ثاني أكبر مدن أوكرانيا، حيث أفاد موقع "العربي الجديد" أن الطالب المدعو محمد عبد النعيم كان ضحية طلق في الرأس يعتقد أنه لقناص روسي، عندما حاول الدخول إلى ملجأ رفقة عدد من رفاقه من الطلاب السودانيين والمصريين.

 نهاية الحلم

يقصد عدد كبير من طلاب الجزائريين الجامعات الأوكرانية في الفترة الأخيرة قصد مواصلة دراستهم أو نيل الشهادة الجامعية، خصوصًا في تخصصات الطب والصيدلة والهندسة، ويقدّر العدد بنحو ألف طالب جزائري في أوكرانيا وحدها، نظرا لانخفاض تكاليف التعليم الجامعي مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى وسهولة الحصول على التأشيرات، وتعتبر أوكرانيا ممرًا للعبور إلى أوروبا الغربية للعديد من الحراقة والمهاجرين السرّيين.

سيقف استمرار الحرب الروسية في طريق العديد من الحالمين بالدراسة في أوكرانيا بعد الأحداث الأخيرة

وعلى ما يبدو؛ سيقف استمرار الحرب في طريق العديد من الحالمين بالدراسة في أوكرانيا بعد الأحداث الأخيرة، وسيتوقف تدفّق الطلبة الجزائريين إلى الجامعات لفترة لا يمكن تحديدها، حيث حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا "ستطول". 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر تستنفر رعاياها في أوكرانيا

جزائريون في أوكرانيا.. شهادات اللاجئين إلى بولندا هربًا من الصواريخ الروسية