06-فبراير-2020

عبد السلام بوشوارب, لطفي نزار, خالد نزار (تركيب: الترا جزائر)

أصدر القضاء الجزائري في الأشهر الماضية، أحكامًا بالقبض الدولي ضدّ بعض رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لكن لحدّ الآن لم يتم إلقاء القبض على المتّهمين، رغم صدور قرارات إدانة نهائية، فهل ستبقى هذه الأحكام حبيسة المحاكم مثل ما حدث سابقًا، مع وزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل، خاصّة وأن أسماء المعنيين مثل الجنرال الفار خالد نزار، ووزير الصناعة الهارب عبد السلام بوشوارب، لم تُدرج بعد ضمن قائمة المطلوبين من قبل الشرطة الدولية أنتربول.

تكتسي عملية جلب المدانين في قضايا فساد وتآمر على الدولة أهميّة كبرى لدى السلطات الجزائرية

تكتسي عملية القبض على المدانين في قضايا فساد وتآمر على الدولة، خاصّة الفارين إلى خارج الجزائر، أهميّة كبرى لدى السلطات، بالنظر إلى أن إعادتهم إلى البلاد لنيل العقوبة التي يستحقونها، ستعطي ربما مصداقية لخطاب الرئيس عبد المجيد تبون، في قدرته على إرجاع الأموال المنهوبة الموجودة في الخارج، والتي كانت من أهم النقاط التي وظفها تبون خلال حملته الانتخابية.

اقرأ/ي أيضًا: مذكرة توقيف دولية ضدّ الجنرال خالد نزار

قائمة خاوية

في آب/أوت الماضي، أصدرت المحكمة العسكرية بالبليدة أمرًا بالتوقيف الدولي، ضد وزير الدفاع الأسبق، الجنرال المتقاعد خالد نزار ونجله لطفي، وفريد حمدين رئيس شركة صيدلانية، بتهمة محاولة التآمر على الجيش، لتتم إدانتهم الشهر الموالي بعشرين سنة سجنًا نافدًا لكلّ واحد منهم.

وفي 10 كانون الأول/ديسمبر الماضي، قضت محكمة سيدي امحمد بالعاصمة الجزائر، بـ 20 سنة سجنًا نافدًا غيابيًا، في حقّ وزير الصناعة الأسبق عبد السلام بوشوارب، أحد أبرز رموز نظام بوتفليقة، مع إصدار مذكّرة توقيف دولية. لكن لغاية الآن، لم تستلم الجزائر هؤلاء المتهّمين، حيث تتضارب الآراء بشأن إقامة بوشوارب بين فرنسا ولبنان، وإقامة نزار ونجله وفريد حمدين بإسبانيا.

في هذا السياق، تبقى قائمة الجزائريين المطلوبين من قبل منظمة الشرطة الدولية الجنائية "إنتربول"، المنشورة على موقعها الرسمي، خالية من أية مذكّرة توقيف دولية صادرة عن الجزائر ضدّ هؤلاء المتهمين الأربعة.

كما لا تتضمّن قائمة الجزائريين التسعة المنشورة على موقع إنتربول، أيّ مطلوب من قبل الجزائر، فحتّى أمير كتيبة "المرابطون"، وجماعة "الموقّعون بالدم" مختار بلمختار، المكنّى بـ "الأعور"، والذي تتضارب الأخبار بشأن مقتله من عدمها، مطلوب من طرف السلطات الكندية وليس الجزائرية، وهو المدان في عدّة قضايا تتعلّق بالإرهاب من قبل القضاء الجزائري.

مرحلة ثانية

لا يتفاجأ المحامي مصطفى فاروق قسنطيني، بعدم إدراج نزار ونجله لطفي وبوشوارب في الوقت الراهن من قبل الإنتربول، ضمن قائمة المطلوبين للقبض الدولي.

حيث يوضّح قسنطيني في حديث إلى "الترا جزائر"، أنه قبل إدراج أسماء المتّهمين في قائمة المطلوبين من قبل الإنتربول، يتمّ تقديم طلب من طرف الجزائر، للدول التي يقيم بها حاليًا هؤلاء المدانون غيابيًا بالسجن، لتفتح هذه الدول عبر جهازها القضائي تحقيقًا في تهم المدانين بها، وعند التأكّد من صحّتها يتم ترحيلهم إلى الجزائر.

وأشار قسنطيني، إلى أنه لحسن الحظ أنه في حال لا يزال نزار ونجله في إسبانيا وبوشوارب في فرنسا، فإنّ المهمّة ستكون سهلة نسبيًا، بالنظر إلى وجود اتفاقات للتعاون القضائي مع هاذين البلدين.

وأضاف قسنطيني أنه في حال أبدت هذه الدول عدم تجاوبها مع الطلب الجزائري، رغم استبعاده لهذه الحالة، فإن الجزائر عبر وزارة الخارجية وقاضي التحقيق، تتقدّم بطلب إلى الإنتربول، للقبض الدولي على المدانين غيابيًا.

عدم تكرار

خاضت الجزائر، خلال حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، امتحانين متعلّقين بفعالية مذكّرات التوقيف الدولي التي صدرت عن القضاء الجزائري، نجحت في واحدة، وأفشل النظام مسار نجاح الثانية.

وتتعلّق الأولى بـ"الفتى الذهبي"، رجل الأعمال عبد المومن خليفة، القابع اليوم في السجن، والذي أصدرت بشأنه مذكرة توقيف دولية وصلت حتى الاستعانة بالإنتربول، وهو الذي كان فارًا بفرنسا التي لاحقته بعدها أيضًا دوليًا، بعد فراره إلى أنجلترا، التي فضّلت في الأخير تسليمه للجزائر بدل فرنسا في عام 2013، بعد 10 سنوات قضاها بها منذ فراره من بلاده في 2003.

أما المذكّرة الثانية، فقد أصدرها وزير العدل الحالي بلقاسم زغماتي، لما كان يشغل منصب نائب عام لمجلس قضاء الجزائر العاصمة، ضدّ وزير الطاقة المناجم الأسبق شكيب خليل وثمانية متهمين آخرين معه في قضية "سوناطراك"، بينهم زوجته وابنيه، ومدير مكتبه السابق رضا حماش، وفريد بجاوي، غير أن السلطات الرسمية، رفضت تطبيق قرار العدالة والتضحية بأحد أبنائها المدلّلين، وقررت إجهاض الطلب وإقالة زغماتي من منصبه.

ومع مرور الأشهر، دون ترحيل بوشوارب ونزار، وبقية المتهمين معه إلى الجزائر، خاصّة مع عدم ورود أسمائهم ضمن قائمة المطلوبين من قبل الإنتربول، يتخوّف الجزائريون من تكرار سيناريو شكيب خليل، إلا أن رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان المحلة، مصطفى فاروق قسنطيني، يستبعد في حديثه مع "الترا جزائر"، تكرار السيناريوهات هذه المرّة، لأنه لا أحد يقبل بإعادة تلك المهزلة القضائية، كما أن السلطات تبدو هذه المرّة جادة -حسبه - في تطبيق جميع قرارات العدالة بحذافيرها.

تبقى سمعة العدالة الجزائرية والسلطة الجديدة في البلاد على المحكّ بخصوص المتهمين الفارين إلى الخارج

وإلى أن يتمّ ترحيل الرباعي المذكور سلفًا إلى الجزائر، وتنفيذ قرارات القبض الدولي؛ سواءً بالانتقال إلى الاستنجاد بالإنتربول أو عدمه، تبقى سمعة العدالة الجزائرية والسلطة الجديدة في البلاد على المحك، لأنّ أوّل امتحان للطرفين في "الجزائر الجديدة"، التي يتحدّث عنها مرارًا وتكرارًا الرئيس عبد المجيد تبون، يتمثّل في استقلالية العدالة وتطبيق القانون على الجميع.

 

اقرأ/ي أيضًا:

خالد نزار يدعو الجيش إلى "التمرّد".. معركة تويتر تستمر

القبض على زعماء "العصابة" وخطاب بن صالح بلا ضمانات