28-يناير-2025
وزارة التربية صورة أرشيف

وزارة التربية ( صورة أرشيف)

أثار الإفراج عن القوانين الأساسية النّاظمة لقطاع التربية ، نقاشات حادة وانقسامات بين المنتسبين لهذا المجال، الذي يوظف أكثر من 700 ألف عامل ما بين أساتذة وإداريين وعمال مهنيين.

 استوقف نصّ المادة 59 العديد من الموظفين، خاصة منها بنود العقوبات المقرّرة في حال ممارسة أنشطة موازية للتعليم في القطاع الخاص بالإضافة إلى ما يترتب "العنف في الوسط المدرسي".

في الحالة التربوية، أسئلة المنتسبين للقطاع أكثر من الأجوبة، خاصة  حيال المادة 59 من القانون الأساسي، في علاقة بالوظيفة في حدّ ذاتها وما يترتب عن بعض الممارسات من عقوبات.

منذ الدخول المدرسي الفائت؛ برز ملف القوانين الأساسية للموظفين في قطاع التربية في النقاشات، سواءً على مستوى الوزارة، وعلى مستوى النقابات وعلى مستوى الإعلام بدرجة أقلّ، خاصة فكلاهما وجهان لعملة واحدة عند الحديث عن قطاعين يشملان الآلاف من الكوادر في الجزائر.

بالنّسبة للمنتسبين في مجال التعليم فإنّ تحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية والاقتصادية هي الهدف الأسمى خصوصا في علاقتها بالقدرة الشرائية ومصير الآلاف لفترة ما بعد التقاعد.

حُضور النقاش ازداد حدّة مع الإفراج النّهائي لقانون التربية مع تطمينات الوزارة بخصوص تفسير بعض المواد، في محاولة لامتصاص غضب الآلاف بسبب بعض الفقرات في النصوص القانونية.

استوقف نصّ المادة 59 العديد من الموظفين، خاصة منها بنود العقوبات المقرّرة في حال ممارسة أنشطة موازية للتعليم في القطاع الخاص بالإضافة إلى ما يترتب "العنف في الوسط المدرسي".

 

المادة 59 من القانون الأساسي لقطاع التربية

 

نشاط مُربِح.. الدروس الخصوصية؟

في قراءة أخرى بعد صدور القانون الأساسي الخاص بمنتسبي قطاع التربية، تضمن الباب الثامن نظاماً تأديبياً، حيث ورد في المادة 59 تحديد الأخطاء المهنية التي تُعتبر خطأ من الدرجة الرابعة.

من بين هذه الأخطاء، جاء ذكر "ممارسة وظيفة أخرى أو نشاط مربِح في إطار خاص مهما كانت طبيعتهما".

وأشار أستاذ الرياضيات مراد عروس في إفادة لـ" الترا جزائر" إلى أنّ هذا الأمر مذكور في القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية رقم 06/03، غير أنّ الوصاية قد أكدته مجددًا في القانون الأساسي الخاص بمنتسبي قطاع التربية.

وأضاف: "يُفهم من وراء هذا التأكيد المتجدّد في القانون وبقراءة أخرى، يتّضح أنّ المقصود هنا هو الدروس الخصوصية."

وواصل بقوله:" من جهة، تمّ التطرق إلى تقنين هذا النشاط، حيث يُمنع تقديم الدروس الخصوصية دون رخصة أو سجل تجاري ومن جهة أخرى، يُمنع على الأستاذ ممارسة أي نشاط مربح في إطار خاص".

وبذلك، من اليوم فصاعدًا، يُصبح من غير الممكن لأي أستاذ تقديم الدروس الخصوصية إلاّ في حال كان لديه رخصة أو سجل تجاري، وإلاّ سيكون مُعرّضًا للمسائل القانونية.

واتهمت أطراف في علاقة بالدروس الخصوصية، موجهين السهام نحو تحرّك الإضرابات والوقفات الاحتجاجية ومقاطعة البعض للأعمال الإدارية، من منطلق هذا القانون.

نقابات التربية ثمّنت القانون الأساسي باعتباره " متكامل ويحافظ على المكاسب في القطاع"، يقول الأستاذ عبد الحميد صاولي من "النقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين" لـ" الترا جزائر".

وفي السياق قال المتحدث إنّ "التعليم رسالة لا يمكن أن تُبتذل في بعض الانعطافات الخاصة بممارسة نشاطات أخرى قد تؤثر سلبا على العملية التعليمية برمّتها".

واعترف بأنّ ما جاء في القانون الأساسي واضح خصوصا في علاقة بالظروف المهنية والتقاعد وغيرها من المواد التي تحيط بظروف التعليم، لافتاً إلى أنّ هناك ترتيبات يمكن أن تتخذها المؤسسات التربوية في علاقات بقطاعات أخرى أهمها: الوظيف العمومي والتجارة.

مدرسة جزائرية (صورة: أرشيف)

صرخة من جُدران التعليم

تدعيماً لما سبق، ذكرت قوانين تأطير التعليم، أنّ ارتكاب الموظف لأعمال عنف أيا كان نوعها اتجاه التلميذ، يعتبر خطأ مهني يستوجب عقوبة من الدرجة الرابعة (التسريح).

وتنافيا مع مقولة: "ينتهي العنف حين يبدأ التّعليم"، ألحت الأستاذة سعيدة بن زهرة، الباحثة في سلك الدكتوراه بالمدرسة العليا للأساتذة على أنّ حديث النصوص القانونية عن العقوبات المترتبة عن العنف المدرسي، يُعيد إلى الواجهة "مشكلة تنخر الجسد التربوي".

وأشارت إلى نقاط متعلقة بالعنف في الوسط المدرسي، والعنف الممارس على التلميذ، مؤكدة أنّ القانون لا يمكنه أن ينفرد فقط بحماية المعلم (المكون) والتلميذ والموظف والإداري على مستوى المؤسسات التربوية.

وأوضحت في إفادتها لـ" الترا جزائر" بأنّ العملية التعليمية أصبحت قضية الأسرة والمجتمع والمؤسسات الثقافية والإعلام أيضا.

وطالبت بضرورة تفعيل القرارات وفق الاهتمام بالموظفين من أساتذة وعمال، فهناك أخطاء يرتكبها التلاميذ في حق المنتسبين للقطاع خاصة منهم الأساتذة، لكن كثيرا ما يتعرض الأخير إلى العنف خارج أسوار المؤسسات التربوية، إن نفذ تلك القرارات كإحالة التلميذ على المجلس التأديبي.

مدرسة جزائرية (صورة: أرشيف)

وختمت حديثها بسؤال جوهري: مَن يحمِي مَن؟

اللافت أنّ وزارة التربية قدمت شرح لبعض المواد المنصوص عليها في القانون الأساسي للقطاع، غير أنّ عدة أصوات تطالب اليوم بفتح حوار جدي حول مختلف القضايا الكبرى التي تهمّ ثلاثية التعليم (المناهج والمعلم والتلميذ).