12-مارس-2022

اجتماع سابق لجامعة الدول العربية (الصورة: أ.ف.ب)

يبدو أن القمة العربية التي ستنتظم أعمالها في الجزائر قبل نهاية السنة الحالية، ستكون احتفالًا تاريخيًا جزائريًا ذو بعد عربي، حيث أعلنت الخارجية الجزائرية يوم الفاتح من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وعلى مدار يومين موعدًا لانعقادها من طرف وزراء الخارجية العربية، وهو التاريخ المتزامن مع الذّكرى الـ 68 لاندلاع الثّورة التحريرية المجيدة.

يأتي انعقاد القمة في ظلّ ظروف سياسية عربية وإقليمية ودولية متوتّرة تحتاج إلى لملمة شمل الدول العربية والبتّ في عديد القضايا

رمزية تاريخية

بدأ العدّ التنازلي لمخطط تهيئة المحاور الكبرى لأبرز القضايا التي سيتناولها القادة العرب خلال قمّة الجزائر، التي ستحمل رمزية تاريخية، كما أكّد ذلك وزير الخارجية الجزائرية رمطان لعمامرة خلال إعلان موعدها على أن "رمزية موعد القمة، باعتبارها تاريخًا جامعًا كرّس التفاف الدول والشعوب العربية وتضامنها مع الثورة الجزائرية المجيدة، وما يحمله من دلالات هامّة حول تمسّك الدول العربية بقيم النضال المشترك في سبيل التحرّر وامتلاك مقوّمات تقرير مصيرها الموحد، خاصّة في خضم التحديات المتزايدة التي تفرضها التوترات الخطيرة والمتسارعة على الساحة الدولية".

اقرأ/ي أيضًا: تبون: لا خلاف بين القادة العرب عن القمة وهذا موعدها

https://www.youtube.com/watch?v=S00iP_xRgHI

كما شدّد رئيس الدبلوماسية الجزائرية على أهمية انعقاد القمة في هذا التاريخ كونه "يفتح آفاقًا جديدة للعمل العربي المشترك لتمكين الأمّة العربية من إسماع صوتها والتفاعل والتأثير بصفة إيجابية على مجريات الأمور على الصعيدين الإقليمي والدولي".

وعلاوة على الموعد السياسي للقادة العرب في الجزائر "سيشكّل هذا التاريخ فرصة أيضًا للاحتفال مع الشعب الجزائري وكافة الشعوب العربية بأمجاد هذه الأمة واستلهام همتهم في بلورة رؤية مستقبلية لتحقيق نهضة عربية شاملة في جميع الميادين بما يسمح للمنطقة العربية بالتموقع مجددًا على خريطة العلاقات الدولية".

ظروف متوتِّرة

اختيار هذا التاريخ، كان مبرمجًا من قبل حتى تلتئم مختلف وجهات النظر حيال المسائل العربية المشتركة، إذ يرى الباحث في العلوم السياسية عبد الله رجيمي أن القمّة العربية تعتبر دوما خطوة نحو تعزيز العوامل المشتركة بين البلدان العربية في رؤيتها للمواضيع والقضايا السياسية الجامعة، واتّخاذ مواقف حيالها.

وأكد الأستاذ رجيمي أن اختيار هذا التاريخ في حدّ ذاته له دلالات عديدة؛ مرتبطة أساسًا بالتاريخ، موضّحًا في حديث لـ "الترا جزائر" أنّ احتفالات الجزائر في هذا التاريخ بالثورة التحريرية لم يكن احتفالًا خاصًا بالشعب الجزائري لوحده بل بكل الأشقاء الذين قدموا المساعدات للجزائر في ثورتها التحريرية، واعتراف الجزائر بهذه المواقف سيكون في قمّة عربية على أرضها.

كما شدّد على أن الجزائر ستعمل على مشاركة العرب في هذه الاحتفالية التاريخية، إذ أن "تحديد موعد القمة في ذكرى تاريخية فيه استدعاء لمساهمة عربية في دعم كفاح الشعب الجزائري وأيضًا استذكار حرب أكتوبر1973 على الاحتلال الإسرائيلي التي تمثل محطة هامة في فعالية العمل العربي المشترك وتوحيد الموقف لدعم المصالح العربية".

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى تصريحات لعمامرة خلال اجتماعه بسفراء الدول العربية في شهر كانون الثاني/جانفي الماضي، أن "الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يعتزم اقتراح موعد لعقد القمة المقبلة، يجمع بين الرمزية الوطنية التاريخية، والبعد القومي العربي ويكرّس قيم النضال المشترك والتضامن".

وبخصوص هذه الدلالات يأتي انعقاد القمة في ظلّ ظروف سياسية عربية وإقليمية ودولية متوتّرة، تحتاج إلى لملمة شمل الدول العربية والبتّ في عديد القضايا، وتمتين عوامل التعاون فيما بينها، لمجابهة مختلف التحدّيات المطروحة في السّاحة.

وفي إطار آخر، من المنتظر أن تكون القضية الفلسطينية من الملفات التي ستأخذ حصّة الأسد من مناقشات القادة العرب، حيث أكد الأستاذ رجيمي أن الموعد التاريخي مرتبط أساسًا في "المخيلة التاريخية بالتحرر والانعتاق من قيد المغتصبين"، وهو ما سيعزّز موقف الجزائر القاضي بجمع شمل الفصائل الفلسطينية وتوحيدها.

ملفّات على نار هادئة

في سياق متصل فإن تاريخ القمة يعتبر جسرًا عربيًا تعمل الجزائر على مدّه تحت قواعد العمل العربي المشترك لمواجهة المتغيّرات السياسية في العالم، والتي لها تداعيات كثيرة على المنطقة العربية، إذ لفت المتحدث إلى أن هذه المتغيّرات " الخطيرة" و" التي لها تأثير مباشر على مختلف الدول العربية تستدعي أن تعيد اللّحمة العربية والانسجام في المواقف والقرارات وتجاوز الخلافات والبحث عن سبل التّعاون وتقوية مواقِفها السياسية والتعاون الاقتصادي لمجابهة مختلف التحوّلات.

توقيت انعقاد القمة قبل نهاية السنة الجارية، سيمنح للجزائر وقتًا مريحًا لتحضير جدول أعمالها بالتنسيق مع المسؤولين العرب والأجندة التراتبية للقضايا المنتظر عرضها على طاولة الرؤساء والملوك والقادة العرب.

وبحسب متابعين للشّأن العام العربي فإن الجزائر تريد أن تربح البعد التاريخي والسياسي في القمة، إذ قال أستاذ العلاقات الدولية نور الدين قماس لـ"الترا جزائر" إن الجزائر تحاول استعادة البعد الثّوري في العمل العربي المشترك من خلال استدعاء حالة الثّورة الجزائرية وإسقاطها على الحالة الفلسطينية.

ومن أهم القضايا التي سينظر فيها القادة العرب مخرجات الحوارات ثم اللقاء الجامع للفصائل الفلسطينية في الجزائر قبل انعقاد القمة، وهو الملف الحارق - حسبه-على اعتبار هذه القضية لازالت تنتظر إعلان مواقف رسمية من عديد الدول في علاقة مع التطبيع.

كما لفت الأستاذ قماس"إلى مسألة عودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية، التي تحتاج إلى قرار جامع خصوصًا في ظلّ التوتّرات الخارجية في الساحة، والبحث عن أمن واستقرار المنطقة".

من المنتظر أن تكون القضية الفلسطينية من الملفات التي ستأخذ حصّة الأسد من مناقشات القادة العرب

هنا، يُشير المتحدث إلى أن اعتماد الموعد يشكِّل حافزًا إضافيًا للرؤساء العرب الحضور إلى الجزائر، ليس للمشاركة في القمة فقط؛ لكن أيضًا لمشاركة الجزائريين عيدًا تاريخيًا، وهو معيار مهمّ في علاقة بمسألة مستوى التمثيل الرسمي لكلّ دولة في هذه القمة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الخارجية الجزائرية: الحديث عن تأجيل القمة العربية مغالطة

زيارة تبون لمصر.. ملفّات سياسية "معقّدة" قبل القمّة العربية