تتميز الجزائر بشبكة من الجامعات الحكومية تقدر بـ56 جامعة ومركزا جامعيا، وهي تغطي في الوقت الحالي جميع المحافظات. وارتفع عدد الجامعات في الجزائر كرد فعل على سياسة "دمقرطة التعليم العالي ومجانيته"، والتي اعتمدتها الحكومات المتتالية وركزت على تقريب الجامعة من الطلبة وإتاحة الدراسة الجامعية لكل الشرائح المجتمعية. كما تتميز أيضًا بأنها لم تعرف منذ استقلالها وإلى اليوم أي تأسيس للجامعات الخاصة، رغم وجود بوادر لقبول الفكرة من طرف الحكومة، استجابة للضغوطات التي تمارسها أوساط رجال المال والأعمال.
تتميز الجزائر بغياب الجامعات الخاصة وبارتفاع عدد الجامعات الحكومية
وخلال السنوات الأخيرة، تواترت الأصوات المنادية بضرورة وجود جامعات خاصة، على غرار الثانويات والمدارس الخاصة التي تنشط بصفة عادية منذ سنوات، بحجة تطوير جودة التكوين العالي وتبني مناهج متطورة والشراكة العلمية التي قد تعقدها هذه الجامعات الخاصة مع أساتذة أجانب، معروفون بكفاءتهم العلمية. ويحاجج المطالبون بمنح رخص لجامعات خاصة في الجزائر، بانحسار نوعية التعليم الجامعي الحكومي وتدني مستوى الطلاب المنتسبين إليه، عامًا بعد آخر، والذين يفوق عددهم اليوم المليون ونصف المليون طالب.
تأسست أول جامعة جزائرية، وهي "جامعة الجزائر"، سنة 1883 وتخرج منها العلامة محمد بن أبي شنب، وهو أول جزائري متحصل على شهادة الدكتوراه في العصر الحديث، ومنذ ذلك الحين، يعتبر التعليم الجامعي بالجزائر مجانيًا ويخضع في تسييره لإملاءات الدولة التي تنفق على التعليم الجامعي ما لا يقل سنويًا عن ثلاث مليار دولار.
اقرأ/ي أيضًا: طلاب تونس وحلم الجامعة الخاصة
لكن، منذ سنة 2008، أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية عن نص قانون يسمح بفتح مؤسسات تعليم عالي (جامعات) خاصة، إلا أن السلطات لا تزال تشدد على ضرورة الالتزام بشروط معينة من حيث الشكل والمضمون. ودفع قرار الوزارة بعض الأطراف إلى المسارعة بتقديم طلبات فتح جامعات خاصة أجنبية، في سابقة هي الأولى من نوعها في الجزائر.
يحاجج المطالبون بمنح رخص لجامعات خاصة في الجزائر بانحسار نوعية التعليم الحكومي وتدني مستوى الطلاب المنتسبين إليه
وأعلنت وزارة التعليم العالي الجزائرية، منذ فترة، عن وجود عدد من الطلبات لفتح جامعات أجنبية وفرنسية خصوصًا، قدمها رجال أعمال جزائريون، وأنها استلمت ملفات تقوم اللجنة الخاصة المكلفة بالموضوع بدراستها. لكن إلى هذه اللحظة، لم يعلن الموافقة عن أي من هذه الطلبات ولم يكشف عنها، ما يعني، حسب البعض، أن كل هذه المشاريع لا تزال في أدراج مكتب الوزير، إلى حين إعطاء الضوء الأخضر من الحكومة.
أما بالنسبة للجزائريين، فيرى البعض الفكرة "غريبة" و"غير مقبولة"، بل وتمثل "تهديدًا حقيقيًا لمجانية التعليم الجامعي والامتيازات التي يقدمها". توفر الجامعة الجزائرية الطعام والإقامة المجانية للطلبة، كما توفر منحة مالية لكل طالب جزائري تقدر بـ 4000 دينار جزائري (40 دولار)، أربع مرات في السنة. ويرفض جزء من الجزائريين تأسيس جامعات خاصة ويرون أنها ستقضي على التعليم الجامعي الحكومي وسترهق الطلبة وأوليائهم بنفقات ضخمة.
يرى بعض الجزائريين أن فتح جامعات خاصة يمثل تهديدًا للتعليم الجامعي الحكومي
كما يرى المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي، وهو نقابة مستقلة، أن القانون التوجيهي للجامعات الذي صدر سنة 2008 والمشجع على فتح الجامعات الخاصة، يشكل "خطرًا محدقًا على القطاع الحكومي". ويدعو المجلس "إلى ضرورة إبعاد المنظومة الجامعية عن القطاع الخاص، خاصة أن دفتر الشروط الخاص بها لا يزال مجهولًا، وتم صياغته دون إشراك المجلس". ويعتبر المجلس، التعليم الجامعي، أمرًا سياديًا واستراتيجيًا بالنسبة للأمن القومي.
اقرأ/ي أيضًا: التدريس الليلي يعيق العودة الجامعية في الجزائر