23-ديسمبر-2024
إصلاحات مرتقبة وتحديات اجتماعية

إصلاحات اقتصادية مرتقبة وتحديات اجتماعية (صورة:أرشيف)

تترقّب الساحة الجزائرية رهانًا كبيرًا يتمثّل في تنفيذ إجراءات اقتصادية واجتماعية هامة في الأشهر المقبلة، بهدف تحسين ظروف المعيشة للمواطنين.

 تحديد 31 آذار/ مارس 2025 كأقصى أجل لتسوية الملفات العالقة بخصوص القروض الموجهة لتمويل الشباب

وينتظر الجزائريون بفارغ الصّبر ما ستكشِف عنه الأشهر المقبلة من قرارات وإجراءات قد تحمل الأمل بتغيير ملموس في الوضعين الاقتصادي والاجتماعي.
يتواصل استيراد السيارات الجديدة مع تركيز كبير على توطين صناعة السيارات المحلية، حيث تدرس وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني 36 طلبًا لإنشاء مصانع لإنتاج المركبات.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، سيتم رفع المنحة السياحية إلى 750 يورو للبالغين، إلى جانب قرارات تتعلق بدعم الشباب ودفع القسط الأول من سكنات "عدل 3"، إضافة إلى استكمال البت في ملفات السكنات العالقة.
وبحسب المتابعين، فإنّ الأشهر القليلة المقبلة، تعدُّ محطة فاصلة تحمل في طياتها إجراءات تهدف إلى تحقيق الاستقرار وتحسين ظروف المعيشة، في وقت يتطلّب فيه الوضع الاقتصادي حلولاً مبتكرة واستراتيجيات فعّالة من الحكومة، فهل ستتحقّق هذه الوعود في الفترة المقبلة؟

القروض الممنوحة من الدولة لتمويل المشاريع

وعود

من أبرز الملفات " الوعود" المنتظرة؛ استمرارية عملية استيراد المركبات الجديدة، حيث أعلن وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني، غريب سيفي، في رده على سؤال فريدة جبالي، النائب في البرلمان الجزائري، بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول، أن حصة استيراد سيارات 2023 ستستمر لتلبية الطلب في السوق الوطنية.

وقد تنفّس الزبائن الصعداء بعد أن دفعوا مسبقًا 10% من قيمة سياراتهم، إذ كشف الوزير عن استقبال 36 طلبًا لإنشاء مصانع لتصنيع المركبات بمختلف أنواعها، بما في ذلك السيارات، وهو ما قد يشكل بداية انفراج لما وصف بـ"أزمة السيارات" التي أثقلت كاهل السوق خلال السنوات الأخيرة.
وفي المجال المالي، من المنتظر أن يتم رفع المنحة السياحية إلى 750 أورو للبالغين أي مضاعفتها أزيد من 7 مرات، و300 أورو للقُصّر، بالإضافة إلى 1000 دولار للمتوجهين إلى البقاع المقدسة لأداء فريضة الحج.

هذه الخطوة، التي يُتوقع أن يصدر بشأنها مرسوم تنظيمي في 2025، ستتزامن مع فتح مكاتب صرف جديدة لتحسين الوصول إلى العملة الصعبة وتنظيم نشاط الصرف في السوق الوطنية.
كما يتضمّن قانون المالية للسنة المقبلة برنامجا طموحا لخلق 100 ألف منصب شغل جديد، مع الإفراج عن القوانين الأساسية لمختلف الأسلاك المهنية، مما يعزز التوظيف في قطاعات حيوية ويدفع عجلة التنمية الاقتصادية.

ويأتي هذا بالتوازي مع برنامج حكومي للفصل في ملفات القروض الموجهة لتمويل الشباب، حيث تم تحديد 31 آذار/ مارس 2025 كأقصى أجل لتسوية الملفات العالقة، مما سيتيح للشباب فرصا أكبر للاستثمار والعمل عبر الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية.
وعلى صعيد الرقمنة، ينتظر تعميم التحول الرقمي في قطاعات حيوية مثل الأملاك العقارية والضرائب، بهدف تعزيز الشفافية وتبسيط الإجراءات الإدارية، وغير بعيد عن هذا السياق، أكد وزير المالية لعزيز فايد أن المهلة الممنوحة للتجار لتوفير وسائل الدفع الإلكتروني متعددة الأطراف ستنتهي بنهاية 2024، ليصبح هذا الإجراء إلزاميا اعتبارا من 1 كانون الثاني/ياناير2025.

مواصلة دعم المواد الأساسية وزيادة غلاف تغطية الأجور بـ 600 مليار دينار إضافية

وبالنظر إلى التدابير المتخذة؛ تمثّل هذه الخطوة نقلة نوعية نحو رقمنة الاقتصاد الوطني وتعزيز المعاملات المالية الإلكترونية.
أمّا في قطاع الطاقة، فيُتوقع إطلاق صفقات ومناقصات جديدة لاستثمارات وشراكات مع شركات محلية ودولية، مما سيعزز من إنتاج الطاقة ويزيد من فرص التصدير. وترافق هذه الجهود مشاريع استثمارية كبرى تستهدف خلق ديناميكية اقتصادية في قطاعات البنية التحتية والصناعة التحويلية، كما يرتقب تحديد أصحاب لملفات المقبولة في سكنات "عدل 3" أو البيع بالإيجار، مطلع سنة 2025 وفق تصريحات وزير السكن، وتتوقع مصادر ذات صلة بالملف استدعاؤهم لدفع الشطر الأول للسكن خلال النصف الأول لسنة 2025.

سكنات عدل بالجزائر

فرص جديدة

على المستوى الاجتماعي، ينتظر المواطنون صدور قوانين أساسية جديدة تعزز من استقرار مختلف الأسلاك المهنية، بالإضافة إلى برامج حكومية لخلق فرص عمل، وهو ما يعكس التزام الدولة بتحقيق التنمية المستدامة وتحسين ظروف العيش للمواطنين.
فمن مخلفات الأشهر الماضية؛ يبدو أنّ السنة الجديدة ستحمل معها فتح الباب لإجراءات محورية للحكومة، التي شهدت تعديلا شهر تشرين الثاني/  نوفمبر الماضي، حيث يسعى الطاقم الوزاري إلى تجاوز التحديات الراهنة من خلال تنفيذ إصلاحات شاملة وتطوير البنية التحتية للاقتصاد كما أن النجاح في تحقيق هذه الأهداف سيشكل نقلة نوعية نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا.

ويعلّق رئيس لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني أسامة عرباوي بأن سنة 2025 ستشهد دخول عدة إجراءات جديدة حيز التنفيذ، حيث ينتظر الجزائريون خلال السنة المقبلة تحقيق مجموعة من التحولات الاقتصادية والاجتماعية الهامة.
ويشدد عرباوي: "جاء قانون المالية لسنة 2025 كجزء من استراتيجية متكاملة تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني وتعزيز رفاهية المواطنين، دون المساس بالقدرة الشرائية".
ويركز القانون وفق تصريح عرباوي لـ"الترا جزائر" على مواصلة دعم المواد الأساسية وزيادة غلاف تغطية الأجور بـ 600 مليار دينار إضافية، مع إدراج خدمات جديدة للمواطنين على غرار القرض الاستهلاكي للخدمات والصكوك المالية، وهي منتجات لم تكن متوفرة من قبل.

المقاولات لإنشاء مشاريع لفائدة الشباب

تحديات  

كما تعّهدت الحكومة بخلق 450 ألف فرصة عمل جديدة، منها 220 ألف وظيفة مباشرة عبر مشاريع استثمارية تبلغ قيمتها 3994 مليار دينار، كما يتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي قفزة إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2027، أو على الأقل يفوق 300 مليار دولار وفق ما تضمنه قانون المالية، بدعم من سياسات تنموية تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، تنويع الاقتصاد، وتطوير قطاعات استراتيجية كالصناعة والزراعة.
إلا أنّه ورغم الطموحات، تواجه الحكومة تحديات بارزة مثل العجز المتزايد في الميزانية نتيجة ارتفاع النفقات التشغيلية ورأس المال، إلا أن السياسات المقترحة، بما في ذلك تحسين شبكة توزيع المنتجات الزراعية والحد من المضاربات، ساهمت في خفض معدلات التضخم من 9.3 بالمائة في 2023 إلى 5 بالمائة في النصف الأول من 2024، مع توقعات بمزيد من التحسن السنة المقبلة.

كما يُرتقب أن يستمر استقرار سعر الصرف الرسمي، مما يعزز الثقة في السوق المالي ويخلق بيئة مشجعة للنمو الاقتصادي.

وبذلك، يُشكّل قانون المالية المصادق عليه من قبل رئيس الجمهورية، وفق أسامة عرباوي رؤية استراتيجية متوازنة بين تعزيز معيشة المواطنين وتجاوز التحديات الاقتصادية، مع التركيز على الاستدامة والشفافية في إدارة الموارد الوطنية.