مع حلول فصل الخريف والشتاء كل عامٍ، تلوح في الأفق مخاطر الإصابة بالأنفلونزا الموسمية، ويُشكّل هذا الفيروس في الجزائر، كمثلها من دول العالم، تهديدًا صحيًا خاصة للفئات الهشة مثل كبار السن والأطفال والمرضى المزمنين؛ وللتصدّي لهذا التهديد، تطلق السلطات الصحية الجزائرية سنويًا حملات واسعة للتطعيم ضد الأنفلونزا، بهدف حماية أكبر عدد ممكن من المواطنين.
تستدعي العديد من الحالات الحذر قبل التطعيم مثل الأشخاص الذين يعانون من حساسية شديدة من البيض أو من أي مكون آخر من مكونات اللقاح
تنظم وزارة الصحة الجزائرية سنويًا حملات تطعيم واسعة النطاق ضد الإنفلونزا الموسمية، وذلك بهدف حماية المواطنين، خاصّة الفئات الأكثر عرضة للإصابة مثل كبار السن، والأطفال، والنساء الحوامل، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.
وتهدف هذه الحملات إلى تقليل انتشار الفيروس من خلال زيادة نسبة الملقّحين، سعيًا لتقليل فرص انتشار فيروس الإنفلونزا في المجتمع، وحماية الفئات الهشة والأكثر عرضة للمضاعفات الصحية الناجمة عنه، مثل الالتهاب الرئوي، وتخفيف الضغط على المستشفيات حيث يساهم في تقليل عدد الحالات التي تستدعي الرعاية الطبية، مما يُخفّف الضغط على النظام الصحي.
في حديث إلى "الترا جزائر"مع الدكتورة مريم سيدومو، طبيبة مختصة في الأمراض الصدرية بولاية البليدة، حول موضوع اللقاح في الجزائر، قالت إن لقاح الأنفلونزا الموسمية المتوفر حاليًا في الجزائر هو "أنفلوفاك تيترا"، وهو منتج فرنسي من مختبرات أبوت يتم تغليفه محليًا في مخابر صيدال الجزائرية.
هذا اللقاح، حسب المتحدثة، متاحٌ بسعر معقول في الصيدليات، كما تشمله التغطية التأمينية للفئات المستحقة. ويعتبر "أنفلوفاك تيترا" من اللقاحات الرباعية، مما يعني أنه يوفر حماية ضد أربعة سلالات من فيروس الأنفلونزا، مما يجعله أكثر فعالية في مواجهة مختلف أنواع الفيروس المنتشرة. تتميز هذه العلامة التجارية بفعاليتها العالية وآثارها الجانبية الخفيفة، مما يجعلها خياراً آمناً لمعظم الفئات العمرية. ومع ذلك، أنصح باستشارة الطبيب قبل أخذ اللقاح، خاصة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو حساسية من بعض المواد.
وأضافت المختصة أن لقاح الإنفلونزا خط الدفاع الأول ضد هذا الفيروس الموسمي، ويعمل من خلال تحفيز جهاز المناعة لإنتاج أجسام مضادة تحمي الجسم من الإصابة بأنواع معينة من فيروس الإنفلونزا.
ورغم أن اللقاح لا يوفر حماية بنسبة 100%، إلا أنه يساهم بشكل كبير في تقليل خطر الإصابة بالمرض؛ ففي حالة الإصابة بالإنفلونزا بعد تلقي اللقاح تكون الأعراض عادةً أقل شدة ومدة المرض أقصر. وكما تتاثر فعالية اللقاح بتغير فيروس الإنفلونزا باستمرار مما قد يجعله أقل فعالية في بعض المواسم، بالإضافة إلى اختلاف استجابة كل شخص للقاح بناءً على عوامل مثل العمر والصحة العامة، وكما يلعب توقيت التلقيح دورا مهما في فعايلته ويفضل تلقيه في بداية موسم الإنفلونزا لضمان حماية فعالة.
الآثار الجانبية للقاح
وعن الآثار الجانبية المحتملة للقاح الأنفلونزا قالت الدكتورة أنه غالباً ما يتحمل الجسم لقاح الإنفلونزا بشكل جيد ويعتبر آمنًا وفعّالًا. ومع ذلك، قد يشعر بعض الأشخاص ببعض الآثار الجانبية الخفيفة في موقع الحقنة أو في الجسم بشكل عام. هذه الآثار الجانبية هي بمثابة إشارة إلى أن الجهاز المناعي يستجيب للقاح ويقوم بعمله. وتتمثل في احمرار، تورم، ألم طفيف في موقع الحقنة بالإضافة إلى حمى خفيفة، صداع، آلام عضلية، تعب عام، غثيان وتظهرهذه الأعراض نتيجة استجابة الجهاز المناعي للقاح، حيث يعمل على إنتاج الأجسام المضادة لحماية الجسم من الفيروس، وعادة ما تختفي هذه الأعراض الخفيفة خلال يوم أو يومين.
وبخصوص الفئات المعنية بالتلقيج، قالت المختصة بأنه ينصح عموما بأن يحصل جميع الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، مثل الربو والسكري وأمراض القلب بما في ذلك الأطفال،والنساء الحوامل والعاملون في مجال الرعاية الصحية، على لقاح الإنفلونزا سنويًا. لأن هذه الفئات تكون أكثر عرضة لمضاعفات الإنفلونزا والتي قد تكون خطيرة في بعض الحالات. وهذا راجع إلى ضعف الجهاز المناعي لذوي الأمراض المزمنة مما يجعله أقل قدرة على مقاومة الفيروس، وكما قد تتسبب الإنفلونزا في تفاقم الأمراض المزمنة أو تؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل الالتهاب الرئوي. ويقلل اللقاح من خطر نقل العدوى إلى المرضى لدى ممارسي الصحة، خاصةً كبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعي.
حالات ممنوعة
وذّكرت الطبيبة، قبل تلقي لقاح الإنفلونزا من الضروري استشارة الطبيب، لأن العديد من الحالات تستدعي الحذر قبل التطعيم، مثل الأشخاص الذين لديهم حساسية شديدة من البيض أو من أي مكون آخر من مكونات اللقاح، لتفادي خطر حدوث رد فعل تحسسي شديد، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، مثل المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) أو الذين يتناولون أدوية تثبط الجهاز المناعي، وكما يجب على الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل الربو الشديد، وأمراض القلب و الكلى أن يبلغوا طبيبهم بتاريخهم المرضي الكامل قبل التطعيم، بالإضافة إلى الأشخاص الذين لديهم أعراض الإنفلونزا مثل الحمى والسعال يجب عليهم تأجيل التطعيم حتى الشفاء التام.
دراسة ميدانية أنجزتها وزارة الصحة العالمية أواخر سنة 2022 أكدت أن فيروس الأنفلونزا السائد في الجزائر هو الفيروس A(H3N2)
الفيروس المنتشر في الجزائر
في دراسة ميدانية أنجزتها وزارة الصحة العالمية أواخر سنة 2022 أكدت أن فيروس الأنفلونزا السائد في الجزائر هو الفيروس A(H3N2)، ولهذا، اللقاح الموجه للجزائر والذي يعتمد على توصيات منظمة الصحة العالمية (WHO) بشأن تكوين لقاحات الأنفلونزا، حيث يتم تحديث هذه التوصيات مرتين سنويًا، في شباط/فبراير وأيلول/سبتمبر، لتحديد الفيروسات التي يجب تضمينها في لقاحات الأنفلونزا للموسم القادم، إذ يجب أن يتضمن اللقاح االفيروسA(H3N2) والذي كان سائدًا أيضًا في العديد من الدول المجاورة. ويمكن أن تشمل التوصيات أيضًا الفيروسات الأخرى مثل A(H1N1)pdm09 وB، حسب ما يتم رصده من نشاط الفيروسات في المنطقة.