07-يناير-2025
(الصورة: الترا جزائر)

(الصورة: الترا جزائر)

فريق التحرير - الترا جزائر 

بعد إلحاح من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على إطلاق سراح الكاتب الفرانكو جزائري بوعلام صنصال، خلال كلمة ألقاها بمناسبة الاجتماع السنوي للسفراء الفرنسيين في باريس، ثارت حلقة جديدة من الجدل في الجزائر.

تصريحات ماكرون الأخيرة، تأتي في ذروة التوترات الدبلوماسية التي تشهدها العلاقات الجزائرية الفرنسية

لم يكن هذا بسبب دعوات الرئيس الفرنسي إلى إخلاء الكاتب صنصال، ولكن بسبب التعابير التي استخدمها ساكن قصر الإليزيه، فقد قال "إن منع رجل مريض من الحصول على العلاج يسيء إلى سمعة الجزائر".

وأضاف الرئيس الفرنسي: "ونحن الذين نحب الشعب الجزائري وتاريخه؛ أحث حكومته على إطلاق سراح بوعلام صنصال".

تصريحات ماكرون الأخيرة، تأتي في ذروة التوترات الدبلوماسية التي تشهدها العلاقات الجزائرية الفرنسية، منذ عدة أشهر، فقبل أيام قليلة فقط اتهمت الجزائر المخابرات الفرنسية بتنفيذ "مخططات عدائية" واستدعت السفير الفرنسي لديها ستيفان روماتيه.

ما يمكن قراءته من التعاليق الكثيرة التي أعقبت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، هو تعاطي الجزائريين مع القضية، بخلفية الوقوف في وجه المستعمر القديم، ورفض نبرة التعالي التي تنظر بها فرنسا إلى الجزائر كمستعمرة أفريقية، فنجد تعاليقًا من قبيل "الجزائر" و"العار" لا يمكن وضعهما في الجملة نفسها مثلما غرد به ممثل منظمة مراسلون بلا حدود في أفريقيا خالد درارني.

وفي سياق تناول الموضوع، من باب أن الرئيس الفرنسي أراد تقديم دروس للجزائر في سياق الحرب التاريخية بين البلدين، يقول مصطفى كحيلش "من سيصدق أن فرنسا حريصة على صحة وحرية صنصال؟و هي التي تحتجز بمتحف الإنسان 18,000 جمجمة بشرية أبادتها فرنسا في الحقبة الاستعمارية وقطعت رؤوسهم بوحشية ولا زالت ترفض إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية لتحرمهم من دفن كريم ..، وهي التي تشارك بـ 4000 جندي من ذوي الجنسية الفرنسية في أكبر جريمة إبادة ضد البشرية في قطاع غزة يشهدها تاريخ البشرية؟" .

وأضاف صاحب المنشور: "حتى لو خرج صنصال و عالج في فال دوقراص بدلًا من عين النعجة، فإنه لن يخفف عن ماكرون الاستياء الشعبي ضدّه بسبب التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، ولن يطفئ غضب العمال بسبب رفع سن التقاعد،ولن يخفف من التوترات بين الشرطة الفرنسية والغالبية المهاجرة، ولا أن ينسيهم التعامل العنصري ضدهم مع ملف الهجرة".

يواصل كحيلش منتقدًا خطاب ماكرون "لن يمحو صورة الحكومة العاجزة أمام العمليات الإرهابية التي تسببت فيها أصلًا، ولن يعوض فرنسها نفوذها و قواعدها العسكرية التي فقدتها في أفريقيا و تصاغرها أمام نفوذ الصين وروسيا، ولن ينقذ حكومة ماكرون ولا شعبيته من الغرق، ولن يعوض مافقده في البرلمان أو يصوت لقوانينه للإصلاحي، ولن يمحو من ذاكرة الفرنسيين انتهاكات حقوق الإنسان في تعاملها مع أصحاب السترات الصفراء و مع احتجاجات المهاجرين".

أما صاحبة حساب "أميمة أمونة"، فكتبت تعليقًا على موقع فيسبوك تقول فيه:  "ما قاله ‎ماكرون اليوم في العرف الديبلوماسي؛ هو تدخل في الشأن الداخلي لدولة، ووفقًا لسياق الأحداث وما تقوم به من اعتقالات وحماية (‎النيوحركى) هو فشل فرنسي في فرض نفوذها على ‎الجزائر و كذلك محاولة تصدير أزماتها الاقتصادية و السياسية الداخلية و الخارجية ".

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بخصوص الكاتب الفرنسي الجزائري "بوعلام صنصال" : الجزائر التي نحبها كثيرا والتي نشاركها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تدخل في تاريخ يسيء إليها من خلال منع رجل مريض بشكل خطير من تلقي العلاج. هذا ليس بمستوى ما هي عليه.

ويضيف جابر خربوش، إلى ما كُتب سابقًا، في تدوينة فيسبوكية، أن الرئيس الفرنسي ماكرون، اليوم الإثنين، انخرط في الحملة التي باشرها اليمين المتطرف التي تتهجم على الجزائر، على خلفية قضية بوعلام صنصال، بأسلوب بعيد عن الأعراف واللغة الدبلوماسية التي تقتضيها العلاقات بين الدول".

وأضاف: "زعم ماكرون، بمناسبة المؤتمر السنوي مع سفراء الجمهورية الفرنسية، بقصر الإليزيه في باريس، أن سجن الكاتب الفرنكو - جزائري، بوعلام صنصال، لا يشرف الجزائر، داعيا إلى إطلاق سراحه بـ"شكل عاجل"، متجاهلًا أن مطلبه يمكن تصنيفه ضمن التدخل في شؤون الجزائر، باسم ما يعتبره حرية التعبير".

من جهته، علق الدبلوماسي عبد العزيز رحابي ردا على تصريح ماكرون قائلًا وزير الخارجية الفرنسي يشكك في صلاحية قراراتنا ، ورئيسه يقلل من شرف الجزائر إلى هذا الحدّ . إن تحويل بلدنا إلى قضية سياسية داخلية بالنسبة لفرنسا يبعد أي أفق لتطبيع العلاقات التي يتمناها أصحاب النوايا الحسنة من الطرفين".

رغم أنها ليست آخر خرجات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد سبق وأطلق تصريحات اعتبرت "مستفزة" منذ الحراك الشعبي الجزائري، حين أعلنت فرنسا دعمها لخارطة طريق أعلنها بوتفليقة لتمديد فترة حكمه مرورًا إلى التشكيك في جمهورية جزائرية أصلًا قبل الاستعمار الفرنسي، ليعود هذه المرة بتصريحاته حول صنصال.

دخلت فرنسا أزمة سياسية خانقة بعد استقالة رئيس الوزراء ميشال بارنييه وحكومته

ويدخل ماكرون أزمة سياسية خانقة بعد استقالة رئيس الوزراء ميشال بارنييه وحكومته، بعد حجب الثقة عنها من البرلمان الفرنسي، لذلك يذهب كثيرون إلى أن إيمانويل ماكرون، يواجه فيها تصدعًا داخليًا إلى تصدير أزماته الداخلية بإطلاق تصريحات جدلية على صعيد السياسي الخارجي، وهو ما ظهر أيضًا في خطابه الأخير خلال الاجتماع السنوي للسفراء الفرنسيين، حيث حاول لفت الانتباه إلى الدول الساحل وقال "كنا ننتظر من هذه الدول أن تشكرنا لأن الجيش الفرنسي حافظ على سيادتها في أفريقيا".