09-مارس-2022

(تصوير: بلال بن سالم/Getty)

بعدما أعلن فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، عن عملية عسكرية خاصة في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، التقطت وسائل إعلام عالمية صور لحشود عسكرية روسية من دبابات وطائرات في أماكن مختلفة من أوكرانيا، وبينما تتجه الأنظار إلى المنطقة الأوروبية بحكم القرب الجغرافي، فإن ارتدادات الصراع تُلقي بظلالها على المنطقة العربية والمغاربية والجزائر بشكلٍ عام، فما هي المخاطر التي تحملها الأزمة الروسية-الأوكرانية على الجزائر وكيف يتم التعامل معها؟

 يتوقع المحلل السياسي خالد توازي أن الأزمة الروسية-الأوكرانية قد تنتهي إلى مرحلة جديدة ترسم معالم نظام عالمي جديد تسيطر عليه روسيا والصين وحلفاؤها

الأمن الغذائي

في السياق، تحتل روسيا وأوكرانيا مركزًا هامًا في تمويل في سوق القمح العالمية، وتُمثل صادرتهما من القمح 23 في المائة من السوق العالمية، إذ تعتبر روسيا الأولى عالميًا من حيث التصدير بـ 37.3 مليون طن، وأوكرانيا في المركز الرابع بـ 18.1 مليون طن، وتتجه أغلب منتجات القمح الروسي والأوكراني إلى الشرق الأوسط ودول شمال أفريقيا.

اقرأ/ي أيضًا: قصة طالب جزائري في أوكرانيا.. كأنها لقطات سينمائية في فيلم تاريخي

وفي إطار تنويع مصادر التمويل بالقمح، اتجهت الجزائر في الفترة الاخيرة إلى استحداث تعديلات في دفتر الشروط لفتح المنافسة أمام عدة موردين أجانب، وهو الأمر الذي مَكن الديوان الوطني للحبوب من استورد أول شحنة من 60 ألف طن من القمح الروسي، وفتح المجال أمام أربع شركات روسية إلى قائمة المؤسسات الموردة.

جدير بالذكر، أن الجزائر تحتل المركز الخامس دوليًا من حيث استيراد القمح، بنحو 7 ملايين طن سنويًا، أي بتكلفة مالية تقدر بـ 1.5 مليار دولار سنويًا، وهي الفاتورة المرشحة إلى الارتفاع في ظلّ ارتفاع أسعار القمح في السوق الدولية.

وقد سجلت أسعار القمح في الأسواق الأوروبية 344 للطن الواحد لدى مجموعة يور ونكست التي تدير عددًا من البورصات الأوروبية، وفي حين تسهم أوكرانيا وروسيا بنحو 29 في المئة من صادرات القمح العالمية و19 في المئة من إمدادات الذرة في العالم و80 في المئة من صادرات زيت دوار الشمس، يخشى التجار أن تؤثر الحرب الحالية على حركة الحبوب وتدفع المستوردين للبحث عن بدائل أخرى.

ارتفاع فاتورة الاستيراد

من جانبه، يرى خبراء أن عقود القمح تُغلق في أعلى مستوى لها منذ 10 سنوات تقريبًا، وتعود أسباب ارتفاع أسعار القمح إلى المخاوف حيال نقص المعروض من القمح، مع الأخذ في الاعتبار استمرار الصراع الروسي-الاوكراني، باعتبارهما من كبار مصدري القمح في السوق العالمية، وبالتالي فإن التصعيد العسكري في أوكرانيا يشكّل تهديدًا لإمدادات القمح للعديد من الدول المستهلكة.  

في هذا الصدد، يبرز عصام مقراني، مدير مكتب استشارات في مجال الاستثمار، أهم تداعيات الأزمة الروسية- الاوكرانية على الجزائر، حيث ذرك زيادة على ارتفاع سعر القمح عالميًا، فإننا نشهد ارتفاع كلفة تأمين وبوليصة شحن القمح الفرنسي والروسي، نظرًا لارتفاع مستوى المخاطر خاصة البواخر الروسية.  

ويتوقع محدث "التر جزائر" تأخر في تسليم شحنات بذور الذرة والعتاد الفلاحي المستورد من أوكرانيا، بسبب سيطرة القوات الروسية على الموانئ الأوكرانية.

وزاد أن تراجع المعروض من القمح الروسي والأوكراني يَفرض على الجزائر العودة إلى الاعتماد على القمح الفرنسي، بعدما سطرت الجزائر سياسية تنويع مصادر التمويل.

التوازنات الجيوسياسية

وفي سياق متصل، يرى خالد توازي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد بوضياف بمدينة المسيلة، أن الحروب تتولد عنها أزمات، على رأسها أزمة اللاجئين والنزوح نحو المناطق الأكثر أمانًا.

وأضاف أن انعكاسات الصراعات تنعكس على ارتفاع المواد الغذائية والمواد الأكثر استهلاكا كالطاقة والقمح والذرة، مشيرًا أن تداعيات ارتفاع الأسعار يجعل من الأزمة الاجتماعية الداخلية تتفاقم، ونعيش حالة من التضخم التراكمي، ما يتولد عنه أزمات سياسية داخلية.

اما بخصوص التداعيات الجيو-إقليمية والجيو-سياسية، يتوقع المحلل السياسي أن الأزمة الروسية-الأوكرانية قد تنتهي إلى مرحلة جديدة ترسم معالم نظام عالمي جديد تسيطر عليه روسيا والصين وحلفاؤها، وذكر أنه في ظل الصراعات القائمة، على الجزائر اتخاذ الموقف تجاه الأحداث ورسم سيناريوهات تحافظ فيها على حلفائها، أو الذهاب نحو تفعيل محور عدم الانحياز وسط التموقعات الإقليمية والتكتلات الاقتصادية.

الغاز الجزائري..

وفي ظل أزمة الغاز التي تشهدها أوروبا، تتجه الأنظار إلى الجزائر، حيث تبرز الجزائر واحدة من أكبر ممولي القارة العجوز بالغاز الطبيعي.

وبحسب منتدى الدول المصدرة للغاز فإن الجزائر تحتل المركز 11 عالميا من حيث احتياطات الغاز الطبيعي والمقدرة بـ 159 تريليون قدم مكعب، ويبلغ حجم الإنتاج السنوي 65 مليار متر مكعب تربطها بأوروبا ثلاثة أنابيب تمر عبر البحر الأبيض المتوسط، وتضمن حوالي 30 في المائة من حاجيات الدول الأوروبية على رأسها إيطاليا 60 في المائة ثم اسبانيا 20 في المائة يليها فرنسا بـ 12 في المائة وكل من البرتغال وبريطانيا وتركيا.

احتياطات ضخمة

 في سياق الموضوع، يَعترف خبراء في مجال الطاقة، تواصلت معهم "التر جزائر" أن الجزائر لا يُمكن لها تعويض قدرات روسيا في مجال توريد الغاز إلى أوروبا، لا من ناحية الاحتياط ولا قدرات الإنتاجية، حتى ولو تم استغلال الغاز الصخري. والجزائر بحاجة إلى تطوير القدرات الإنتاجية والاستثمارية، وهذا يتطلب سنوات وأموال واستثمارات ضخمة.

 ويبقى مشروع القرن هو أنبوب الغاز العابر للصحراء، والقادم من أراضي نيجيريا مرورًا بالنيجر وصولًا إلى الجزائر، ونقله إلى أوروبا عبر أنابيب تمتلكها الجزائر، وتقدر تكلفة المشروع في حدود 10 مليارات دولار

بحسب خبراء فإن الجزائر لها قدرات تقنية لزيادة الإنتاج في كل من حوص عين أمناس، وحوض برج عمر إدريس، وكذا في جنوب البيض وقبالة ساحل الشرقي بعنابة.

وبحسب خبراء فإن الجزائر لها قدرات تقنية لزيادة الإنتاج في كل من حوص عين أمناس، وحوض برج عمر إدريس، وكذا في جنوب البيض وقبالة الساحل الشرقي بعنابة، حيث تملك شركة سوناطراك مصادر أخرى في ليبيا غير مستغلة بشكل فعال، إضافة إلى حقول في كل من موريتانيا وشمال النيجر بحاجة إلى الاستغلال والتصدير.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر تستنفر رعاياها في أوكرانيا

جزائريون في أوكرانيا.. شهادات اللاجئين إلى بولندا هربًا من الصواريخ الروسية