ما بعد ترحيل عائلات حي "بلانتير" بوهران.. 3 أسئلة لمُواجهة أزمة السكن الفوضوي
28 أبريل 2025
حادِثة انزلاق التربة وتضرّر سكان حي الصنوبر (المعروف سابقًا باسم "بلانتير") في ولاية وهران، التي أسفرت عن 4 قتلى و13 جريحاً، تبرز أزمة العشوائيات في الجزائر، رغم محاولات الترحيل المستمرة. يطرح هذا الوضع ثلاثة أسئلة مهمة: هل الترحيل هو الحل؟ وهل يعالج المشكلة أم يخفف من تداعياتها؟ وكيف يمكن معالجة الأسباب الجذرية للأزمة العمرانية والاجتماعية؟
آسيا بلواد: بعد هذه الحادثة تبرُز أهمية التفكير في حلُول شاملة لا تقتصِر على الترحيل فحسب، بل تشمُل أيضًا تحسين البنية التّحتية، وتنفيذ استراتيجيات وقائية لمنع وُقوع حوادث مُماثلة في المستقبل
لم تكن العشوائيات، أو البيوت القصديرية، أو الأحياء الفوضوية، أو كما يُطلق عليها البعض "الفوضوي"، مشكلة وليدة اليوم. بل هي صورة لأزمة عميقة لم تجد حلولًا حقيقية رغم "الإرادة السياسية" المُعلنة التي كانت تهدف إلى بناء آلاف الوحدات السكنية عبر مختلف الصيغ لترحيل العائلات إلى سكنات لائقة.
قد تختلِف السياقات الاجتماعية لما عاشته الجزائر في نهاية عام 1989، مع تعديل الدستور أو الإفراج عن دستور يُقرّ التعددية الحزبية. ولكن هذا التحول السياسي ألقى بظلاله على الشارع والمجتمع، لتعود الجزائر إلى "نقطة بداية خانقة" تحت مسمى "العشرية الحمراء" أو "السوداء"، أو "عُشرية الدم والدموع".
وكما يقال، كل ما هو سياسي هو اجتماعي، وعندما تبرُز الظواهر الاجتماعية وتنمو كالفطريات وتتقدّم، تتوقّف السياسة أمام الباب للاستئذان، وتصبح في ردّ الفعل وتدبير حلول مؤقتة.
السكن الفوضوي..تحديات اجتماعية
ما حدث يوم 27 نيسان/ أبريل 2025، وعملية ترحيل 182 عائلة متضرّرة من حادث انزلاق التربة، ليست سوى "الشجرة التي تُخفي الغابة" وتدبير مؤقت لحل أزمة عميقة.
المشكلة الأكبر - حسب المتابعين لهذا الملف- تكمُن في أنّ "الأحياء العشوائية هي أزمة فعلية وصداع دائم في رأس كل مسؤول بلدية"، لأنّ "العشوائيات هي ترحيل أزمة من مكان إلى آخر، من شِبر إلى شِبر، ومن مِتر إلى مِتر، ومن هِكتار إلى آخر ".
لقد عادت قضية العشوائيات وترحيل سكان البيوت الهشّة للواجهة مرة أخرى، رغم عمليات الترحيل التي طالت العديد من الأحياء عبر المدن الكبرى. وفقًا للأرقام الصادرة عن المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تم القضاء على نحو 45 ألف وحدة سكنية هشة بين عامي 2020 و2024، مع ترحيل سكانها إلى وحدات سكنية جديدة.
أما في الجزائر العاصمة، فقد تم إحصاء 488 وحدة سكنية هشة موزعة على 22 بلدية، ويعيش فيها حوالي 15,544 عائلة.
كما أشار المصدر ذاته إلى وجود سكنات هشة في محيط "الأحواش"، مشيّدة على أراضٍ صالحة للزراعة.
لكن تسوية الوضعية القانونية لهذه السكنات تتطلب إجراءات معقدة، أبرزها إلغاء تصنيف الأراضي الفلاحية التي شُيدت عليها.
وفي أكثر من مرة، قامت الجهات المعنية بهدم العديد من هذه السكنات، رغم أن هذه العائلات كانت قد أُعطيت سكنًا بديلاً. وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول هذا المشهد الذي يعكس الجزائر العميقة.
ترحيل السكان أم ترحيل الأزمة؟
يقول أستاذ علم الاجتماع كريم مداني (جامعة الجزائر 2) في تصريح لـ"الترا جزائر"، إنّ مشكلة الأحياء الفوضوية في الجزائر هي "مشكلة تراكمية ناتجة عن تجاهل نمو وتوسع العشرات من البيوت على أطراف المدن في فترات عصيبة".
أستاذ علم الاجتماع كريم مداني: الأزمة الأمنية أسفرت عن أزمات أخرى بتنامي بناءات فوضوية تفتقر إلى أبسط الخدمات الضرورية
يُضيف الأستاذ مداني أنّ هذه المدن توسعت بشكل أفقي، مما أدى إلى الاستيلاء على عشرات الهكتارات من الأراضي الزراعية، وذلك في فترة الإهمال التي طالت عدة مناطق منذ نهاية التسعينات وحتى عام 2010.
ويؤكد مداني أنّ ترحيل السكان جرى بشكل غير منظم في ذلك الوقت، نتيجة التغاضي عن تنامي الأحياء العشوائية بسبب الأزمة الأمنية التي كانت البلاد تمر بها.
هذه الأزمة الأمنية أسفرت عن أزمة أخرى تتمثل في "بناءات فوضوية تفتقر إلى أبسط الخدمات الضرورية مثل الماء والكهرباء والغاز، مما دفع السكان إلى اللجوء إلى طرق غير قانونية لتوفير هذه الخدمات".
وأضاف أنّ هذه العملية أدّت إلى "التِهام الأراضي الفِلاحية، حيث غزا الأسمنت والطوب الأحمر الأراضي الزراعية"، وهو ما تسبب في تداعيات بيئية واقتصادية. كما أشار إلى تفشي بعض الأمراض، مثل الربو والحساسية، نتيجة الظروف السيئة التي تعيش فيها هذه الأحياء.
وأردف مداني بأنّ "انتشار تعاطي المخدرات والجريمة أصبح سمة بارزة في هذه المناطق"، حيث تسود بيئة غير آمنة تشجع على هذه الظواهر السلبية.
هل هو حل دائم أم مجرد تدبير مؤقت؟
ترحيل السكان بعد الكارثة ليس حلاً دائمًا، بل يجب معالجة الأسباب الجذرية لتحسين الحياة، فبعد حادثة انزلاق التربة التي أدت إلى وفاة أربعة أشخاص وإصابة آخرين، تم ترحيل السكان إلى مناطق جديدة.
عملية ترحيل 182 عائلة متضررة من انزلاق التربة في حي " بلانتير" بوهران تدبير مؤقّت لحلّ أزمة عميقة
بنظر المتابعين للقضية فإنّ "هذا الحل يمكنه أن يحلّ مشكلة المعنيين فقط بالترحيل، لكنه في الآن نفسه لا يعالج الأسباب الحقيقية للكارثة بل يظل مجرد تدبير مؤقت.
تقول المهندسة المعمارية آسيا بلواد في تصريح لـ" الترا جزائر":" وجب الاعتراف بوجود ضعف التخطيط العمراني والإهمال في بناء المناطق السكنية على أراضٍ غير صالحة".
وواصلت قائلة:" في ظلّ هذه الأحداث، تبرُز أهمية التفكير في حلُول شاملة لا تقتصِر على الترحيل فحسب، بل تشمُل أيضًا تحسين البنية التّحتية، وتنفيذ استراتيجيات وقائية لمنع وُقوع حوادث مُماثلة في المستقبل".
وأضافت: "حادثة وهران هي ناقوس خطر لأزمة وجب معالجتها تبدأ بفهم أسبابها الحقيقية والعمل على حُلول مستدامة."
ما هي حُلول تمدُّد البِناء الفوضوي؟
من خلال المُعاينة الميدانية؛ يُعتبر الإهمال العمراني أحد الأسباب الرئيسية لتدهور البنية التحتية في العديد من المناطق السكنية. فالكثير من المباني القديمة في المدن الجزائرية، على سبيل المثال، تعاني من تدهور واضح بسبب غياب الصيانة الدورية والتحديثات اللازمة.
يشير الباحث في علم اجتماع العمران نسيم هوام (جامعة قسنطينة) في تصريح لـ" الترا جزائر" إلى أنّ "التوسّع العمراني الفوضوي يعكِس اختلالات التّخطيط الحضري في التعامل مع الزيادة السكانية المُتسارعة في المُدن ".
وعزا هذا الأمر إلى عدة أسباب هي:
- هذا النوع من التوسع يؤدي إلى "تدمير الأراضي الصالحة للزراعة"، كما يؤثر سلبًا على البيئة المحيطة.
- التوسع في هذه المناطق يتسبب في إغراق المدن بأحياء تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية مثل المياه، والكهرباء، والطرق الصالحة.
- زيادة السكان بالتوازي مع تمدّد البناء الفوضوي يؤدي إلى تعقيد مشكلة الإسكان.
- وضع استراتيجية شاملة تهدف إلى تنظيم النموّ العمراني أكثر من ضرورة لمواجهة تفاقم الوضع.
الكلمات المفتاحية

هل خسرت رونو 120 مليون أورو في الجزائر؟ وزير الصناعة الأسبق يكشف معطيات جديدة
اتهم وزير الصناعة الجزائري الأسبق، فرحات آيت علي، شركة "رونو الجزائر" بعدم احترام التزاماتها التعاقدية، خاصة فيما يتعلق بنسبة الإدماج الصناعي، ما أدى إلى توقف نشاط مصنعها في وادي تليلات بوهران سنة 2020، بعد ست سنوات من التشغيل.

قضية منع الصحفي رؤوف حرز الله من السفر تتفاعل.. منظمات حقوقية تندد ووزير الاتصال يلجأ للقضاء
أكدت منظمة شعاع الحقوقية أن قرار منع الصحفي الجزائري عبد الرؤوف حرز الله من السفر، دون إشعار رسمي أو إجراءات قضائية معلنة، يعدّ انتهاكاً صارخاً للضمانات القانونية والدستورية التي تكفل حرية التنقل وحقوق المواطنين الأساسية.

دومينيك دوفيلبان يهاجم "الخطاب الحربي" لبرونو روتايو ضد الجزائر.. ويشيد بجورجيا ميلوني
انتقد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، دومينيك دو فيلبان، بشدة الخطاب العدائي تجاه الجزائر الذي تبناه بعض السياسيين الفرنسيين، وعلى رأسهم وزير الداخلية برونو ريتايو، محذرًا من العواقب الخطيرة لهذا النهج الذي وصفه بـ"الخطاب الحربي" وغير الواقعي.

تغييرات مصيرية في مسار كيليا نمور تحضيراً لأولمبياد 2028.. وخط الرياضة يسير مع الفن والتأثير
أعلنت البطلة الأولمبية الجزائرية كيليا نمور عن مرحلة جديدة في مسيرتها الرياضية، تتمثل في تغيير ناديها ومدربها استعدادًا لدورة الألعاب الأولمبية المقررة في لوس أنجلوس عام 2028، حيث ستخوض هذا التحدي الكبير تحت الراية الجزائرية.

قضية منع الصحفي رؤوف حرز الله من السفر تتفاعل.. منظمات حقوقية تندد ووزير الاتصال يلجأ للقضاء
أكدت منظمة شعاع الحقوقية أن قرار منع الصحفي الجزائري عبد الرؤوف حرز الله من السفر، دون إشعار رسمي أو إجراءات قضائية معلنة، يعدّ انتهاكاً صارخاً للضمانات القانونية والدستورية التي تكفل حرية التنقل وحقوق المواطنين الأساسية.

دومينيك دوفيلبان يهاجم "الخطاب الحربي" لبرونو روتايو ضد الجزائر.. ويشيد بجورجيا ميلوني
انتقد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، دومينيك دو فيلبان، بشدة الخطاب العدائي تجاه الجزائر الذي تبناه بعض السياسيين الفرنسيين، وعلى رأسهم وزير الداخلية برونو ريتايو، محذرًا من العواقب الخطيرة لهذا النهج الذي وصفه بـ"الخطاب الحربي" وغير الواقعي.

إصلاح نمط تكوين الدكتوراه.. هل هي خُطوة لتصحيح المسار الأكاديمي؟
تنجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إحداث تغيير جوهري في نمط التكوين في طور الدكتوراه، من خلال اعتماد نموذج "مضاف الدكتوراه"، الذي يهدف إلى ربط التكوين بالاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية.