04-ديسمبر-2019

أحمد أويحيى، عبد المالك سلال (تركيب/ الترا جزائر)

عرفت محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، أجواءً مشحونة أثناء محاكمة المتورّطين في قضية مصانع تركيب السيارات بالجزائر، اضطرت القاضي إلى رفع الجلسة بسبب تمسّك هيئة الدفاع بتأجيل المحاكمة وتعالي أصوات تشكّك في عدالة القضاء، وكان أوّل من قُدم للمحاكمة الوزيرين الأوّلين السابقين الأوّلين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، حيث دافع المتهمان عن نفسيهما، وحاول كلّ واحد من جهته التنصّل من تهم منح امتيازات غير مستحقة للمتعاملين.

لم تكن إجابة أحمد أويحيى واضحة، حول سؤال وجّهه القاضي يتعلّق بوجود 30 مليار سنيتم في أرصدته المالية

كان الوزير الأوّل السابق أحمد أويحيى، أوّل المتّهمين الذين عُرضوا على المحكمة اليوم بتهم المحاباة وإعطاء الامتيازات للمتعاملين في مجال تركيب السيارات، وكان السؤال المطروح من القاضي على أويحيى، حول أسباب تحويل الوكالة الوطنية للاستثمارات إلى الأمانة العامة للحكومة، وقد أوضح أويحيى أن الوكالة قد حوّلت بعد إلغاء وزارة الاستثمارات والاستشراف، وأنكر أن يكون الهدف هو إعطاء امتيازات؛ بل كان الغرض منها هو توحيد العمل الحكومي، على حدّ قوله.

اقرأ/ي أيضًا: القضاء يستبق إصلاحات الرئيس الجديد ويشرع في محاكمة الوزراء المسجونين

 قال أويحيى مدافعًا عن نفسه، إن الوكالة الوطنية للاستثمارات تتكوّن من 11 وزيرًا، إضافة إلى وكيل رئيس الجمهورية، مضيفًا أنّها لا تعتبر قطاعًا قائمًا في حدّ ذاته، بل هي تابعة للأمانة العامة لرئاسة الحكومة، وإدماجها كان بدافع التنسيق بين جميع القطاعات. 

وعن الأسباب التي جعلته يمدّد فترة منح الاعتمادات لشركات تركيب السيارات، أجاب الوزير الأول السابق، أنها كانت أسبابًا خاصّة وتتمثل في تراكم الملفات على مستوى وزارة الصناعة، وبقاء حاويات معدّات تركيب السيارات في الموانئ، وبالتالي كان من الضروري منح التمديد بهدف ترقية الاستثمار وخلق مناصب شغل، وتطوير الصناعة لخلق مداخيل خارج قطاع المحروقات. 

وردًا على سؤال وجّهه وكيل الجمهورية لأحمد أويحيى حول الامتيازات المالية، كالإعفاء الجمركي، شرح المتّهم، أن رئاسة الحكومة غير معنية بإعطاء الامتيازات الضريبية والجمركية، وإنما هو دور الوكالة الوطنية للاستثمارات، كما أنّ رخص اعتماد المؤسسات المختصة في تركيب السيارات تمرّ عبر وزارة الصناعة والوكالة الوطنية لدعم الاستثمارات. 

لم تكن إجابة أحمد أويحيى واضحة، حول سؤال وجّهه القاضي يتعلّق بوجود 30 مليار سنيتم في أرصدته المالية، واكتفى بالقول بأنه لا يمتلك عقارات باسمه لا في الداخل ولا في الخارج. أما عن الشركات التي يمتلكها نجله، فقال المتّهم إنه قد تحصل عليها في إطار "الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب"، وأن هذه الشركة لم تحصل إلا على صفقة أو اثنتين فقط من الصفقات العمومية. 

 في السياق ذاته، قال أويحيى إن كل التعاملات التي قامت بها شركة نجله كانت في مجال الإنترنت مع الخواص. وليس مع القطاع العمومي، أما السجل التجاري لزوجته، يضيف المتحدّث، فقد تم شطبه في فترة لم تتعدّ الشهر، مشيرًا إلى أنّه أطلع رئيس الجمهورية على نشاط نجله بشكلٍ شفاهي وليس كتابيًا.

من جهته، لم يكن الوزير الأوّل السابق عبد المالك سلال في وضع صحيّ جيد، فقد بدت عليه ملامح الإعياء أثناء المحاكمة، وتحدّث بصوت خافت يصعب سماعه، وبعدما وجّه له وكيل الجمهورية والقاضي سؤالًا يتعلّق بالامتيازات الممنوحة لبعض وكلاء تركيب السيارات. أوضح سلال أن المسؤولية تتحمّلها وزارة الصناعة، موجّهًا اتهاماته مباشرة إلى الوزير الفار عبد السلام بوشوارب، وصرح سلال أنه لم تكن لديه أي سلطة على هذا الوزير، وأن كل ما كان يُمكن فعله هو تقديم شكوى إلى رئيس الجمهورية. 

وجّه القاضي بعض الملاحظات إلى عبد المالك سلال، مشيرًا إلى مراسلته مع الوزير بوشوارب بشأن تمديد فترة الاعتمادات لبعض المتعاملين في مجال تركيب السيارات، وأجاب سلال بأن الهدف من المراسلة كان عكس ذلك، حيث أنه أمره بتوقيف منح هذه التراخيص، وأشار سلال إلى أنه بعد تراجع المداخيل بالعملة الصعبة، كان من الضروري إعطاء هذه التراخيص. هنا، يتساءل وكيل الجمهورية عن المحاباة في منح هذه التراخيص، وتفضيل بعض المتعاملين على حساب آخرين، ولكن سلال يمتنع عن الإجابة.

فيما يخص الممتلكات التي لم يصرح بها عبد المالك سلال، أشار القاضي إلى وجود سيارة فخمة من نوع "رانج روفر"، وأوضح سلال أنه لا يحسن القيادة لهذا قام ببيعها، وهذا ما قام به أيضًا مع العقار الذي كان يمتلكه. 

عبد المالك سلال ورغم ظهوره خائر القوى، إلا أنه حافظ على روح الدعابة التي عرف بها، إذ حين رُفع آذان الظهر خلال المحاكمة، قال "عالحق" لينفجر كل من كان في قاعة المحاكمة ضحكًا.

لم يكن الوزير الأوّل السابق عبد المالك سلال في وضع صحيّ جيد، فقد بدت عليه ملامح الإعياء أثناء المحاكمة، وتحدّث بصوت خافت يصعب سماعه

في سؤال آخر عن الحسابين البنكيين الذين كان يمتلكهما خلال الحملة الرئاسية لبوتفليقة، قال سلال إنه لم يكن معنيًا بإدارة الحملة الانتخابية ماليًا، وإنما كانت هناك أطراف لم يذكرها، مكلّفة بالإدارة المالية رغم أن الحسابين هما باسمه الشخصي، وأجاب سلال على سؤال حول إن كان على علم بدفع  المدعو أحمد معزوز لصكّ بمبلغ 39 مليار سنتيم بالإيجاب، واستدرك المتهم، بأنه أغلق الحسابين بعدما غادر رئاسة الحملة الانتخابية، وفي إجابة على سؤال لوكيل الجمهورية، أنكر علمه بنقل تلك المبالغ الضخمة من طرف إلى طرف آخر، حيث اشتغل مع رئيس الجمهورية في حملته، ولكنه لم يكن على علم بكل ما يتعلّق بالجانب المالي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أول محاكمة علنية لرموز بوتفليقة.. تأجيل وفوضى وسوء تنظيم وتهم ثقيلة

هل سيشاهد الجزائريون محاكمة "العصابة" على التلفزيون؟