25-أبريل-2020

أصحاب مذكّرات التخرّج في رحلة البحث عن مراجع (تصوير: كاترين إغلو/Getty)

مع استمرار غلق المكتبات الجامعية والعمومية، يجد كثير من الطلبة الجامعين من المقبلين على التخرّج أنفسهم في حيرة من أمرهم، فهم ملزمون بإعداد مذكراتهم وتسليمها في وقتٍ محدّد، لكنهم يفتقرون إلى المراجع والمصادر المطلوبة، فكيف يتصرّف هؤلاء مع هذا الظرف؟

أدّت الإجراءات الاستباقية لمواجهة جائحة فيروس كورونا إلى غلق المكتبات الجامعية والعمومية

عندما عرضت عناوين البحوث المقترحة على طلبة السنة الثانية ماستر بجامعة الجزائر، لم يتحمّس الطالب أيوب بن تيبة لأيّ منها، فاقترح بدوره موضوعًا "جديدًا" في مجال "الصفقات العمومية" يتعلّق بـ "الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص". ورغم أن الموضوع لم يكن مدرجًا في قائمة البحوث، إلا أنه حصل على الموافقة، وبدأ في إنجاز الخطة الأولية، وكان ينوي إنجاز مذكّرة تكون مقدمّة لرسالة دكتوراه سينجزها في المستقبل.

اقرأ/ي أيضًا: النقاط السوداء في الجامعة الجزائرية

لم يكن أيوب يتصوّر أن يجتاح وباء كورونا العالم، وتُغلق أبواب الجامعة ومعها أبواب المكتبات الجامعية و"شبه الجامعية"، بل وتتوقّف حركة النقل ويجد نفسه مضطرًا للتواصل مع المشرف عليه، عن طريق الهاتف مرّة وعن طريق البريد الالكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي مرّات أخرى.

يقول أيوب، إنه ومنذ بداية تطبيق الحجر الصحّي، لم يتقدّم إطلاقًا في مشروعه، ويتمنّى لو تتأجّل المناقشات إلى غاية الدخول الاجتماعي المقبل، لأنه ومع استمرار الوضع على ما هو عليه، فلا يعتقد أنه سيتمّم المذكرة.

ويضيف أيوب في اتصال مع "الترا جزائر"، أنه يحمد الله على أن حماسه دفعه إلى بدء المذكرة مبكّرًا، وأنه أنجز لحدّ الآن ما يقارب المبحث من الفصل الأوّل، ولولا ذلك لما تمكّن من البدء أصلَا، وهو الآن يحتاج إلى إعادة نظر شاملة في طريقة العمل حتى يتمكّن من المواصلة.

ويؤكّد المتحدّث، أنه لم يعد يلتقي مع مشرفه منذ بدايات شهر مارس/آذار الماضي، ويكتفي بالاتصال به عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وكان المشرف في البداية يطلب منه الانتظار، لكن مع مرور الوقت أمره بأن يعمل بما هو متاح من مراجع، حتى يكون في الموعد لو عادت الأمور إلى طبيعتها في الأيّام القادمة.

وأدّت الإجراءات الاستباقية التي أقرتها الحكومة الجزائرية في مواجهة جائحة "كوفيد - 19" إلى غلق المكتبات الجامعية والعمومية، وهو ما أدّى إلى حرمان آلاف الطلبة المقبلين على التخرج، من الحصول على المراجع والمصادر المطلوبة لإنجاز مذكراتهم، في وقت لم يصدر فيه أي قرار بشأن موعد المناقشات الذي سيكون مبدئيًا مع نهاية شهر آيار/مايذ القادم، إلى غاية أوائل تموز/ جويلية مثلما جرت العادة، ولا تقبل التأجيلات إلا في حالات استثنائية ومبررة قانونًا.

ومع هذا الوضع الذي يبدو أنه طال أكثر مما يجب، يقول أيوب بن تيبة، إنه فقد الأمل كليَا في إنجاز مذكرته وفق التصّور الأولي، ومن حسن حظه أنه كان على اطّلاع مسبق على الموضوع ويمتلك بعض المراجع المهمّة وخصوصا باللغة الفرنسية، والتي تتعلّق بموضوعه "الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إطار الصفقات العمومية"، اعتمادًا على التجربة الفرنسية في هذا المجال، حيث اعتمد المنهج المقارن مع محاولة إسقاطه على التجربة الجزائرية التي ما تزال في بداياتها.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمر بإغلاق المدارس والجامعات مع بدايات تفشي وباء كورونا، وهو ما اعتبر تسبيقَا لعطلة الربيع التي يبدو أنها أطالت أكثر مما يجب، وأدت إلى ارتباك كبير في صفوف المقبلين على إنجاز مذكّرات التخرّج.

ويبدو أن ارتباك الأساتذة المشرفين لا يقّلّ عن ارتباك الطلبة، مثلما يؤكّده الدكتور سعيد تريعة، أستاذ علم الآثار بجامعة الشلف، لكنّه يؤكّد أنه وزملاءه لم يقفوا مكتوفي الأيادي.

يقول تريعة في تصريحه لـ "الترا جزائر"، إنّه "بادر عدد من الأساتذة، بتوفير عدد من المراجع للطلبة عبر الفضاء الافتراضي. من جهة أخرى يتبادل عدد من الطلبة الكتب الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهي الطريقة التي اعتمد عليها بصفته أستاذًا على الطلبة في ظل الحجر الصحي".

ويؤكّد الدكتور تريعة أنه "يبدو أن مذكّرات هذه السنة ستكون تعتمد على المراجع المتوفرة الكترونيا أو الكتب المرقمة في ظل ظروف استثنائية تشهده العالم وأثرت على قطاع التعليم العالي والبحث العلمي".

يتمنى كثير من الطلبة المقبلين على التخرج في حالة ما إذا ناقشوا مذكراتهم في الموعد السنوي ألا تكون لجان المناقشة قاسية معهم

ومع الاكتفاء بـ"الحد الأدنى" من المصادر والمراجع، وما هو متوفّر على الشبكة العنكبوتية، يتمنّى كثير من الطلبة المقبلين على التخرج في حالة ما إذا ناقشوا مذكراتهم في الموعد السنوي ألا تكون لجان المناقشة قاسية معهم، ويبدو أن المذكرات التي تعتمد على الحد الأدنى من المراجع، تفتقر على "الحد الادنى" من القيمة العلمية، تتطلب بدورها "حدا أدنى" من الصرامة، لكن قد يكون للأساتذة المناقشين آراء أخرى. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجامعة الجزائرية تفقد المزيد من النقاط.. الأكاديميون في خانة الاتهام

التعليم العالي في الجزائر.. بين بيروقراطية الإدارة والغلق السياسي