منوعات

مراهقون في الجزائر يتهافتون على شراء دمية "لابوبو".. رغبة في التسلية أم تقليد أعمى؟

13 يونيو 2025
دمية لابوبو
دمية لابوبو (صورة: فيسبوك)
دليلة بلغربي
دليلة بلغربيكاتبة من الجزائر

رغم ما تواجهه الأسرة الجزائرية من تحديات تتعلق بالقدرة الشرائية، برزت في الآونة الأخيرة موجة استهلاكية غريبة تجسّدت في هوس غير مبرر باقتناء دمية تُعرف بـ"لابوبو"، بعد انتشارها العالمي على مواقع التواصل.

الأخصانية النفسانية سكات: الهوس بدمية "لابوبو" هو انعكاس  لحاجات نفسية عند المراهق، مثل الرغبة في الانتماء، والشعور بالقبول والتقدير

هذه الدمية، التي ظهرت منذ أكثر من عقد، عادت فجأة إلى الواجهة، ليس عبر الأسواق أو المحلات التقليدية، بل من خلال فيديوهات ترند على "تيك توك" ومواقع التواصل، حيث تهافت عليها المراهقون بشكل لافت، ودفع بعضهم مبالغ غير منطقية لاقتنائها، حتى وسط ظروف معيشية متأزمة.

ويفتح هذا الهوس الاستهلاكي بابًا واسعًا للتساؤل: هل يتعلق الأمر بموضة عابرة سرعان ما ستُنسى؟ أم أن وراء هذه الظاهرة مشكلات أعمق ترتبط بالفراغ النفسي، وحاجة المراهقين إلى الانتماء والتميّز في مجتمع يعيش تحولات متسارعة؟

والملاحظ، أنه في الفترة الأخيرة، أصبح الشباب الجزائري يحرص على اقتناء منتجات رائجة (ترند) رغم أنها لا تقدم فائدة حقيقية، وذلك في إرهاق لميزانيات عائلاتهم التي تحرص على عدم التصادم مع رغبات أبنائها خاصة في هذا السن الحساس.

وفي تحليلها، تفسر أمينة سكات، وهي أخصائية نفسانية عيادية متخصصة في العلاج السلوكي المعرفي، هذا السلوك الاستهلاكي غير العقلاني من منظور سلوكي معرفي من خلال عدة عوامل متداخلة.

وتقول في حديثها مع "الترا جزائر"، إن التعزيز الإيجابي يلعب دورًا رئيسيًا؛ إذ أن الشعور بالانتماء إلى مجموعة أو نيل الإعجاب من الآخرين عند اقتناء منتج شائع يمثل مكافأة نفسية تدفع الفرد لتكرار السلوك. 

كما يظهر ذلك، تأثير ما يُعرف بـ"فومو (FOMO)" أو الخوف من ضياع الفرص، وهو شعور داخلي بالقلق من التخلف عن تجربة ما يعتقد أنها مثيرة أو ضرورية لمواكبة الآخرين، ما يدفع بالشباب إلى اتخاذ قرارات شراء اندفاعية.

لابوبو .. مرآة لحاجات نفسية للمراهق 

كما يُلاحظ تأثير النمط التربوي الخاطئ لبعض الأولياء، الذين قد يستجيبون تلقائيًا لكل مطالب أبنائهم دون وضع حدود واضحة، مما يعزز لديهم مبدأ الإشباع الفوري للرغبات، ويضعف لديهم القدرة على تأجيل الإشباع أو التمييز بين الحاجة والرغبة.

وعن الأسباب التي تجعل المراهق الجزائري ينجذب إلى هذا النوع من الدمى،  أشارت المختصة سكات إلى أن مرحلة المراهقة تتميز بالسعي لتشكيل الهوية والتعبير عن الذات، مما يدفع البعض لاختيار شيء غريب يميزهم عن أقرانهم ويجعلهم يشعرون بأنهم يواكبون كل جديد. 

وأضافت أن هناك بعدًا آخر يتمثل في البحث عن التفريغ النفسي والراحة، خصوصًا في ظل افتقار مجتمعاتنا لفضاءات ترفيهية صحية وآمنة، وهو ما يجعل بعض المراهقين يرون في هذه الدمية وسيلة بديلة للترفيه وتخفيف الضغط النفسي.

ونصحت المختصة بضرورة تعامل الأولياء مع هذه الظواهر الحديثة – مثل الترندات المرتبطة بالمراهقين – بنضج واتزان، دون تهويل مبالغ فيه أو تقليل ساخر من شأنها أو إصدار الأحكام القاسية، داعيةً بدلًا من ذلك إلى تقديم بدائل تربوية صحية وآمنة تساعد المراهق على الإشباع النفسي بطريقة بنّاءة وسليمة.

وأوضحت أن مرحلة المراهقة لا تقتصر فقط على تلبية الاحتياجات الجسدية والنفسية والتربوية، بل تُعدّ أيضًا فترة حسّاسة يكون فيها المراهق أكثر عرضة للتأثر بالضغوط المجتمعية، خاصة في خضم سعيه لتشكيل هويته الشخصية.

ودعت إلى أهمية فتح حوار دائم وواعٍ مع الأبناء، وتعزيز قدرتهم على التحليل والنقد، حتى يتمكنوا من التمييز بين ما يحتاجونه فعلاً وما يرغبون به فقط، مع القدرة على الاستغناء الواعي عن بعض السلوكيات المستهلكة.

كما شدّدت المختصة على أن ما يُصنَّف أحيانًا كـ "رغبات سطحية" أو موضات عابرة، قد يكون في الواقع انعكاسًا لحاجات نفسية أعمق، كالرغبة في الانتماء، والشعور بالقبول، والتقدير، والاندماج مع الأقران، وملء الفراغ أو حتى الهروب من ضغوط الحياة.

البروفيسور عرقوب: دمية "لابوبو" تعكس نقض النضج الاستهلاكي بين شباب الجزائر 

الوعي الاستهلاكي 

وعن علاقة ترند "لابوبو" بالسلوك الاستهلاكي في الجزائر، صرّح البروفيسور في الاقتصاد بجامعة بومرداس عرقوب وعلي لـ"الترا جزائر"،  بأن الوعي الاستهلاكي أصبح ضرورة ملحّة داخل المجتمع الجزائري، لا سيما في أوساط المراهقين الذين باتوا يفتقرون إلى الرشد والنضج في سلوكهم الاستهلاكي. 

وأرجع هذا الانحدار إلى التأثير المتزايد للتكنولوجيا، وعلى وجه الخصوص، الترندات السائدة في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تحوّلت إلى مرجعية استهلاكية وسلوكية، أبرزها تطبيق "تيك توك".

سعر دمية "لابوبو" في الجزائر

وأشار إلى أن دمية "لابوبو"، رغم وجودها منذ أكثر من عشر سنوات، لم تكتسب شعبية تُذكر إلا مؤخرًا، بفعل حملات التسويق التي قادها مؤثرون عالميون، لا سيما في الولايات المتحدة وبريطانيا، حيث ظهرت شجارات عنيفة بين بالغين رغبةً في اقتنائها. 

هذا ما أثّر، لاحقًا، حسبه، في المراهقين الجزائريين الذين يُظهرون ميلًا شديدًا نحو كل ما هو غربي وحديث، رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها كثير من الأسر. وأوضح أنها دمية من الكماليات، لا تحمل أي قيمة حقيقية سوى كونها ترندًا لحظيًا.

ونوّه عرقوب إلى وجود فراغ نفسي وسلوكي كبير في أوساط الجيل الحالي، الذي نشأ في خضم الطفرة الرقمية وغياب البدائل التربوية الجاذبة، ما جعله ينجرف خلف كل جديد دون تقييم أو وعي. وأكد أن هذا النوع من "الترندات" يمثل نزعة استهلاكية غير مبرّرة، لا تنتمي إلى الضروريات، بل تعبّر عن رغبات وقتية قد تُجهد الأسرة ماليًا دون أي مردود حقيقي.

وفي ختام تصريحه، شدّد البروفيسور عرقوب على أن التوعية الاستهلاكية أمر حاسم، داعيًا إلى تطوير الخطاب الموجّه للمراهقين بما يتماشى مع وعيهم ووسائل تواصلهم، مع ضرورة تفعيل دور المجتمع المدني، والجمعيات، ووزارة التجارة، والمؤسسات الدينية في ترشيد الاستهلاك، وتنمية حس الوعي الاقتصادي لدى الجيل الصاعد.

الكلمات المفتاحية

مراد حرز الله لـ"الترا جزائر": توثيق الحياة البرية بالكاميرا يكشف أسرار تغيُّر المناخ

مراد حرز الله لـ"الترا جزائر": توثيق الحياة البرية بالكاميرا يكشف أسرار تغيّر المناخ

في خضمّ أزمة تغيّر المناخ المتصاعدة والاهتمام المتزايد بالبيئة، لا يقتصر دور بعض المصورين على التقاط صور عابرة للحظات طبيعية، بل يتعداه إلى عمل توثيقي رصين لجمال الحياة البرية في الجزائر. فتصوير ورصد مراد حرز الله الميداني الدقيق لعشرات أنواع الثدييات وأكثر من 350 نوعًا من الطيور، يقدم معلومات قيمة تعكس صحة النظم البيئية.


 بحيرة طونغة الجزائرية

بحيرة طونغة الجزائرية.. اختارها الشاذلي للصيد وحوّلها التايلاندي لأيقونة بيئية

لم يكن أشدّ المتفائلين يتوقّع، قبل عام 2004، أن تتحوّل بحيرة طونغة (أو طنقة)، الواقعة ببلدية السوارخ، أم الطبول، في دائرة القالة بولاية الطارف، أقصى شرق الجزائر، إلى واحدة من أبرز وجهات السياحة البيئية في البلاد. هذه الرقعة الساحرة المنسيّة، التي تتّفق الروايات على أن اسمها مشتقّ من قبيلة أفريقية استوطنت المكان قبل أن تُباع في أسواق العبيد بأوروبا خلال القرون الغابرة، أصبحت اليوم تستقطب مئات…


القصبة العتيقة بالجزائر العاصمة (الصورة: أرشيف)

جولة في الحي العتيق بالجزائر العاصمة.. مدينة القصبة التي تُبعث من أنقاضها

كلما حلّ الصيف، تتحول المدينة العتيقة بعاصمة الجزائر "حي القصبة" إلى محجّ للسياح من داخل الوطن وخارجه، أفواج من السياح على رأسهم عائلات جزائرية مغتربة تأتي بأبنائها وأحفادها لزيارة هذه المدينة المصنّفة لدى منظمة اليونيسكو تراثا إنسانيا، بعضهم يدخلها لأول مرة، وبعضهم أعاده الحنين بعد عمر من مغادرتها.


الوجه الآخر لشواطئ الجزائر المعزولة

بيئة مُهدّدة.. الوجه الآخر للشواطئ المعزولة في الجزائر

تعدّ الشواطئ المعزولة التي يصل عددها إلى نحو 400 شاطئ على طول 1600 كيلومتر في الجزائر، ملاذًا مميزًا لمحبي الاستجمام والهدوء، خاصة بعد جائحة كورونا. لكن هذا الاهتمام المتزايد، مدفوعًا بوسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة، أدى إلى اكتظاظ هذه الشواطئ وتعرضها للتلوث والنفايات، ما حولها من جنة طبيعية إلى مواقع بيئية مهددة.

بوضياف
راصد

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين

في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

سوريا01.jpg
أخبار

إجماع سياسي على إدانة العدوان الإسرائيلي على سوريا.. وتحذير من توسيع دائرة الصراع

أدانت مختلف الأحزاب السياسية في الجزائر العدوان الإسرائيلي على سوريا، معتبرة أنه انتهاك لسيادة دولة عربية ومسّ بأمنها واستقرارها، في وقت عبّرت فيه الجزائر رسميًا عن رفضها لهذا التصعيد ودعت إلى تحرك أممي لوقف الاعتداءات.


علي ذراع
أخبار

وفاة الصحفي علي ذراع بعد صراع مع المرض

توفي مساء أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة الإعلامي علي ذراع عن عمر ناهز 78 سنة بعد صراع مع المرض، حسب ما أفاد به أقاربه.

حالة الطقس في الجزائر
أخبار

طقس الجزائر: حرّ شديد ورعد وضباب

توقعت مصالح الأرصاد الجوية، اليوم الأربعاء 16 تموز/جويلية 2025، تسجيل موجة حر وتساقط أمطار رعدية معتبرة محليا على عدة ولايات من الوطن.

الأكثر قراءة

1
أخبار

المنحة السياحية (750 يورو).. أخبار عن دخولها حيز التنفيذ وردّ رسمي


2
أخبار

الجزائر ترفُض قرار الاتحاد الأوروبي بالتحكيم وتتمسك بمسار الحوار في إطار اتفاق الشراكة


3
مجتمع

ركود تجاري في الحميز.. ماذا يحدث في أكبر أسواق العاصمة؟


4
راصد

كيف يمكن أن تصف الحضارة الجزائرية؟ إجابة قائد الأفلان في الصين تثير جدلا واسعا


5
منوعات

مراد حرز الله لـ"الترا جزائر": توثيق الحياة البرية بالكاميرا يكشف أسرار تغيّر المناخ