17-أكتوبر-2020

الفنان الجزائري عبد العزيز بن زينة (يوتيوب)

استطاعت بعض المسابقات الفنّيّة المتلفزة التّي تبثّها قنوات عربيّة معروفة أن تجد لها امتدادًا في المشهد الجزائريّ، من ناحية مشاركة أصحاب المواهب، ومن ناحية نسبة المشاهدة والتّصويت. وقد أحرز الجزائريّون مراتب متقدّمة فيها، بل إنّ بعضهم افتكّ التّتويج والتحق بعالم النّجوم، غير أن بعض المشاركات الجزائرية في هذه البرامج أثارت جدلًا واسعًا وسط الجزائريين.

عبد الرحيم لوصيف: "ذا فويس" برنامج استعلائيّ يتعامل مع المواهب العربيّة كأنّها قطعان

إنّنا نستطيع، في السّنوات العشر الأخيرة، أن نتحدّث عن ظاهرة النّجوم الجزائريّين الذّين اكتسبوا نجوميتهم من المشاركة أو التتويج في هذه البرامج، بكلّ ما يترتّب عنها من مزايا وامتيازات فنّية وماليّة وإعلاميّة.

اقرأ/ي أيضًا: قناة "mbc5".. أبواق السعودية على أبواب الجزائر

غير أنّ معظم هؤلاء كانوا مغمورين في المشهد الفنّيّ الجزائريّ أو كانوا محدوديّ الشّهرة، لذلك أظهر قطاع واسع من الجزائريّين دهشة كبيرة حين رأوا مشاركة مغنّي المالوف عبد العزيز بن زينة في مرحلة " الصّوت وبس" من برنامج "ذا فويس" الموسيقيّ الذّي تبثّه قناة mbc ، بالنّظر إلى كونه أحد نجوم الأغنيّة الجزائريّة وأصواتها المتميِّزة التّي تؤثّث منابرها المختلفة.

وهو الحدث الذّي انقسم بخصوصه الجزائريّون في الواقع والمواقع، بين مرحِّب بخطوة نجم أغنية المالوف معتبرًا إياها شجاعةً منه للتّعريف بصوته، في ظلّ افتقاد المنظومة الثّقافيّة والإعلاميّة الوطنيّة لسياسة تعمل على تسويق المواهب الجزائريّة، ومستنكر لها باعتبارها خطوة لا تنسجم مع رصيد الفنّان الذّي لا يقلّ أهميةً فنّيّةً عن أعضاء لجنة التّحكيم التّي ضمّت هاني شاكر ونجوى كرم وملحم زين وسميرة سعيد، لو حظي بالفرص نفسها التي حظوا بها.

وكتب الممثّل المسرحيّ بوحجر بودشيش بنبرة ساخطة مخاطبًا القائمين على الشّأن الثّقافيّ والفنّي في الجزائر: "لم أشعر بالألم على الحال أكثر ممّا شعرت به وأنا أرى واحدًا من فطاحلة الأصوات في وطني البائس يقف أمام من هم تلاميذ أو دون ذلك لتقييمه. لماذا تبخسوننا حقوقنا ومكانتنا؟  لماذا كلّ هذا الحقد علينا؟ ماذا فعلنا لكم؟".

 ويبرّر بوحجر موقفه: "أن يقف بن زينة العملاق ليختاره محكِّمون من دون أن يعرفوا أنّهم أمام جبل من جبال الإبداع هو إهانة ما بعدها إهانة".

ويعلّق عليه المخرج المسرحيّ شوقي بوزيد بالقول إنّه لا نبيّ في قومه. "الفنّان بن زينة يغرز في الجرح مرّةً أخرى سكّين الإبداع، حتّى نلتفت إلى السّياسيّ ونسأله: أما آن لك أن تنتبه إلى ثقافتك، فتخدمها بدل أن تزدريها؟ نحن الآن في أمسِّ الحاجة إلى إعادة بناء الصّرح الثّقافيّ والفنّيّ،. غيره سنبقى ننتظر الاعتراف من الآخرين".

وأبدى المصوّر فضيل حدهم أسفه على ما أسماه اضطرار بن زينة، وهو المشهور والمتمكِّن والفنّان الكبير في بلده للمشاركة في برنامج لاكتشاف المواهب عربيًّا؛ "أتأسّف لوقوف الشّهرة في بلدنا عند حدودنا. فلا إعلام يروّج بالشّكل المثاليّ لفنّانيه ومثقّفيه ومبدعيه، ولا مؤسّسات ثقافيّة وفنّيّة تضع الفنّ في مكانه الطّبيعيّ. ولا فنّانين يحترمون تجارب بعضهم، فكلّ همّهم الانشغال بالحروب الوهميّة".

يختم حدهم بالقول: "نحن لا نرافق المبدع ليكبر ولا نحفظ قيمة الكبير، ولا نطرح برامج ضخمة لاكتشاف المواهب ودعم الإبداع والتسويق للكبار في كلّ مجال".

وانتقد المنشّط عبد الرحيم لوصيف برنامج "ذا فويس"، فقال إنه برنامج استعلائيّ يتعامل مع المواهب العربيّة كأنّها قطعان؛ "إذ كان من المفروض أن يسأل عن خلفية كلّ مشارك، خاصّة إذا تجاوز مرحلة الشّباب ويعامله على أساسها، حتّى وإن أقصته اللّجنة لاحقًا، فتلك مسألة أخرى. هل يقبل الإماراتيون أن نستقبل في الجزائر مثلًا حسين الجسمي، فنسأله من يكون؟".

من وجهة نظر معاكسة؛ كتبت الإعلاميّة المتخصّصة في الشّؤون الثّقافيّة آسيا شلابي أنّ مشاركة عبد العزيز بن زينة أمر طبيعيّ، تمامًا كما فعلت الفنّانة نرجس، وهي صوت معروف في جيلها؛ "لمن صدمتهم مشاركة بن زينة؛ الفنّانة نرجس أيضًا في "ذو فويس سينيور" وفنّانون عرب أيضًا. المغامرة تجدّد الحياة".

ويسأل النّاشط الثّقافيّ عبد الرحمن هيلول: "أليس برنامجًا للمواهب وبن زينة موهبة بغضّ النّظر عن شهرتها المحلّيّة؟ إذن دعونا من هذا المعطى وتعالوا نناقش معطًى آخر هو لماذا لا يتجنّد الجزائريّون خلف مبدعيهم المترشّحين في المسابقات الأجنبيّة، بنفس الحرارة التّي يتجنّد بها الآخرون خلف مترشّحيهم؟ فهي مسابقات يكون الفوز فيها ثمرةً للتّصويت".

خطوة عبد العزيز بن زينة أعادت إلى الواجهة جدوى المنظومة الثقافيّة الجزائريّة 

أعادت خطوة عبد العزيز بن زينة إلى الواجهة جدوى المنظومة الثقافيّة الجزائريّة التّي تحظى بأموال طائلة من الحكومة، من غير أن يكون لها دور في صناعة النّجوم لا في الدّاخل ولا في الخارج، حتّى إذا نحج أحدهم اعتمادًا على نفسه وتألّق، بات محلّ اهتمامها واستقطابها.