مشاهد العنف والمخدرات في الدراما.. جدلٌ يعود كل رمضان في الجزائر
21 مارس 2025
لم تتردد أستاذة الإعلام والمخرجة وكاتبة السيناريو، فاطمة وزان، في التعبير عن غضبها من تركيز المسلسلات الجزائرية المعروضة في رمضان 2025 على قضايا المخدرات والعنف، لتبعث بذلك من جديد جدلًا يتكرر كل رمضان بشأن المحتوى الذي يجب أن تقدّمه الدراما عند تناولها لحياة مختلف الفئات الاجتماعية إمّا بنقل تفاصيلها كما هي في الواقع حتى بآفاتها وطباعها السيئة أو إظهار الجوانب الإيجابية لها أكثر لتكون قدوة للمتلقي خلف الشاشة.
كاتبة السينايو فاطمة وزان: التصوير المُفرط لانتشار المخدرات في المجتمع الجزائري كما تروّجه بعض المسلسلات الجزائرية يجعل غيرنا يتساءل أين هي الدولة؟
وبالنظر لقدسية شهر رمضان وتصنيف العائلات الجزائرية ضمن المجتمعات المحافظة، تبعث مشاهد العنف وتعاطي المخدرات سجالا وسط النقاد وبعض المشاهدين والمتابعين، حيث يعتقدون أنها تنتهك خصوصية هذا الشهر إضافة إلى أنها تعمل على الترويج لسلوكيات غير سوية، وهو ما جعل سلطة ضبط السعي البصري تنتقد في مواسم سابقة هذه المشاهد باعتبارها تناقض المجتمع الجزائري وأخلاقه.
مرة أخرى
لم تخلو عدة مسلسلات تعرض هذا العام في القنوات التلفزيونية الجزائرية، من مشاهد العنف وتعاطي المخدرات، وهي مشاهد صارت تتكرر كل عام حتى وإن اختلفت جرعة هذه المشاهد من عمل إلى آخر، وذلك بالنظر لاستقطاب المسلسلات التي تتطرق إلى الآفات الاجتماعية عددا كبيرا من الجمهور، فقد حققت مسلسلات أولاد الحلال والدامة والبراني وغيرها التي عرضت في السنوات الماضية انتشارا جماهيريا لافتا، وحظت بمشاهدات مليونيّة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت المخرجة فاطمة وزان في منشور على فيسبوك "هل من الضروري أن تظل الدراما الجزائرية محصورة في معالجة الظواهر الاجتماعية والأزمات والآفات؟ ألا يحق لنا استكشاف سرديات ومواضيع مبتكرة ترتكز على التشويق، المتعة، الغموض، والإثارة، أو تقديم مغامرات شيقة وشخصيات معقدة تعيش صراعات تتجاوز المألوف؟".
وترى وزان أن "المتعة والتشويق أيضًا رسائل فنية جديرة بالتناول في مسلسلاتنا، لأنه يمكننا أن نكون أحيانا ، مبدعين وفقط، نبتكر قصصا يمتزج فيها الإبداع بالتشويق والمتعة والترفيه، عوض أن نجتهد في لعب دور المصلح الاجتماعي أو الطبيب النفساني المعالج لمشاكل أفراد المجتمع".
ولاحظت المخرجة ذاتها أنه "بحجة معالجة الظواهر والآفات الاجتماعية، يبدو أن بعض المسلسلات تنشر وتروج لهذه الآفات بدلا من معالجتها، فمتى سيدرك الكاتب والمخرج الفرق بين المعالجة الحقيقية للظواهر والآفات الاجتماعية وبين الترويج غير المباشر لها؟".
وترى كاتبة مسلسل "المشوار" أن "التصوير المفرط لانتشار المخدرات في المجتمع الجزائري كما تروجه بعض المسلسلات الجزائرية يجعل غيرنا يتساءل أين هي الدولة".
غير أن الناقد الفني خالد بن طوبال يعتقد أن "طرح قضايا المخدرات في الدراما أمر مطلوب حاليا، لكن بشرط أن يرفق بتقديم الحلول أيضا عن طريق رسائل مباشرة وغير مشفرة، مع الحرص على أن تأخذ هذه المشاهد حيزا كبيرا من الحبكة الدرامية".
مدرستان
لا يشكل هذا الجدل قضية جديدة في الجزائر، فهي تعود كل رمضان، ومع أي عرض لإنتاج درامي جديد، إضافة إلى أنها قضية لا تخص الجزائر فقط، بل إنها شكلت أحد قضايا المنظرين في مجال الإعلام والاتصال.
وقال الأستاذ المحاضر في الإعلام والاتصال بجامعة غرداية، صابر بقور، "أكاديميًا هناك نظريّتين مفسّرتين للعنف في وسائل الإعلام هما نظرية التعزيز ونظرية التطهير، حيث يرى أنصار نظرية التعزيز أن العرض المتواصل والمتكرر للعنف في وسائل الإعلام على غرار الدراما أو سينما أو البرامج التلفزيونية سيؤدي إلى تعزيز السلوك العنيف في المجتمع، في حين يرى أنصار نظرية التطهير أن تعرض الجماهير للمحتوى العنيف في وسائل الإعلام يطهرهم من العنف وبالتالي ستتراجع تباعًا نسب العنف والجريمة في المجتمع".
أستاذ الإعلام والاتصال صابر بقور لـ "الترا جزائر": الدراما الجزائرية تنقل واقعًا موجودًا لأننا نسمع كثيرًا عن تزايد معدلات الجريمة والتي يروح ضحيتها الكثير من الناس
ويرى بقور أن "الدراما الجزائرية تنقل واقعًا موجودًا لأننا نسمع كثيرًا عن تزايد معدلات الجريمة والتي يروح ضحيتها الكثير من الناس، فمؤخرًا سمعنا بأب قام بقتل أبنائه في شهر رمضان، كما أن العديد من الشباب توفوا في شجارات في عدة أحياء في الجزائر العميقة، مما يعني أن الجريمة تتنامى بشكل غير مسبوق في مجتمعنا وإذا كانت هذه الأفلام أو المسلسلات تنقلها فهي تنقل واقعًا حقيقيًا."
وأضاف أستاذ الإعلام والاتصال أن "الأمر ذاته بالنسبة للمخدرات، فبعض الشباب غرقوا في مستنقع المخدرات، وبالتالي الصورة الدرامية أو النص السينمائي أو محتوى وسائل الإعلام بشكل عام في الجزائر يعرض وينقل ويتناول حقيقة لا تتنافى مع ما يوجد في واقعنا الاجتماعي".
مؤشر؟
يعتقد الناقد الفني خالد بن طوبال أن عدم تدخل سلطة ضبط السمعي البصري كما كان يتم في السنوات الماضية يثبت أن "دراما هذا العام لم تتضمن مشاهد جريئة تتعلق بالعنف والمخدرات والتي كانت قد تضع القناة التلفزيونية التي تبثها تحت طائلة المعاقبة".
ودعا بن طوبال إلى ضرورة أن "تشمل متابعة سلطة ضبط السمعي البصري كل البرامج ولا تقتصر على الأعمال الدرامية فقط، بالنظر إلى أن بعض برامج الكاميرا الخفية والبرامج الحوارية أصبحت منبرًا لمن هبّ ودبّ في بعض الأحيان."
ودعت السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري شهر شباط/فيفري الماضي قبل بداية رمضان الحالي القنوات التلفزيونية إلى "ضرورة احترام خصوصيات الشهر الفضيل والمرجعية الدينية الوطنية من خلال البرامج الدينية المتقدمة بما يعكس قيم الاعتدال والتسامح".
وجدّدت السلطة تأكيدها على الالتزام بالمهنية واحترام أخلاقيات المهنة مع التقيد بالنصوص القانونية والتنظيمية خاصة مقتضيات المرسوم التنفيذي الأخير المنظم لخدمات الاتصال السمعي البصري.
الناقد الفني خالد بن طوبال: سلطة ضبط السمعي البصري مطالبة بمتابعة كل البرامج ولا تقتصر على الأعمال الدرامية فقط، بالنظر إلى أن بعض برامج الكاميرا الخفية والبرامج الحوارية أصبحت منبرًا لمن هبّ ودبّ
ودعت السلطة ذاتها إلى تجنب تغليب الربحية أو صناعة الإثارة على حساب القيم الإعلامية بما يحفظ مصداقية القطاع وثقة الجمهور.
ويرى الأستاذ صابر بقور أن " تدخل سلطة ضبط السمعي البصري يجب أن ينحصر في متابعتها للمعالجة الدرامية لمحتوى الجريمة والمخدرات لفهم ما إذا كان الخط الدرامي يشجع على هذه الآفات أو ينبذها ويسعى للقضاء عليها من خلال المآلات التي يصورها المسلسل لشخصية المجرم أو المدمن".
وبالنسبة للناقد الفني خالد بن طوبال، فإن تناول الدراما لقضايا العنف والمخدرات يجب أن يرتكز على حرية المعالجة لكن بشرط دون خدش الحياء العام وتهديد أركان المجتمع الجزائري.
الكلمات المفتاحية

التعليم المُقاوم.. كيف واجهت المدارس الحُرّة الاستعمار الفرنسي في الجزائر؟
لم يكُن السلاح الوحيد في يد الجزائريين هو البندقية، بل كان للقلم دوره الريادي في المقاومة خلال الفترة الاستعمارية.

فاز بجائزة "رؤى أفريقية".. فيلم "الطيّارة الصفراء" يخطِف الأضواء في مونتريال
يُسطّر الفيلم الجزائري "الطيّارة الصفراء" للمخرجة والمنتجة هاجر سباطة، صفحة جديدة في تاريخ السينما الجزائرية، بعد أن فاز بجائزة أحسن فيلم عن فئة الفيلم الروائي القصير والمتوسط، في مهرجان "رؤى أفريقية" الدولي، بمدينة مونتريال الكندية.

أحسن تليلاني: لو أنني طيلة عمري لم أكتب سوى فيلم "زيغود" لكفاني ذلك شرفًا
تليلاني أحسن الأستاذ بجامعة الجزائر، والعميد السابق لكلية الآداب يجامعة سكيكدة، والناقد والمترجم والكاتب المسرحي الذي يملك في رصيده 17 مؤلفًا، خاض تجربة سينمائية فريدة من خلال كتابته لسيناريو فيلم تاريخي يتناول حياة الشهيد البطل زيغود يوسف" مهندس هجومات الشمال القسنطيني إبّان الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي (1954-1962).

"كنابست" تستنكر تواصل خصم أجور وتجميد مِنح الأساتذة بعدد من الولايات
أكدت نقابة "كنابست" أنّ وزارة التربية الوطنية "أخلت" بالتزاماتها بشأن رفع التجميد عن منحة الأداء التربوي (المردودية) وإرجاع أيام الخصم بدءًا من شهر آذار/مارس الماضي.

طقس الجزائر.. أمطار ورياح عاتية عبر 13 ولاية
حذّر الديوان الوطني للأرصاد الجوية، اليوم الاثنين، من تساقط أمطار رعدية غزيرة ورياح قوية على عدّة ولايات من الوطن.

حوار| المُؤرّخ الفرنسي كريستوف لافاي: المُصارحة حول الجرائم الاستعمارية أساس المُصالحة بين الجزائر وفرنسا
يستعرِض المؤرخ الفرنسي كريستوف لافاي، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة "بورغون" الفرنسية، تجربته الاستقصائية في البحث التاريخي حول الجرائم الاستعمارية التي ارتُكبت في الجزائر خلال الثورة التحريرية. وقد مرّ لافاي بمسار وتحوّل كبير، إذ ترك خلفه 12 عاماً قضّاها ضابطًا في الجيش الفرنسي، ليكرّس حياته لاحقًا للبحث العلمي الرصين.

رغم الفوز.. شباب قسنطينة يغادر كأس "كاف" من الدور نصف النهائي
أقصي شباب قسنطينة في الدور نصف النهائي لكأس الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم، رغم فوزه يوم الأحد، في مباراة الإياب أمام نهضة بركان بنتيجة 1-0 ، بملعب الشهيد حملاوي بقسنطينة.