مشروع قانون تجريم الاستعمار.. من الأدراج إلى الواجِهة
24 مارس 2025
تتّجه الأنظار نحو عمل اللجنة المكلفة بصياغة مشروع قانون تجريم الاستعمار، التي تضمُّ ممثلين عن مختلف المجموعات البرلمانية، إذ ستباشر عملها خلال هذا الأسبوع وفي آجال محدّدة.
تهدِف اللجنة إلى مساءلة فرنسا عن جرائمها واستعادة الحقوق التاريخية للجزائر، فما هي الخطوات العملية التي ستتخذها اللجنة في عملها؟
زكريا بلخير: تهدف اللجنة إلى مُساءلة فرنسا قانونيًا عن جرائمها خلال فترة الاستعمار، والوفاء لتضحيات الشهداء واستعادة الحقوق التاريخية للجزائر
أكد عضو لجنة صياغة قانون تجريم الاستعمار النائب عن حركة مجتمع السلم زكريا بلخير أنّ الخطوة التي اتخذها البرلمان بتشكيل هذه اللجنة، تجسّد إحدى التطلعات والمطالب الشعبية لإدانة جرائم الاستعمار والوفاء للشهداء.
وكشف النائب في تصريح لـ" الترا جزائر" أنّ اللجنة تباشر مهامها بشكل فوري هذا الأسبوع، ضمن آجال محددة، مشيرا إلى أنّها ولقد تلقت الدعم الكامل من قبل رئيس المجلس، وتمّ وضع جميع الوسائل البشرية أو المادية لنجاح مهامها، حيث ستعكف تدارس جميع المبادرات التشريعية السابقة والتجارب الدولية".
ولفت إلى أنّ تشكُّل اللجنة من عدّة تيارات سياسية وطنية، يُترجم حالة إجماع وطني بشأن هذه الخُطوة على طريق استعادة الحقوق التاريخية للجزائر.
ويُنتظر من هذه اللجنة وفقاً لمسار ما يُسمى بـ" المُبادرة بالقوانين" على مستوى الهيئة التشريعية (الغرفة السفلى للبرلمان) إنجاز هذا القانون في ظلّ التجارب السابقة التي لم تحقّق النجاح.
وقال زكريا بلخير عن حركة مجتمع السلم إنّها " خطوة مُهمّة تؤسّس لحدث تشريعي تاريخي، وتؤسس أيضا لمسار انبعاث مساهمات المؤسسة التشريعية في إقرار نصوص وتدابير تشريعية جد مهمة تحسسًا لتطلعات وآمال الشعب الجزائري الحر، والذي قدم الغالي والنّفيس لاسترجاع سيادته".
وواصل أنّ هذه اللجنة "لجنة الصياغة" تتشكّل من تيارات سياسية وطنية متعددة تشترك جميعا وتتلاقى لـ" تُترجم الاجماع الوطني على ضرورة إقرار نص قانوني سيادي يتعلق بتجريم ظاهرة الاستدمار الفرنسي لأرض الجزائر العصية والأبية على العدو التاريخي لبلادنا بالأمس واليوم وغدًا".
خُطوة تاريخية وسياسية
عن سؤال يتعلّق بالخطوات القادمة في علاقة بالعمل الميداني لهذه الهيئة النيابية ردّ بلخير أنّ أول خُطوة عملية تتمثل في تحديد النظام الداخلي لعمل لجنة الصياغة، حيث يتمّ تحديد طريقة عملها وكيفية المداولات داخلها، ثم تقوم باستعراض المبادرات السابقة، وجميع الآراء والمقترحات الممكننة.
كما تستعرِض التجارب المقارنة في هذا المجال، وهذا كله في إطار عمل توافقي، لافتاً إلى أنّ "هذه المبادرة يجب أن تعكس الاجماع الوطني حول هذه القضية المصيرية في وجدان الشعب الجزائري، فهي ترجمة لكبرياء الجزائر المستقلة الصامدة المنتصرة برجالاتها المخلصين".
وجدّد العضو في لجنة صياغة مشروع قانون تجريم الاستعمار قوله بأنّّها "قضية الجميع وليس قضية حزب أو تيار سياسي معين".
يطرحُ القانون قضايا مهمة من بينها الاعتراف بجرائم الإبادة الجماعية الاعتراف بحقوق المنفيين، والمطالبة باعتذار فرنسا
وفي أجندة اللجنة حددت الهيئة أسماء من المختصين من رجال القانون أو المؤرخين، كما "سنستعين بعدد معتبر من الباحثين والمختصين" ممن سيقدمون إضافة بما في ذلك ممثلين على منظمة المجاهدين أو أبناء الشهداء أو المنظمات أو الجمعيات التاريخية أو الحقوقية التي تهتم أو تعمل في هذا المجال أو في حقل الذاكرة الوطنية وانصاف الضحايا".
وشدد على أنّ العمل سيكون تشاركياً وترجمة لتفاعل الديمقراطية التمثيلية مع الديمقراطية التشاركية التي أسس لها دستور الفاتح من تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.
وعند انتهاء عملها، تُقدّم النسخة النهائية لمكتب المجلس، لتأخذ المسار التشريعي المتعارف عليه في هكذا حالات أي حالة تقديم مقترح قانون من قبل النواب.
لجنة للمساءلة القانونية ..حُقوق المنفيّين
بخُصوص سؤال عن المنفيّين إبان الاحتلال الفرنسي، قال إنّ المشروع سيتطرّق لهذه المسألة المُهمة، لافتاً إلى مقترح تمّ تقديمه في 2021، قد تطرّق لهذه القضية بوضع تدابير قانونية بخصوص المنفيين الجزائريين خلال حقبة المقاومات الشعبية".
وفي هذا الصدد كانت مسودة مقترح سابق لقانون تجريم الاستعمار، قد شدد على أنّ يكون على عاتق الدولة الجزائرية الاعتراف لأبناء المُبعدين وأحفادهم والمهجّرين والمنفيين في كل الأقطار، لا سيما المنفيين في كاليدونيا الجديدة وغوايانا الفرنسية، بالحقّ في الجنسية الجزائرية، وتسهيل حصُولهم عليها ودخولهم إلى الجزائر، على أن تتحمّل الدولة مسؤولية تلقينهم تعاليم الدين الإسلامي واللغة العربية.
في سياق متصل قال نائب حركة مجتمع السلم إنّ "لجنة الصياغة هي لجنة سيّدة وستتداول في جميع هذه المسائل والقضايا المهمة التي كانت نتيجة للممارسات الإجرامية للمستدمر الفرنسي، باعتبارها هيئة للمساءلة القانونية عن جميع جرائم فرنسا الاستدمارية، ومنها جريمة نفي الجزائريين وتهجيرهم من أراضيهم".

الأحادية والتعدُّدية.. محطات سابِقة
في خلفية لهذا الملف يجب العودة إلى محطاته وكرونولوجيا المُبادرة في حدّ ذاتها؛ لأنّها مشروع قديم جديد يستيقظ في كل مرة ثمّ يعود للأدراج.
المُبادرة ليست جديدة، وسبقتها محاولات عديدة، وتُعتبر خطوة تاريخية لتعزيز دور المؤسّسة التشريعية
شهدت مبادرات تجريم الاستعمار مساراً يمتدّ إلى عام 1984 في عهد الحزب الواحد (جبهة التحرير الوطني)، وقبل التعددية الحزبية في 1989، أي عقب إقرار دستور 1989، تلتها مبادرة ثانية عام 2001 قدّمها النائب محمد أرزقي فراد، ثمّ مبادرة ثالثة عام 2006، ردًا على قانون فرنسي تم طرحه في 2005 خلال فترة رئاسة جاك شيراك، والذي كان يهدف إلى تمجيد الاستعمار، كما قدّم النائب كمال بلعربي مبادرة نيابية في نفس السياق عام 2017.
خلال العهدة الأولى للرئيس عبد المجيد تبون، ظهرت بوادر إعادة إخراج الملف من درج المجلس الشعبي الوطني، ففي شهر شباط/ فبراير 2020، تقدّم 50 نائبًا من المجلس الشعبي الوطني بمُقترح قانون يجرم الاستعمار، و"يتضمن مطالبة فرنسا بالاعتراف بجرائمها التي ارتُكبت خلال فترة الاحتلال بين 1930 و1962، وتقديم اعتذار للشعب الجزائري".
كما شدد المقترح على أنّ الجزائر شهدت أبشع الجرائم التي لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم، مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب ضد الإنسانية لا تسقُط بالتقادم.
كما اعتمد هذا الاقتراح إلى اعترافات بعض الجنرالات الفرنسيين الذين تفاخروا بارتكابهم جرائم ضد الإنسانية مثل إبادة قبائل وحرق قرى.
كما طرح النائب زكرياء بلخير مبادرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، ووقعها 100 نائب من الغرفة السفلى للبرلمان تضمّنت 54 مادة.
سيكون مشروع القانون مُنجز هام تشارك في صياغته كلّ الحساسيات الممثلة للمشهد السياسي الجزائر من مختلف الأحزاب.
ملف شائك
ويعتقد المتابعون للملف في حديثهم لـ" الترا جزائر" أنّ قضية تجريم الاستعمار تظلّ أحد أبرز الملفات الشائكة في العلاقات الجزائرية-الفرنسية.
وفي هذا المِضمار؛ حاولت الجزائر مرارًا من خلال مقترحات قانونية مواجهة ممارسات الاستعمار الفرنسي وجرائمه التي طالت الشعب الجزائري طيلة أكثر من 130 عامًا.
مُنذ عقود، يُعتبر هذا القانون أول مشروع تشريعي يطرحه البرلمان ثم سيتمّ عرضه على الجهاز التنفيذي (الوزارة الأولى)، إذ أكد الباحث في القانون من جامعة البليدة (وسط) عبد الله مواقي أنّ صياغة النص القانوني يمثل خطوة مهمة في آلية التشريع في الغرفة الثانية للبرلمان، بالرغم من أنّ هذا الأمر هو دورها الدستوري، في مقابل كانت الحكومة تقترح دوما القوانين وتعرضها على البرلمان.
نيابيا يمكن القول –يُضيف الأستاذ مواقي- إنّ ترك المبادرة للهيئة التشريعية يستهدف تقوية النصوص التي ستُعرض لاحقاً، وضمان الشفافية والمصداقية خاصة وأن لجنة الصياغة مشكلة مختلف الكتل النيابية.
من المتوقّع أن يُثير القانون حالة من الشدّ والجذب بين الجزائر وفرنسا، خاصةً مع الأزمة بين البلدين.
الكلمات المفتاحية

قانون جديد قيد الدراسة في البرلمان.. آليات بديلة لاسترداد الأموال المنهُوبة
يتصدّر مشروع قانون حكومي جديد يتعلق بالإجراءات الجزائية جدول أعمال المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان) منذ ثلاثة أيام، مقترحاً آليات بديلة للمتابعة القضائية في جرائم اقتصادية محددة، وعلى رأسها قضايا الفساد التي هزت البلاد ويستهدف استرجاع الأموال العامة المنهُوبة.

مشروع قانون التعبئة العامة.. خُطوة دستورية في سياقات إقليمية مُتوتّرة
أثار إعلان مجلس الوزراء، في اجتماعه مساء الأحد، عن المصادقة على مشروع قانون التعبئة العامة، جملة من التساؤلات تتعلّق بدوافع هذا الإجراء وتوقِيته الحالي تحديدًا، خاصة في ظلّ تصاعد حِدّة التوترات الإقليمية.

تحركات دبلوماسية مُكثّفة في الجزائر.. القضايا الإقليمية على الطاولة
خلال أسابيع قليلة، شهدت الجزائر سلسلة من الزيارات الهامة لوزراء خارجية فرنسا، إيران، مصر، وتركيا، مما يسلّط الضوء على الأهمية الاستراتيجية المتزايدة التي تحظى بها الجزائر في المنطقة.

رؤوف فراح لـ "الترا جزائر": "دبلوماسية العكّازيْنِ" أفضل خيار لمعالجة الأزمة الطارئة مع مالي
يشرح رؤوف فراح، الباحث الجزائري في الجيوسياسية، المتخصص في منطقة شمال أفريقيا والساحل، في هذا الحوار مع "الترا جزائر" طبيعة التغيرات المتسارعة في طوق دول الساحل جنوب الصحراء بعد ميلاد تحالف دول الساحل، وارتدادات ذلك على صعيد المناطق الجنوبية للبلاد

طقس الجزائر.. أمطار ورياح عاتية عبر 13 ولاية
حذّر الديوان الوطني للأرصاد الجوية، اليوم الاثنين، من تساقط أمطار رعدية غزيرة ورياح قوية على عدّة ولايات من الوطن.

رغم الفوز.. شباب قسنطينة يغادر كأس "كاف" من الدور نصف النهائي
أقصي شباب قسنطينة في الدور نصف النهائي لكأس الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم، رغم فوزه يوم الأحد، في مباراة الإياب أمام نهضة بركان بنتيجة 1-0 ، بملعب الشهيد حملاوي بقسنطينة.

أول مشاركة لأبناء الجالية في مسابقة وطنية تربوية
كشف كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية بالخارج، سفيان شايب، عن مشاركة متميزة لأبناء الجالية الجزائرية بالخارج في أول مسابقة مدرسية من نوعها ينظمها المجلس الشعبي الوطني بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية.

إدراج كلمة جزائرية في قاموس لاروس الفرنسي الشهير
أدرجت دار النشر الفرنسية الشهيرة "لاروس"، الكلمة الجزائرية "كراكو" (Karakou) ضمن الطبعة الجديدة من قاموسها الشهير، المرتقب صدوره في 21 أيار/ماي 2025، وذلك ضمن قائمة تضم 150 مفردة جديدة.