30-يوليو-2021

شكيب معمّر شبّوب (فيسبوك/الترا جزائر)

يتخندق الجامعيّ والنّاشط الجمعوي شكيب معمّر شبّوب المولود عام 1997؛ ضمن نخبة مدينة الأغواط المسكونة بروح المبادرة والضّاربة بروح التّواكل والانتظار والاكتفاء بإبداء الاستياء عرض الحائط، فهو يرى أنّ المكتفي بالاستياء من بشاعة ومرارة وفقر الواقع من غير أن يبادر إلى تقديم بدائل لتلك البشاعة والمرارة وذلك الفقر عبئ على نفسه وعلى مجتمعه.

بعد فترة قصيرة من العمل الجادّ والملتزم أصبح شكيب معمّر شيبوب رئيس مشروع "حكاية الأطلس" الذّي يهدف الى إخراج الفنّ الى الشّارع

من هنا؛ حصّن شكيب مساره الدّراسي بجملة من الشّهادات الجامعيّة العليا؛ فهو متحصّل على بكالوريا علوم الطّبيعة والحياة. وعلى شهادة ليسانس في الاقتصاد البنكيّ والنّقديّ، ومتحصّل على شهادة ماستر في الاقتصاد الكمّيّ، ناويًا أن يحصل على الدكتوراه؛ ليس لاستكمال الأوسمة الأكاديميّة؛ بل لاستكمال المعارف التّي تساعده على أن يكون نافعًا وفاعلًا وفعّالًا. يقول: "لا أفهم الاقتصاد على أنّه إحصاء وأرقام وجرد للمعطيات المتعلّقة بالمال فقط؛ بل هو أيضًا واحد من فنون تسيير الحياة. وغياب هذا الفهم عن ممارساتنا للاقتصاد جعلنا فاشلين في تحقيق نتائجَ تُذكر فيه".

اقرأ/ي أيضًا: الرسام حسام زهّار.. فن البورتريه أبعد من تقليد صورة

يقول محدّث "الترا جزائر" إنّه يستطيع أن يضمن حياةً هادئة ومريحة بفضل شهاداته وبفضل محيطه العائليّ؛ بما يُغنيه عن أيّ نشاط أو همّ عامّين؛ لكنّه لا يجد راحته إلّا ضمن العمل الجماعيّ والمجتمعيّ الهادف إلى تطوير المجتمع، فالاستقالة المعنويّة من الحياة العامّة هي في نظره خيانة للمجتمع الذّي ينتمي إليه. يسأل: "كيف نسمّي شخصًا لا يقدّم خدماتٍ لأمّه أو أبيه؟ هل يجوز له القول إنّه ابنهما؟ والحديث قياس على الوطن والمجتمع اللّذين ننتمي إليهما. لا يمكن أن نعتبر أنفسنا منهما إذا كنّا بخلاءَ في خدمتهما".

دفعت هذه الخلفيّة شكيب معمّر شيبوب عام 2017 إلى الانخراط في جمعيّة "الأطلس الصّحراويّ للفوتوغرافيا والفنون"، التّي تأسّست عام 2008، واستطاعت أن تقترح أكثر من مشروع ثقافيّ ومجتمعيّ ناجح، لتفرض نفسها محلّيًّا ووطنيًّا ودوليًّا ضمن الهيئات النّشيطة والفعّالة، في ظلّ مشهد جزائريّ مملوء بآلاف الجمعيات التّي تلتهم المال العامّ من غير أن تترك أثرًا عامًّا. ويعلّق محدّثنا عن هذا الواقع بالقول إنّ العمل الجمعويّ في الجزائر ظلّ ذا أهداف سياسيّة خادمة للطّرف الحاكم حتّى يضمن الاستمرار؛ أو حزبيّة خادمة لمعارضيه السّاعين للحكم، وأهداف ماليّة ومصلحيّة خادمة للمنخرطين فيه، أمّا هدف العمل على توعية المجتمع وبنائه ثقافيًّا وحضاريًّا وتربويًّا وأخلاقيًّا وعلميًّا وجماليًّا؛ فقد ظلّ يتيمًا في المشهد الجمعويّ العامّ".

بعد فترة قصيرة من العمل الجادّ والملتزم أصبح شكيب معمّر شيبوب رئيس مشروع "حكاية الأطلس" الذّي يهدف الى إخراج الفنّ الى الشّارع. فهو ورفاقه في الجمعيّة يؤمن بأنّ الفنون باتت محاصرة داخل الجدران، لأهداف سياسيّة في الأصل؛ حيث يُخشى من الفعلّ الثّقافيّ المحتكّ بالنّاس؛ ولا بدّ على المنظومة الثّقافيّة الوطنيّة؛ حكوميةً ومستقلةً؛ حسَبه، أن تحرّرها من هذا الواقع الذّي جعلها معزولةً عن الجمهور، وتقتحم بها الهواء الطّلق حيث يوجد هذا الجمهور مباشرةً؛ وشكيب بهذا يرفض التّسليم بكون الجمهور الجزائريّ عازفًا عمّا هو ثقافيّ لنقص في وعيه أو اختلال في نظرته أو فقر في تكوينه؛ بل هو رافض لطبيعة البرامج الثّقافيّة المقترحة عليه بطريقة مترهّلة تجاوزها الزّمن. يسأل: "هل يعقل أن تقدّم برنامجًا ثقافيًّا بطريقة ومنطق الحمام الزّاجل لجيل الهاتف الذّكيّ؛ وتنتظر منه أن يحتفي به ويُقبل عليه؟ ما موقع الجيل الجديد في تسطير البرامج الثّقافيّة الحكوميّة؛ على الأقلّ من باب الاستشارة؟". 

في نهاية سنة 2019 انتخب محافظًا لأوّل طبعة للصّالون الوطنيّ للفنّ التّشكيليّ في الأغواط. وهو واحد من الصّالونات التّي تعاطت مع هذا الفنّ بصفته فنًّا شعبيًّا وليس حكرًا على الأوساط الأرستقراطيّة؛ فكان الرّهان من خلال الورشات التّي تضمّنها زرعَ الثّقافة الجماليّة في الوسط الشّعبيّ؛ خاصّةً المدرسيّ منه؛ "حين نصل إلى مرحلة يرفض فيها المواطنون جدايّة أو منحوتة رديئة في الفضاء العامّ؛ نستطيع الإطمئنان على سلامة ذائقتنا العامّة التّي هي صمّام الأمان لدى المجتمعات الحضاريّة الحيّة".

ويُعدّ مشروع "التزام وفنون" أبرز مشروع ترأسّه شكيب معمّر شيبوب. من زاوية كونه شراكةً مع واحدة من أنشط المنظّمات الدّوليّة غير الحكوميّة، اللّجنة الدّوليّة لتطوير الشّعوب، ومن زاوية البرامج التّي يشتغل عليها؛ ومن زاوية الوجوه الجزائريّة والعالميّة المشرفة على هذه المشاريع؛ ومن زاوية الأهداف التّي يرمي إليها؛ منها تكوين الشابّ ليكون عنصرًا فاعلًا داخل مجتمعه ومحيطه العامّ.

يرى شكيب أنّ النّضال من أجل الصّالح العامّ هو أفعال وليس أقوالًا. ومبادرات ميدانيّة مدروسة ومفتوحة على الكفاءات والخبرات

بهذا يرى شكيب أنّ النّضال من أجل الصّالح العامّ هو أفعال وليس أقوالًا. ومبادرات ميدانيّة مدروسة ومفتوحة على الكفاءات والخبرات؛ وليس مجرّد أحلام عالقة في الوجدان والأذهان. وشعاره في هذا "إذا كان الحاضر مصنعًا؛ فإنّ المستقبل صنيعة".

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

متى ستُوثق السينما الجزائرية لجزائر الحاضر؟

السينما الجزائرية.. أفلامٌ في العراء