15-مايو-2018

سمير بشير سهيل غوار، أحد الباحثين الرئيسيين الذين اكتشفوا مرض جنون الإبل في الجزائر (ألترا صوت)

ظهرت في الجزائر المؤشرات الأولى لمرض جديد على شاكلة "جنون البقر" الشهير، هو مرض "جنون الإبل". والذي اكتشفه عالمان جزائريان معهما باحثون إيطاليون.

سبب إصابة الجمال في الجزائر بـ"جنون الإبل"، هو تناولها لحومًا بقرية مصابة بمرض البريون غير الطبيعي

وقد شارك في صياغة المقالة العلمية التي تلقي الضوء على هذا المرض، الباحث في الطب البيطري الجزائري بعيسى بابلحاج، من جامعة قاصدي مرباح بورقلة، وسمير بشير سهيل غوار، أستاذ الوراثة الجزئية بجامعة أبي بكر بلقايد في مدينة تلمسان الجزائرية، إضافة إلى ثمانية باحثين إيطاليين من المعهد العالي للصحة الغذائية والسلامة البيطرية في روما.

اقرأ/ي أيضًا: اكتشاف "جنون الإبل" في صحراء الجزائر

وفي "ألترا صوت"، سبق أن سلطنا الضوء على هذا المرض المكتشف حديثًا. وهنا حوارٌ أجريناه مع أحد مكتشفي المرض، وهو سمير بشير سهيل غوّار، والذي شدد على ضرورة عدم الاستهانة في التعامل مع جنون الإبل، وفيما يلي نص الحوار. 

  • كتبتَ مقالًا علميًا هامًا عن "جنون الإبل"، سينشر في حزيران/يونيو القادم في مجلة علمية أمريكية مختصة في الأوبئة المستجدة. كيف اكتشفتم مرض "البريون" لدى الإبل في منطقة ورقلة الصحراوية؟

نتائج البحث هي ثمار جهود ميدانية للطبيب البيطري بعيسى بابلحاج الذي يعمل في مذبح ورقلة، وفحوصات مَخبرية معمَّقة (بيوكيميائية، نسيجية ووراثية) قمتُ بها بمعية ثمانية علماء يعملون في معهد إيطالي  للصحة البيطرية بروما.

سمير بشير غوار أحد مكتشفي مرض جنون الإبل، وهو أستاذ بجامعة أبي بكر بلقايد في مدينة تلمسان (ألترا صوت)
سمير بشير غوار أحد مكتشفي مرض جنون الإبل، وهو أستاذ بجامعة أبي بكر بلقايد في مدينة تلمسان (ألترا صوت)

وبخصوص هذا المرض، فهو داء يصيب الأعصاب، يعود إلى بروتينات مُعدية لا تجدي معها حتى وسائل التعقيم، ويطلق عليها اسم "البريون".   

  • ما هي أسباب إصابة الإبل بهذا المرض الخطير؟

رجحنا فرضية تغير النمط الغذائي لدى الجمال وحيدة السنام في المنطقة قيد الدراسة (ورقلة). لاحظنا أن بعض الإبل ترعى قرب أماكن إقامة العاملين في الشركات البترولية. ونعتقد أن هذه الإبل تناولت لحومًا بقرية مصابة بمرض "البريون غير الطبيعي" وجدتها في النفايات.

وبهذا تحولت حيوانات آكلة أعشاب إلى حيوانات آكلة لحوم، وهذا ضد طبيعتها المعتادة. وللتذكير، تعود أسباب إصابة البقر أو الضأن بهذا المرض، إلى تغذيتها بأعلاف مُعدَّلة بروتينيًا.

  • ما هي عواقب هذا الاكتشاف المقلق فعلًا على سلامة الثروة الحيوانية وصحة الإنسان؟

يجب ألا نتهاون في معالجة هذه المعضلة. تكاتف كل الجهود، من جامعيين وبيطريين ومربين وكذلك السلطات، هو أمر أساسي للحد من هذا الاعتلال القاتل.

الحلول موجودة وأرسلناها إلى الجهات المعنية. أما الخطر الذي يحدق بالإنسان، لا يمكننا الآن تأكيد أو نفي هذا الاحتمال. للتو اكتشفنا المرض لدى الإبل، ولكن الحيطة والحذر واجبة في أي مكان وزمان.

  • إذًا، السلطات المعنية في الجزائر على علم بمرض جنون الإبل، فهل أقدمت على اتخاذ إجراءات علاجية ووقائية؟

نعم، إنها تعلم كل شيء. لكن للأسف رئيس مصالح الطب البيطري لا يريد التعامل معنا. ونحن نستغرب إقصاء مَنْ اكتشف الداء، إذ لم يتصل بنا أحد، في حين أنّ مصالحهم المختصة تجري تحقيقات ميدانية في الخفاء. 

وفوق كل هذا، وبَّخونا بسبب تعاوننا مع الإيطاليين أثناء البحوث الدقيقة التي أجريناها بتفان ومهنية علمية فائقة. أخص بالذكر اللوم الذي تعرض له صديقي شريك العمل البحثي، الطبيب البيطري بعيسى بابلحاج. لكن، والشيء بالشيء يذكر، فقد هنّأتنا على البحث، المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي.

جمال في ورقلة تأكل من القمامة
جمال في ورقلة تأكل من القمامة
  • ما هي المراحل القادمة لتأكيد اكتشافكم لجنون الإبل؟

نحن مع اتصال بمعهد الصحة البيطرية بروما، تحت قيادة الدكتور غابريالي فيكاري، لتشريح الداء من كل النواحي، كدراسة التنوع الجِيني لدى الإبل. وأُشرف شخصيًا على بحثين لطالبتي دكتوراه في ذات الشأن. نأمل التوصل لنتائج تريحنا وتريح الإبل.

  • هل تتصور أن تُقدم الجزائر على نحر كل الإبل من باب الوقاية، كما فعلت السلطات البريطانية بقتل أربعة ملايين من الماشية في التسعينات، درءًا للداء؟

أستبعد ذلك، فلحسن الحظ أن المرض محصور فقط في ورقلة، ولم نتلمسه في مناطق أخرى.

حتى الآن مرض جنون الإبل محصور في مدينة ورقلة الجزائرية، ونسبة إصابة الإنسان به 3%، لكن قد تتسع دائرة الخطر مع الوقت

 

  • هل هناك  أخطار تتربص بمستهلكي لحوم الإبل وحليبها؟

لا يمكننا الجزم بذلك الآن. لكن الاحتراز لن يضر الإنسان. الخطر صفر لا يوجد، على كل حال من الأحوال. أقولها لك، حدَّدنا نسبة الإصابة بجنون الإبل بـ3%.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 من الجمل إلى الجَمال ومن الناقة إلى الأناقة

"ورقلة" الجزائرية.. قبلة العاطلين عن العمل