20-فبراير-2019

عبد الحميد بن هدوقة (فيسبوك)

ألترا صوت – فريق التحرير

ما يميّز الرّواية في الجزائر، أنّ الفارق الزّمنيّ بين أوّل رواية مكتوبة باللغة الفرنسيّة، رواية "الخيّال" لمحمد بن شريف عام 1920، وأوّل رواية مكتوبة باللغة العربية، رواية "ريح الجنوب" لعبد الحميد بن هدوقة عام 1971، تجاوز نصف قرن. بين الرّوايتين نشر بالفرنسيّة محمد ولد الشيخ رواية "مريم بين النخيل" عام 1938، ونشر محمّد ديب رواية "الدّار الكبيرة" عام 1952، ونشر كاتب ياسين رواية "نجمة" عام 1956، ونشرت آسيا جبّار رواية "العطش" عام 1957.

استطاعت الرواية، في المشهد الجزائريّ، خلال العقدين الأخيرين، أن تهيمن على مساحات النّقد

ظلّت اللّغة المستعملة في الكتابة الرّوائيّة واحدة من المعايير المعتمدة في تقسيم الخارطة السّرديّة الجزائريّة، إلى جانب اعتماد عنصر الجيل، فيقال جيل السبعينات وجيل الثمانينات وجيل التّسعينات، مضافة إليها معايير أخرى، مثل رواية الدّاخل ورواية المهجر، والرواية النّسائية والرواية الرجالية، ورواية الشباب ورواية الشيوخ.

اقرأ/ي أيضًا: "اختلاط المواسم" لبشير مفتي.. الرواية وسيكولوجيا الشر

استطاعت الرواية، في المشهد الجزائريّ، خلال العقدين الأخيرين، أن تهيمن على مساحات النّقد والدّراسات الجامعيّة والترجمة والجوائز والنّشر والقراءة. إذ بات من النّادر أن نجد دراسة أو جائزة شعريّة أو نجد ناشرًا ينشر خارج الرّواية من غير أن يطلب مساهمة مالية من الكاتب، ممّا كان سببًا في ما يُمكن أن نسمّيه نزوحًا سرديًّا جماعيًّا خارج الدّواعي الفنّية.

يأتي الملتقى الدّولي عبد الحميد بن هدوقة للرّواية، في طليعة الملتقيات المتخصّصة في الدّراسات الروائيّة. تنظّمه وزارة الثقافة في ولاية برج بوعريريج مسقط رأس الكاتب عام 1925 بالتّعاون مع جامعتها، وتشرف عليه لجنة علميّة تضمّ نخبة من الأكاديميين وفق ثيمة تتجدّد في كلّ دورة، "وقد اخترنا ثيمة "الرّواية والأنساق الثقافية" لهذا العام، حتّى نرصد كيف استطاعت الرّواية أن تتماشى مع السّياقات المشكلة للوعي والخطاب"، يقول منسق الملتقى الأكاديميّ محمّد بوكرّاس.

إنّ الرّواية، يضيف محدّث "الترا صوت"، ليست مجرّد رقعة سرديّة تقدّم أحداثًا وأحاديث بمعمار معيّن فقط، بل هي أيضًا خطاب جماليّ وفكريّ وفلسفي أيضًا. وهي بهذا ثمرة لجملة من التأثرات والتّاثيرات وفق أنساق ثقافيّة يحاول أكثر من عشرين متخصّصًا من الجزائر وخارجها أن يرصدوها ويقاربوها.

 ليست الرواية مجرّد رقعة سرديّة تقدّم أحداثًا وأحاديث بمعمار معيّن فقط، بل هي أيضًا خطاب جماليّ وفكريّ وفلسفي

من المداخلات المبرمجة "تجلّيات النّسق الكولونيالي في الرّواية الجزائرية" لصالح علواني من تونس، و"النّزعة الإنسانيّة في النّسق الثقافي المضمر" لنزهة لغماري من المغرب، و"الأنساق الثقافية في الرّواية الجزائريّة المكتوبة باللّغة الفرنسية" لحمزة بوضرسة، و"التمثلات الثقافية لصورة الأمّ في الرّواية العربية" لطانية خطّاب" من الجزائر.

اقرأ/ي أيضًا: اختلاق الصحراء في رواية "الأميرة المورسكية" لمحمد ديب

ما يُعاب على هذه المحافل الغارقة في أكاديميتها انغلاقها على المتون، التّي يتمّ اختيارها للدّراسة في العادة انطلاقًا من حسابات شخصيّة وشللية، بمعزل عن التحوّلات المميّزة للمشهد الإبداعيّ، وما تفرزه من ظواهر تتعلّق بالقراءة والكتابة، بما يضعنا أمام أسئلة موضوعيّة منها: متى تشعّ المنصّة الأكاديميّة خارج أسوار الجامعة؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

"جدل الثقافة".. النقد في مواجهة أسئلة الكولونيالية وما بعدها

ملامح المثقف الجزائري في زمن مضى