19-ديسمبر-2022
سيارات فيات الإيطالية (الصورة: يوتيبوب)

سيارات فيات الإيطالية (الصورة: يوتيبوب)

شهد شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، العديد من القرارات المتخذة من طرف الحكومة، بخصوص ملف السيارات، توحي ببداية انفراج الأزمة التي دامت أربع سنوات تقريبًا، فالبداية كانت بصدور دفتري شروط الاستيراد والتصنيع، اللذان طال انتظارهما، واستغرق العمل عليهما قرابة السنة، وتحديدًا بداية من 5 ديسمبر/ كانون الأول 2021، حينما أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بالمسارعة في الإفراج عن رخص استيراد السيارات، بعد مراجعة دقيقة لمضمون دفتر الشروط.

تنتظر الوكلاء سبع خطوات جديدة قبل وصول أوّل سيارة للسوق الجزائرية

كما أعلنت وزارة الصناعة نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني عن تنصيب اللجان التقنية المكلفة بدراسة الملفات، سواءً تلك الخاصة بالاستيراد أو التصنيع، وفتح الأرضية الرقمية لإيداع الطلبات من طرف وكلاء السيارات، الذين تهافتوا بقوة على إيداع ملفاتهم إلكترونيًا منذ الدقيقة  الأولى لتدشين الأرضية.

وتنتظر الوكلاء سبع خطوات جديدة قبل وصول أوّل سيارة للسوق الجزائرية، وهي تحديد موعد لأصحاب الملفات الإلكترونية للقدوم إلى وزارة الصناعة وإيداع الملف بشكلٍ رسمي وملموس، ثم بعدها الانتظار لشهر كامل قبل نيل القبول أو الرفض بالنسبة للرخصة المسبقة، وسيسبق هذه الخطوة صدور أسماء أعضاء اللجنة التقنية في الجريدة الرسمية، ثم بعد ذلك إيداع الملف رسميًا لنيل الاعتماد والانتظار شهرًا للرد على الوكلاء بالسلب أو الإيجاب، وبعد نيل الاعتماد يتم تقديم الطلبية للمصنع ومباشرة إجراءات التوطين البنكي، لتصل السيارات في مدة زمنية متفاوتة، حسب المسافة بين البلد المورد والجزائر.

وستتوسط هذه الإجراءات زيارات ميدانية لممثلي الصناعة لمعاينة منشآت الوكلاء ومدى التزامهم بالاجراءات القانونية التي فرضها دفتر الشروط الجديد.ووفق ما ينص عليه دفتر الشروط الصادر مؤخرًا، فإن مدة تسليم السيارة للزبون من طرف الوكيل المعتمد يجب أن لا تزيد عن 45 يومًا، أمّا إذا دفع الزبون المبلغ كاملًا، فمدة التسليم يجب أن تقل عن أسبوع، وبذلك تتقلص آجال استلام المركبات للزبائن.

وحسب معلومات تحصلت عليها "الترا جزائر"، فإن اللجنة بدأت بدراسة أربع ملفات في مرحلة أولى من بينها ملفين خاصين باستيراد السيارات وملف خاص بالسيارات النفعية وآخر بالدراجات، وتستمر العملية بهذه الوتيرة لتشمل دراسة 16 ملفًا في الشهر فقط، حيث أن أمام اللجنة أكثر من 100 ملف.
وبناء على كافة الاجراءات المنتظرة، فالحصول اعتمادات استيراد السيارات يرتقب أن يكون خلال الثلاثي الأول لسنة 2023، في حين أن وصول السيارات إلى وكالات البيع سيكون خلال الثلاثي الثاني للسنة نفسها، غير أن جاهزية أول مركبة مصنعة محليًا لدى العلامة "فيات" سيكون نهاية السنة المقبلة، وفقًا للعقد الموقع بين مجمع "ستيلانتيس" والسلطات الجزائرية.

الخطوات المنتظرة 
إلى هنا، يقول رئيس تجمع الميكانيك عادل بن ساسي في تصريح لـ "الترا جزائر" إن الخطوات المتخذة من طرف الحكومة لغاية اليوم تثبت بداية انفراج الأزمة واقتراب موعد وصول أول سيارة سواء مصنعة محليًا أو مستوردة من الخارج، ويشدد المتحدث أنه "لا يمكن الجزم اليوم بموعد دقيق حول تاريخ وصول أول سيارة إلا أن الأمر لن يستغرق الكثير من الوقت، ولن يتجاوز سنة 2023، فالمركبات بترقيم سنة 2023 ستغزو الطرقات الجزائرية قريبًا".
ويثمن بن ساسي مضمون دفتر الشروط الجديد والذي يحمل العديد من المواد التي تحمي المستهلك بالدرجة الأولى، وتراقب نشاط الوكيل وتمنع أية تجاوزات من شأنها رهن مصلحة الزبون لمنع تكرار أخطاء الماضي، حيث كان الباعة غير الشرعيين يستحوذون على السوق ويقتنون أغلب المركبات المستوردة من الوكيل ويلهبون أسعارها بعد ذلك في السوق، في حين أن دفتر الشروط الجديد اليوم يسمح لكل مواطن باقتناء سيارة واحدة كل خمس سنوات.
وبخصوص دفتر شروط التصنيع، يصفه بن ساسي بالمحفز الذي يحمل العديد من المزايا والمؤشرات الإيجابية التي توحي باقتراب موعد انتهاء أزمة السيارات في الجزائر، وعدم تكرار سيناريو "نفخ العجلات"، مشددًا على أن التجربة الجديدة للتصنيع، خاصة فيما يتعلق بطريقة احتساب نسبة الإدماج مشابهة لحد بعيد إلى تلك المعتمدة في مجال تصنيع المنتجات الصيدلانية والتي حققت نتائج ممتازة اليوم.
ويختم بن ساسي حديثه قائلًا: "اعتماد السلطات الجزائرية لنفس نهج الصناعة الصيدلانية في قطاع السيارات يبشر بنجاح هذه الخطوة مستقبلًا، خاصة وأنها تشجع المناولين المحليين إلى حد بعيد".

انتعاش المناولة

بمجرد الإعلان عن عودة نشاط تركيب وتصنيع السيارات، والإفراج عن دفتر شروط جديد لتأطير هذا الفرع الاستراتيجي، وتوقيع السلطات الجزائرية على عقود جديدة مع المتعاملين ويتعلق الأمر بالدرجة الأولى بالمتعامل "فيات"، سارع ناشطون في مجال المناولة الخاصة بقطاع الميكانيك للعودة بقوة إلى السوق، عبر استئناف الإنتاج ومزاولة النشاط الذي شهد توقفا خلال السنوات الماضية.
وبصفته أحد مصنعي مستلزمات تركيب السيارات ويتعلق الأمر بالعجلات، يكشف المدير العام لمجمع "إيريس" جمال قيدوم عن التحضير لرفع الطاقة الإنتاجية لمصنع العجلات "إيريس" بولاية سطيف إلى أربعة ملايين عجلة بدل مليوني إطار، من خلال مضاعفة الطاقة الانتاجية بنسبة 50 بالمائة.

إلى هنا، يقول قيدوم في حديث إلى "الترا جزائر"، أن الانتاج سيشمل أيضًا ولأول مرة إطارات الشاحنات والحافلات والمركبات ذات الوزن الثقيل، وذلك تزامنًا مع عودة نشاط التركيب واستئناف تصنيع السيارات في الجزائر بعد أربع سنوات من التعليق.

ويؤكد المتحدث أن جزء من هذه العجلات سيوجه أيضًا للتصدير، فمجمع "إيريس" ينتج محليًا ويصدر المنتجات الجزائرية للخارج، لدول عديدة، على غرار ألمانيا والولايات المتحدة الأميركية ودول عربية أخرى، ولا يكتفي بتزويد المصانع المحلية.

البنوك تفاوض لتمويل السيارات

من جهتها باشرت البنوك العمومية والخاصة، وحتى قبل بدء الإنتاج أو الاستيراد، مفاوضات لاقتناء السيارات المركبة محليًا وإعادة بيعها للزبائن، وهو ما يكشف عن المدير العام لمصرف "السلام" بالجزائر ناصر حيدر، الذي يؤكد أن البنك الذي يمثله سيقتني مخزونًا من السيارات ويعيد بيعه للزبائن مقابل هامش ربح معين، ووفق صيغ مطابقة للشريعة الإسلامية، إلا أن الأمر يتعلق فقط بالسيارات المنتجة محليًا ويستثني السيارات المستوردة من الخارج، وهو ما يتيحه المرسوم المؤطر للقرض الاستهلاكي.

من جهته يكشف البنك الوطني الجزائري عبر موقعه الإلكتروني وفقًا لما عاينته "الترا جزائر" عن تمويلات للزبائن في مجال السيارات تصل 85 بالمائة من قيمة السيارة، وهذا بمجرد توفرها للبيع قريبًا، بعد صدور أول المركبات عن مصانع السيارات المحلية.

يذكر أن عددًا من وكلاء السيارات المعروفين بخبرتهم في مجال الاستيراد، نبهوا في وقت سابق إلى تأثير بعض المواد في دفتر الشروط الجديد على أسعار السيارات الجديدة بشكل مباشر.

مجموع الرسوم المفروضة على استيراد السيارات يبلغ 51% يضاف إليها تكاليف الضمان ونفقات الإيجار والسيارات البديلة وموزعو السيارات المعتمدون

وسجّل عدد من الوكلاء ممن تواصلت معهم "الترا جزائر"، عددًا من الملاحظات والتحفظات على بعض المواد الواردة في دفتر الشروط الجديد، معتبرين أنهم إذا تمسّكوا بجميع هذه الشروط كما هي منصوصة حرفيًا به، فإن ذلك سيؤثّر كثيرًا في السعر النهائي للسيارة.