11-ديسمبر-2021

صورة من أحد أحياء الحراش بالعاصمة (تصوير: جولي روبين/أ.ف.ب)

 

ينتظر الجزائريون من المسؤولين المحلّيين في مختلف البلديات الجزائرية تنفيذ الوعود التي أطلقوها خلال الحملة الانتخابية للاستحقاقات المحلية الأخيرة، التي جرت في الـ27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إذ ذكر البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنهم لا يريدون تعبيد الطرقات، وتزيين ساحات المدن فقط، بل يتطلّعون للحصول على سكن لائق بعد سنوات انتِظار، وتوفير الخدمات الصحيّة وتزويد المدارس بوسائل النّقل والتّدفئة.

في منطقة القصبة السُّفلى بالحيّ العتيق بالعاصمة الجزائرية، لازالت قضية الترحيل غير المكتملة تراوح مكانها بعد طرد العشرات من العائلات للشارع

في منطقة القصبة السُّفلى بالحيّ العتيق بالعاصمة الجزائرية، لازالت قضية الترحيل غير المكتملة تراوح مكانها بعد طرد العشرات من العائلات للشارع، وعادت للواجِهة قبيل سويعات فقط من افتتاح التّصويت الانتِخابي الأخير، إذ برزت القضيّة بعد الانهيارات التي عرفتها عديد البِنايات القديمة في المنطقة الأثرية، تزامنًا مع تساقط الأمطار الغزيرة في البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: الأحزاب الفائزة في المحليات: لا "فيتو" على التحالفات

 

وتم رفع ملف قضية السكان المعنيين إلى وزير السّكن والوزير الأوّل أيمن بن عبد الرّحمان، إذ ترجع حسب نائب حركة مجتمع السلم عز الدين زحوف إلى سنة 2014، حيث كانت سكناتهم ضمن تصنيف الخانة الحمراء، وتمّت برمجة ترحيلهم باعتبارهم ملّاك لتلك السّكنات في الحي القديم منذ سبع سنوات مضت، غير أن الذي حدث كان عكس انتظاراتهم بعد إخلاء سكناتهم بالقوّة العمومية وغلقها، ليجِدوا أنفسهم في الشّارع.

وذكر النّائب زحّوف في تصريح لـ "الترا جزائر" أن القضية تستحقّ فتح تحقيق على مستوى بلدية "القصبة"، لأنّ قرار الطّرد "تعسفي بسبب التّلاعبات التي جَرت في ملفّات الترحيل".

وتساءل زحّوف: "كيف لمالكين لسكنات في الحيّ العتيق منذ سنوات طويلة، غير أنهم لم يحضوا بمقررات الاستفادة من سكن أثناء عمليات التّرحيل السّابقة، لافتًا إلى أن "عملية ترحيلهم كانت مبرمجة قبل سبعة أعوام".

هذا وقبل الحملة الانتخابية، أقدمت مصالح بلدية القصبة على ترحيل 400 عائلة من سكنات الحي القديم، بعد انتهاء عملية الخبرة والتحقيقات حول المستفيدين من العملية باشرتها البلدية في المجلِس البلدي المنبثق عن انتخابات 2012.

في هذه المنطقة التي تعتبر أهمّ قطعة تاريخية في عاصمة الجزائر البيضاء، سجّلت المصالح البلدية أزيد من 1816 بناية أو كما يطلق عليها اسم "الدويرات" أي تصغير لدار، مصنفة في الخانة الحمراء بعد تضررها من تصدعات وانهيارات جزئية خصوصًا في فصل الشتاء.

الملاحظ من خلال هذه العيّنة التي تغطّي العشرات من الأمثلة من المواطنين في العديد من بلديات الوطن، لحالات تعاني من "إرث اسمه لجان توزيع السكنات وتأجيل ملفات يعود عمرها لعشر سنوات سابقة"، ما يعني أن الانتقال إلى حلّ ملفات جديدة برسم العهدة المحلية الحالية سيكون محفوفًا بإرث ينتقل من عهدة لأخرى، وربما لن ينتهي بانتهاء العهدة المترتّبة عن الاستحقاقات الأخيرة.

يظلّ ملفّ الترحيل وتوزيع السّكنات صداعًا في كل البلديات وهو عقدة لا يمكن فكّها، رغم أن الجزائر كلّ سنة تعلن عن توزيع السّكنات الجديدة بالآلاف إلا أنّ المشكلة تتعاظم وتكبر مثل كرة الثّلج.

مشاريع عالقة

في هذا السياق، يتحدّث المرشّح السابق للانتخابات البرلمانية ثم المحلية بلقاسم عجاج، عن تكديس للقضايا على مستوى البلديات دون استثناء مسألة جوهرية تعاني منها كل المجالس المحلية، إذ يرى أنّ كل مسؤول في بلدية معيّنة يترك وراءه كمًّا هائل من الملفات العالقة، والشّكاوي التي تنتظر الحلّ لفترات سابقة.

وأضاف عجاج في تصريح لـ "الترا جزائر"، أن هذه المسألة تحتاج للكثير من الإجراءات واتخاذ القرارات التي ليست بيد رئيس البلدية، بل تتداخل فيها عدّة صلاحيات، خصوصًا إن تعلّق الأمر بحاجة مُلحّة للمواطن للسّكن، لافتا إلى أن التّرحيل ليس نهاية المشكِلة، إذ تشتكي العائلات المعنِية بالتّرحيل كمثال عن نقص الضّرورات المعيشية كالتزوّد بالغاز الطّبيعي وتعبيد الطرقات المؤدّية للأحياء السكنية الجديدة.

ويعني ما سبق ذكره كما قال المتحدّث، إنّنا نعيش كمواطنين ومجتمع محلي مشكلات بالتّقادم، وحلول تنتظر المستقبل، مقترحًا أن يوضع قانون يفرض على المجالس المنتخبة تقديم حصيلة سنوية منشورة للرأي العام، حتى يتم تقييم سنوي للتحدّيات التي واجهت المجلس من جهة وطرح الانشغالات التي تهمّ المواطن، فضلًا عن متابعة المشروعات التي سيتمّ إنجازها في السنة الجديدة.

مشكلة مستمرّة

إضافة للسّكن، أغلب بلديات الجزائر ورَثت وضعية "كارثية متراكِمة من العهدات السابقة"، في علاقة بالبنى التحتيّة وخدمات الصحة والتعليم وتجهيز الطرقات، وهي الوضعية التي ترثها المجالس المنتخبة لكن لا تملك في يدها عصا سحرية للحلّ.

كما يُرجِع مسؤولون هذه الوضعية إلى محدودية الصّلاحيات المعطاة للمسؤولين المحليين، إذ جعلت من أعضاء المجالِس المنتخبة يُطالبون بتوسيعها ومنحِهم صلاحيات أكبر وأجْدى في مُقابل صلاحيات الإدارة، نحو تمكينهم من المصادقة على المبادرات وتنفيذها أيضًا والاستجابة لتطلّعات المواطنين.

في سياق ذي صلة، يتحدّث الأستاذ في العلوم السياسية عبد الله قمّاس من جامعة قسنطينة أنّ معضِلة المجالِس المنتخَبة في القوانين التي تسيّرها في مقابل صلاحيات الوالي ورئيس الدّائرة.

عبد الله قماس: بعض أعضاء المجالس المحلية الجدد حديثي العهد بالتّسيير وإدارة الشّأن العام، سيُواجهون متاعِب خاصّ

وأضاف الأستاذ قمّاس لـ"الترا جزائر" أن هذه البلديات ستعرف ظروفًا صعبة كانت مؤقّتة في العهدات السّابقة لتصبح دائمة مع مرور الزّمن، لافِتًا إلى أن بعض أعضاء المجالس المحلية الجدد حديثي العهد بالتّسيير وإدارة الشّأن العام، سيُواجهون متاعِب خاصّة بالنّسبة لمن لم يتكوّنوا في أحزاب سياسية ولم تكن لهم حاضِنة سياسية وإدارة تسيير الشّؤون العامة للمواطن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"العروشية" والعصبية القبلية.. دروس من الانتخابات المحلية

"التدافع السياسي" في الجزائر.. ما هي برامج المنتخبين؟