17-مارس-2017

صورة من الانتخابات الرئاسية السابقة في الجزائر (فاروق بطيشي/أ.ف.ب/Getty)

تسارعت الأحداث داخل الأحزاب السياسية في الجزائر بعد الإفراج عن قوائم الترشح للانتخابات التشريعية الجزائرية المقررة يوم 4 آيار/ مايو المقبل.

ظهرت بعض الانحرافات داخل الأحزاب الجزائرية مثل تقديم رشاوى من أجل الظفر بمرتبة في القوائم التي ستقدم عبر الدوائر الانتخابية

أزيد من شهر وعملية جمع القوائم تزداد تسارعًا كلما اقترب موعد انتهاء المهلة المحددة من طرف وزارة الداخلية الجزائرية، لتظهر بعض الانحرافات داخل الأحزاب مثل تقديم رشاوى من أجل الظفر بمرتبة في القوائم التي ستقدم عبر الدوائر الانتخابية.

اقرأ/ي أيضًا: القوائم الانتخابية في الجزائر.. لمن يدفع أكثر

وأبرز قضايا الرشاوى الانتخابية هذه هو ما شهده أكبر الأحزاب السياسية في الجزائرية (جبهة التحرير الوطني، حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة) وبقيادة الأمين العام الدكتور جمال ولد عباس، حيث استدعت مصالح الأمن ثلاثة من قيادات الحزب "لمساءلتهم في قضية رشاوى وعمولات تخص مرشحين للانتخابات البرلمانية القادمة" بحسب ما سُرب للصحافة الجزائرية، حيث ذكرت مصادر أمنية أن جهاز الأمن الداخلي يتابع القضية التي يشتبه تورط ثلاثة أسماء ثقيلة في اللجنة المركزية للحزب فيها من بينهم نائبان في البرلمان الحالي.

وبحسب مصادر أمنية، فإن الجهات الأمنية لم توجه أي تهمة للمعنيين وتم إحالة الملف إلى العدالة للنظر والبت في القضية، حتى انتهاء عهدة الحصانة البرلمانية للمتورطين الذين وجدت عندهم مبالغ مالية تفوق الـ15 ألف دولارًا أمريكيًا، وهو ما يعني بحسب المتتبعين أن القضية ستجرف معها عددًا من الأسماء المحسوبة على جهات في الحزب الحاكم، خصوصًا وأن حرب كبرى شنتها أطراف لها وزن ثقيل في دواليب الحزب العتيد من أجل فرض أسماء بالقوة في القوائم الانتخابية، وخاصة في المدن الداخلية التي يعلو فيها صوت المال وصوت الولاءات على صوت الكفاءات.

من جانبه لم يعلق الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني على القضية في أحد ندواته الصحفية، حيث اكتفى بالقول إنه "يثق في العدالة الجزائرية وإن ثبت إدانة المعنيين سيتم معاقبتهم"، وهو ما يعني أن القضية خيوطها متشعبة، بحسب المتتبع لشؤون الحزب، الإعلامي "نوار بلغيموز"، في تصريح لـ"الترا صوت"، مشيرًا إلى أن القضية تتعلق باسمين ثقيلين في اللجنة المركزية لأكبر حزب سياسي في الجزائر، وستضرب مصداقيته لدى الرأي العام الجزائري.

أوقعت الخلافات حول ترتيب القوائم الانتخابية صراعات داخل الحزب الجزائري الحاكم وصلت إلى حدوث اشتباكات بالأسلحة البيضاء

لقد خرجت رائحة الرشاوى من أجل القوائم في الحزب العتيد في عدد من المدن الجزائرية، كما أوقعت هذه القوائم تجاوزات وصراعات بالأسلحة البيضاء واشتباكات عنيفة بين كوادر الحزب العتيد من أجل تصدر القوائم الانتخابية مثلما حدث في مدينة تيارت غربي العاصمة الجزائرية، الذي أدى إلى مقتل شخص وجرح سبعة آخرين بين كوادر جبهة التحرير الوطني، حيث اندلعت هذه المواجهات بسبب الإفراج عن قائمة الحزب في الولاية وهي القائمة التي أحدثت غضبًا شديدًا في صفوف أعضاء الحزب.

اقرأ/ي أيضًا: المال السياسي بعبع الانتخابات البرلمانية الجزائرية

واجهت قوائم حزب جبهة التحرير المنتظر دخولها المنافسة في الانتخابات المقبلة، موجة غضب شديدة من طرف مناضلي الحزب، حيث تسببت في استقالات بالجملة لكوادر الحزب ونزيف حاد من مناضليه ورفض البعض المشاركة في الحملة الانتخابية، حيث اعتبر المتتبعون للشأن السياسي أن جبهة التحرير الوطني تشهد مرحلة ضعف صعبة، خصوصًا وهي مقبلة على منافسة شرسة من عديد الأحزاب السياسية الأخرى في أهم موعد سياسي تشهده الجزائر قريبًا، وخصوصًا من منافسين يريدون الظفر بمقاعد أكثر في العهدة البرلمانية المقبلة مثل حزب التجمع الديمقراطي وأحزاب التحالف الإسلامي، وذلك في رأي الأستاذ في العلوم السياسية محمد نجاري في تصريح لـ"الترا صوت".

"عدوى الدفع من أجل الوصول إلى الكرسي انتقلت بين الأحزاب السياسية وصارت اللعبة مكشوفة"، يضيف الأستاذ نجاري، حيث توسعت دائرة الدفع من أجل مرتبة في قائمة حزبية في عديد الأحزاب السياسية التي وضعت قوائمها في مزاد يتقدم فيها من يملكون المال، وليس الكفاءة والمشاريع السياسية، موضحًا أن العراك الذي طفح للسطح في بعض الأحزاب لم يقتصر على كبرى الأحزاب، ولكن حتى في الأحزاب الأصغر كان واضحًا بعد أن استشرت سيطرة المال في ضبط القوائم، لتحقيق أطماع الطامحين لكرسي البرلمان ما تسبب في بروز ممارسات في عديد الأحزاب من أجل استقطاب أسماء وأوزان ثقيلة في مجال المال والأعمال من أجل المنافسة البرلمانية، يوضح المتحدث.

وفي الأخير يتوقع الكثيرون أن الانتخابات البرلمانية في الجزائر ستبرز مدى تغلغل المال والنفوذ في المشهد السياسي، بعد ترشح مجموعة كبيرة من رجال الأعمال وتصدرهم القوائم الانتخابية فضلًا عن ترشح ثمانية وزراء من حكومة رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال على رؤوس قوائم انتخابية، ستة من حزب جبهة التحرير الوطني واثنان من حزب التجمع الوطني الديمقراطي.

اقرأ/ي أيضًا: 

الجزائر..الانتخابات البرلمانية تبدأ من الفيسبوك