23-ديسمبر-2019

قايد صالح، قائد أركان الجيش (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

بعد 11 يومًا فقط من إجراء الانتخابات الرئاسية، يفارق قائد أكان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح الحياة، بعدما صنع جدلًا كبيرًا بخطاباته منذ بداية الحراك الشعبي في 22 شبّاط/فيفري الماضي، فمن هو هذا الرجل الذي طالما أشارت تقارير إعلامية له بصاحب السلطة الفعلية في البلاد؟

 تختلف الآراء حول مساهمة قايد صالح في وقف المسار الانتخابي في فترة التسعينات

ولد أحمد قايد صالح في 13 كانون الثاني/جانفي من عام 1940 بمنطقة عين ياقوت بولاية باتنة شرق الجزائر، أي قبل 14 سنة من اندلاع الثورة التحريرية ضدّ الاستعمار الفرنسي، لكن ذلك لم يمنعه من الالتحاق بها عام 1957، ليتدرّج  بعدها في الرتب سريعًا من قائد كتيبة إلى رئيس للفيالق 21 و29 و39 لجيش التحرير، الجناح العسكري لجبهة التحرير الوطني.

عقب استقلال الجزائر في 5 حزيران/جويلية 1962، خاض قايد صالح ميدان التكوين بالجيش، وواصل ذلك إلى غاية مشاركته في حرب الاستنزاف ضدّ الاحتلال الإسرائيلي في مصر عام 1968.

وكغيره من القادة العسكريين في الجيش الجزائري، التحق بالتكوين في الاتحاد السوفياتي بخضوعه لدورات هناك بين 1969 و1971 ، ليعود من هناك بشهادة تأهيلية من أكاديمية "فيستريل" الروسية.

هذا التكوين سمح للمجاهد السابق أن يحظى بعدة مناصب في الجيش من قائد لكتيبة مدفعية، إلى قائد للقطاع العملياتي الأوسط بالناحية العسكرية الثالثة، وأيضًا قائدًا لمدرسة تكوين ضباط الاحتياط بالناحية العسكرية الأولى.

واصل الراحل تدرّجه في مختلف رتب الجيش، ليتقلّد في بداية الثمانينات منصب قائدٍ للقطاع العملياتي الجنوبي بالناحية العسكرية الثالثة بالجنوب الجزائري، ثم نائبًا لقائد الناحية العسكرية الخامسة، فقائدًا للناحية العسكرية الثالثة، وبعدها قائدًا للناحية العسكرية الثانية.

وفي التسعينات، تختلف الآراء حول مدى مساهمته في وقف المسار الانتخابي، بالنظر إلى أن القرار كان بيد كل من الجنرالات توفيق وخالد نزال والراحل العربي بلخير، لكنه في 1993، رقي خلال احتفالات عيد الاستقلال إلى رتبة لواء.

عُيّن قايد صالح بعدها بسنة قائدًا للقوّات البريّة، وهي أبرز القوّات في الجيش الجزائري، بالنظر إلى أنها الطريق نحو قيادة الأركان، وهو ما كان في آب/أوت 2004 لما عينه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة رئيسًا لأركان الجيش الوطني الشعبي، بعد خلافه مع الراحل الفريق محمد العماري الذي أنهيت مهامه من هذا المنصب. وبعد عامين من ذلك، قلّد عبد العزيز بوتفليقة، قايد صالح رتبة "الفريق"، وهي أعلى رتبة تمنح في الجيش الجزائري.

ظلّ حبل الودّ بين الرجلين مستمرًا، ما جعله يعيّن في 11 أيلول/سبتمبر 2013 في منصب جديد يتمثل في نائب وزير الدفاع الوطني، الأمر الذي مكّن من ارتفاع أسهم نفوذه وتأثيره في صنع القرار في بلد ظلّ إلى اليوم  يحتكم إلى تأثير المؤسّسة العسكرية في صناعة سياسته الداخلية والخارجية.

وبدا واضحًا خلال العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، أن البلاد صارت تحت تسيير جناحين؛ هما السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق ورئيس الأركان أحمد قايد صالح، يختلفان تارة ويتفقان تارة أخرى، غير أنه يبدو من تصريحات الرجل الذي رحل اليوم، أن الجفاء بدأ بينهما عام 2015.

ظلّ هذا الخلاف قائمًا داخل أسوار السلطة، ولم يظهر إلا بعد انطلاق حراك 22 شباط/فيفري الماضي، حينما تخلّى قايد صالح عن بوتفليقة بعد استمرار الاحتجاجات المطالبة بإسقاط الولاية الخامسة، ليصبح بعد استقالة الرئيس السابق الرجل الواجهة للسلطة الحالية في البلاد التي أقرّت انتخابات 12 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، وأجرتها رغم رفضها من طرف جزءٍ واسع من الجزائريين.

رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قلّد قائد الأركان قايد صالح وسامًا صدر أثناء حفل أداء اليمين الدستورية

برحيل قايد صالح الذي تقلّد عدة أوسمة، منها وسام جيش التحرير الوطني ووسام الجيش الوطني الشعبي ووسام الاستحقاق العسكري ووسام الشرف، ومؤخرًا وسام صدر في حفل تنصيب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يبقى الحكم على ما قدّمه خاصّة في الأشهر الأخيرة محلّ جدل في الشارع الجزائري.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قايد صالح يصّعد من لهجة خطابه.. إنه آخر تحذير

قايد صالح يأمر بحجز مركبات تنقل متظاهرين إلى العاصمة