08-مايو-2019

مظاهرات ضد ما دعا إليه بن صالح في خطابه الثاني (العربي الجديد)

للمرة الثانية، ترفض القوى السياسية الحوار مع رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، معبرةً عن رفضها أيضًا للحوار مع الحكومة التي يقودها الوزير الأول نور الدين بدوي.

للمرة الثانية ترفض القوى السياسية الجزائرية الحوار مع رئيس الدولة المؤقت عبدالقادر بن صالح أو رئيس الحكومة نور الدين بدوي

وجاء رد الأحزاب السياسية المعارضة في الجزائر على دعوة بن صالح، عشية شهر رمضان، التي جدد فيها تمسكه بإجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في موعدها المحدد، في الرابع من تموز/يوليو المقبل، متعهدًا بتوفير الظروف والشروط السياسية والتقنية لإجرائها، بما فيها إنشاء هيئة عليا مستقلة تتولى تنظيم ومراقبة الانتخابات بالتوافق مع القوى السياسية والمدنية والشخصيات المستقلة.

اقرأ/ي أيضًا: التخويف والاستجداء والعند.. أبرز ما جاء في الخطاب الثاني لبن صالح

فاقدة للشرعية

من جانبه أكد رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، رفض الحركة إجراء الانتخابات الرئاسية "بنفس الأدوات وبنفس الأشخاص المتسببين في الأزمة السياسية الجزائرية"، على حد قوله.

وقال مقري في تصريح لـ"الترا الجزائر": "تتم الانتخابات إذا توفرت الشروط السياسية اللازمة وأهمها رحيل رموز النظام البوتفليقي"، مؤكدًا التزام الحركة بمطالب الحراك الشعبي والتمثلة أساسًا في رحيل بقايا السلطة السياسية التي وصفها مقري بـ"الفاقدة للشرعية".

شهدت الجلسة الأولى للمشاورات غيابًا واضحًا لأغلبية القوى السياسية

ويبدو أن مواقف الفاعلين السياسيين في الجزائر، منسجمة مع موقف الشارع الجزائري ومطالب الحراك الشعبي باستقالة بن صالح وحكومة بدوي لحلحلة الأزمة، إذ عبّر رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، عن رفضه أي حوار مع بن صالح.

واعتبر سفيان أن الحوار مع بن صالح "انتحار حقيقي وإجهاض للحراك الشعبي ومطالبه. وأضاف في ندوة سياسية عقدها في مقر الحزب، أن "بن صالح وبدوي وجهان من أوجه النظام السابق، ومن رموز نظام بوتفليقة، وبالتالي فهما شريكان في الأزمة، ولن يكونا شريكان في الحل".

ولا تعترض القوى السياسة والمدنية ونشطاء الحراك الشعبي، على الحوار في حد ذاته، وإنما على الحوار مع من يعتبرونهم من "رموز نظام بوتفليقة". 

واعتبر النائب البرلماني عن حزب جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، أن إصرار بن صالح على الانتخابات في موعدها المحدد "مؤامرة على الشعب الجزائري الرافض لهذه الوجوه"، واصفًا خطاب بن صالح الثاني بأنه "فارغ، ويكشف عن تخبط في السلطة الحاكمة".

وأضاف بن خلاف في تصريح لـ"الترا الجزائر"، أن دعوة بن صالح "فرض للأمر الواقع، وهروب نحو الأمام بتغليب الخيار الأحادي، وصم الآذان عن أصوات الشعب الذي خرج ورفض الحكومة الحالية ورموز النظام البوتفليقي".

ولفت القيادي في جبهة العدالة والتنمية إلى ما اعتبرها محاولات بن صالح لـ"التلاعب بالشعب عبر تعبيرات مثل: قبول مطالب الشعب، في حين أنه يتجاوز المطلب الأهم المتمثل في رحيله هو شخصيًا"، معتبرًا أن الدعوة للحوار مرة ثانية "استفزاز علني بعد أن رفضت الأحزاب والشخصيات الوطني حضور الجولة الأولى من المشاورات السياسية".

انتخابات نظيفة بوجوه قديمة؟

على الأرض، تعرف الحالة السياسية في الجزائر غليانًا على عدة أصعدة، خصوصًا بين الأحزاب الموالية للسلطة، والتي باتت مستهدفة برفض الشعب، وعليه فإن قبولها المشاركة في الحوار الذي دعا إليه بن صالح، من شأنه ن يوسع الهوّة بينها وبين الشعب.

يطرح ذلك تساؤلًا حول كيفية إجراء انتخابات نزيهة متفق عليها، بوجوه قديمة محسوبة على نظام بوتفليقة؟ وهو السؤال الذي يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عبدالعالي حبيش، من أكثر الأسئلة حضورًا بين نشطاء الحراك الشعبي، خاصة بعد تسلم بن صالح الرئاسة المؤقتة وإعلانه الانتخابات في تموز/يوليو القادم.

وكان المتظاهرون قد رفعوا شعارات استنكارية مثل "سفينة جديدة بحطب قديم" و"جمهورية جديدة بوجوه فاسدة"، وغيرها من الشعارات واللافتات المعبرة عن الرفض الحاسم لإجراء انتخابات تشرف عليها وجوه محسوبة على بوتفليقة.

يتمسك الحراك الشعبي بمطالبه بشأن تنحي بن صالح وبدوي

وأشار حبيش إلى أن الرفض لبن صالح، بما فيه رفض القوى السياسية الدخول في الحوار الذي دعا له، بسبب كونه ليس فقط طرفًا محسوبًا على نظام بوتفليقة، وإنما أيضًا لأنه "عوّد الجزائريين على مدح بوتفليقة في خطبه البرلمانية، ومهاجمته للمعارضة السياسية".

سوابق بن صالح

كما أن لبن صالح سوابق تجعله موضع شك القوى السياسية، إذ أشرف على جولتين من المشاورات السياسية في 2012 و2014، لتمرير ما كان نظام بوتفليقة يصفه بـ"الإصلاحات"، والتي جاءت في نظر المعارضة السياسية إصلاحات شكلية، بل وتعزز تحصين النظم البوتفليقي.

لذا فإن "عدم تكرار نفس تجربة المشاورات التي يشرف عليها بن صالح، هي حجر الزاوية لدى المعارضة السياسية في الجزائر باعتباره أحد رموز نظام بوتفليقة، ولا يمكنها أن تذهب لطاولة الحوار لتلدغ مرة ثانية، وتشرب من نفس كأس الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر ومعها فتحت قضايا الفساد"، بحسب حديث أستاذ العلوم السياسية عبدالعالي حبيش.

يذكر أن بن صالح خالف في خطابه نتائج جلسة الحوار الأولى، والتي خلصت إلى تأجيل الانتخابات حتى تتوفر ظروف مناسبة لإجرائها

هذا وكان بن صالح قد أعلن في خطابه الثاني، يوم السادس من أيار/مايو 2019، أن تنظيم الانتخابات في موعدها المحدد، من شأنه أن "يخرج الجزائر من عدم الاستقرار السياسي والمؤسساتي"، وهو ما يخالف ما خلصت إليه الندوة الأولى للمشاورات السياسية التي نظمتها الرئاسة قبل أسبوعين بمشاركة عدد قليل من الأحزاب والشخصيات مدنية، إذ دعت الندوة إلى تأجيل الانتخابات حتى تتوفر ظروف مناسبة لإجراءها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

القبض على زعماء "العصابة" وخطاب بن صالح بلا ضمانات

غليان الشارع السياسي.. احتجاجات وإضرابات وقضايا فساد وانشقاقات داخل الأحزاب